طباعة هذه الصفحة

الصّناعي براح زايد يرصد مسار مرافقة الاستثمار في إفريقيا

توسيع التّجربة الجزائرية وتمكينها من النّفوذ خارج الأسواق التّقليدية

حاوره : نور الدين لعراجي

 الصّناعة الغذائية، البناء، الخدمات، ثلاثية النّجاح بالقارة السّمراء
نحو تنافسية في قطاع السكن واسترجاع البلاستيك لا يتعدى 5 بالمائة

أصبح التوجه نحو إفريقيا في الميدان الاقتصادي والاستثمار أكثر من ضروري، نظرا للإمكانيات الكبيرة التي تتوفر عليها دول القارة السمراء على مستوى الأسواق المفتوحة أو باعتبارها منطقة حرة للمنافسة، إلا أنها في مجالات عديدة كالخدمات والاستثمار في قطاعات تحويلية لم تصل بعد إلى درجة من الاستقلالية، مما يجعل الأسواق الإفريقية وجهة  للقوى الاقتصادية العالمية صار حتميا بعد المساعي التي بذلتها الدبلوماسية الجزائرية في تحقيق بعض التوازنات وسط هذا الفضاء. وقد سجّلت وتيرة فعالة للقاءات جمعت مسؤولين ومتعاملين جزائريين مع نظرائهم من إفريقيا، لتبعث العلاقة من جديد مع دول القارة، وكانت آخرها زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال إلى النيجر رفقة مجموعة من رجال الاعمال الجزائريين لنقل التجربة والاستثمار إلى أسواق  دول القارة السّمراء.
ويتناول هذا الحوار الذي أجرته «الشعب» مع رئيس مجمع «ديزاد» الصّناعي زايد براح نموذجا للمؤسّسة الناجحة التي بدأت بشعبة، وانتقلت إلى شعب أخرى وهي الآن تستعد إلى وضع تجربتها في ميدان العقار بإفريقيا.
❊ الشعب: هل يمكنكم وضعنا في الصّورة وتقديم رؤية مجمّعكم تجاه الاستثمار الوطني والخارجي؟
❊❊ براح زايد: يحتوي مجمّع «دي زاد» على أربعة شركات تشتغل في الحقل الاقتصادي الوطني، وكلّها تكمل بعضها البعض منها مؤسسة الترقية العقارية وتطوير العقار، إضافة إلى مؤسسة رسكلة البلاستيك ومؤسسة للسياحة والأسفار ومؤخرا توجه المجمع نحو الاستثمار والتصدير إلى إفريقيا في إطار السياسة الرشيدة التي اعتمدها رئيس الجمهورية في الولوج الى الاسواق الافريقية قصد خلق استثمار هناك وتوسيع التجربة الجزائرية القطاعية وتمكينها من النفوذ خارج الأسواق المألوفة في اطار البحث عن سياسة الاسواق الجديدة المفتوحة .
كل هذا جعل المجمّع يحتكم إلى الولوج داخل هذه الأسواق الافريقية في كل المجالات مع توفير المناخ المناسب لمرافقة المنتجين الجزائريين نحو إفريقيا والتعريف بالمنتوج الجزائري والتكنولوجيا المستعملة، هناك جانب قوي للاهتمام بالاستثمار والانفتاح على الصناعة خاصة ما تعلق بالصناعة الغذائية، حيث أصبح لديها فائض في هذه الشعبة.
❊ اخترتم الصّناعات التّحويلية ثم السياحة كقطاع حيوي والآن بصدد الانتقال إلى الاستثمار في إفريقيا في ما يخص السكن، هل هذا التحول قائم على دراسة مسبقة أم هو خيار وفقط؟
❊❊ في الحقيقة هو خيار استراتيجي تمخّض عن دراسة قام بها المجمّع لأن المؤسسات الأربعة مرتبطة ببعضها البعض، ومن ثمّة جاء التفكير في كيفية إيجاد مواد تدعّم البناء وطرق جديدة وبدائل غير مستعملة وليست مكلفة. اليوم نشتغل على مشروع يخص صناعة السكن، ولدينا دراسة سوف ترى النور قريبا، وهي تجربة سبق وأن قامت بها بعض الدول في إطار السكن الجاهز، أضفنا إليها خبرتنا في الشأن ذاته  تتعلق بمواد أولية في المجال، نحاول أن نصل إلى صناعة ستة 06 مساكن يوميا كمرحلة أولى بمواد جزائرية مائة بالمائة، هذا النموذج سيكون هنا بالجزائر في بداية الامر ثم نقوم بتعميمه في إفريقيا قريبا خلال شهر أكتوبر.
وبالنسبة للعلاقة بين القطاعات التي تبنّاها المجمّع في سياسته الجديدة، لا يخفى أنّ السياحة قطاع حيوي والترويج لها يبدأ من بناء المرافق ذات الجودة منها إنجاز قرى سياحية بمواصفات وجودة راقية وطابع معماري بصمته لها امتداد بالطابع الجزئري، وتتميز هذه المشاريع بكلفة أقل وتنجز في آجال قصيرة، لم يشهدها قطاع البناء من قبل، حيث لا يتجاوز المتر المربع للسكن ثلاثون ألف دينار مع إنارة مستقلة تشتغل بالطاقة الشمسية، وكل ما يتعلق بتجهيز المحيط نستعمل فيه المواد الصديقة للبيئة بعيدا عن التلوث والنفايات الصلبة بأشكالها، وهذه التجربة لا تمثل فيها نسبة الاسمنت إلا 1 بالمائة، أما بالنسبة لمادة الحديد فهي الأخرى ستكون بنسبة ضئيلة جدا.
❊ هل تلقّيتم موافقة الجهات الوصية أو مخابر الجودة مثلا من حيث القيمة والصّلاحية والنّوعية، خاصة وأنّها تجربة جديدة بالنّسبة لقطاع البناء في الجزائر؟
❊❊ نحن بصدد إعداد المشروع وتسليمه للوزارة المختصة التوصل الى نتائج تتعلق بنجاعته، الأمر الذي جعلنا نقوم بأبحاث في الشأن ذاته والاستثمار في هذه التجربة الجزائرية الخالصة تعتمد مواد أولية جزائرية محلية ليست مستوردة.
❊ في حالة حصول مشروعكم على موافقة، هل تمّ تحديد منطقة معيّنة تجسّدون فيها التّجربة؟
❊❊ تركنا خيار تحديد الموقه للجهة المعنية بالاستثمار، وأعتقد أنّ السكن الريفي سيكون الاقرب لتجسيد هذا المشروع نظرا للطموح المسجل في هذا النوع من البرامج السكنية، إضافة إلى إنشاء بعض المرافق كعينة نموذجية يمكن تعميمها في ما بعد على باقي جهات الوطن.
❊ تلقّيتم مؤخّرا طلبا للاستثمار في ميدان السّكن بدولة النيجر، هل يمكن أن تحدّثنا بالتّفصيل عن ذلك؟
❊❊ نعم يتعلق الأمر بمشروع من هذا النوع اعتبارا أنّ النيجر لديها حصة سكنية تقدر بـ 25 إلف سكن، وبحكم قلة الخبرة في الشأن ومحدودية مؤسسات الانجاز هناك، رأينا بإمكاننا المساهمة بإنجاز ألف سكن، الأمر الذي جعل السلطات النيجرية تدخل في مفاوضات وتشاور معنا حول الانجاز والمدة والكيفية وغيرها من الامور التقنية الاخرى، ما جعل بعض الدول الاخرى تطلب مساهمتنا في انجاز مثل هذه المشاريع  على غرار الكونغو وبوركينا فاسو، بحكم العجز الكبير في السكن  لديهم. وهذا النمط السكني الذي نقدمه يتلاءم مع البيئة الافريقية، لذلك هم متحمّسون له، والنموذج موجود في عدة دول ويخضع للبيئة الطبيعية التي تخص البلد مثلا الصين، روسيا، سمرقند، أوكرانيا وتركيا وبعض الدول الاخرى التي مرت بهذه لتجربة، مثل الجزائر أيضا، سبق لها وأن عملت بهذا النموذج في السابق،والذي قمنا بتطويره بإدخال بعض المواد والتعديلات عليها، منها بعض المواد العازلة «الدياز» كما تسمى الطوب العازل وهناك شركة وطنية مختصة في المنشات المدرسية تبنته.
فمباشرة بعد حصولنا على السيولة اللازمة وبعض الامكانيات ننطلق مباشرة في تجسيد هذا الشراكة الجزائرية الافريقية، علما أنّنا إلى حد الآن نعتمد على قدراتنا المالية، ولم نقترب من المؤسسات البنكية التي نلجا إليها ربما في المستقبل من خلال الشراكة لدعم السياسية الجديدة نحو إفريقيا.
❊ كيف تقيمون تجربة التحويلات البلاستكية أو ما يعرف بإعادة الرّسكلة في السّوق الجزائرية؟
❊❊ الجزائر سوق كبيرة بالنسبة للصناعات التحويلية للعديد من المعادن كالبلاستيك والورق والحديد وغيرها من النفايات الأخرى التي تشكل ملايين الاحجام يوميا، وما نقوم به اليوم هو تدوير البلاستيك. رغم ذلك فإنّنا لم نستثمر ولو 5 بالمائة ممّا هو متوفر يوميا من النفايات، بمعنى لم يكن فيه استغلال جلي الملامح، ورغم تجربتنا التي لا تتعدى الأربع سنوات نوفّر ما بين 25 منصب عمل مباشر و80 فرصة عمل غير مباشر، ويرتفع أحيانا العدد حسب الامكانيات المتوفرة من المسترجعات، لذلك قمنا مؤخرا بتوسيع المركب من تيبازة إلى ولاية أم البواقي، وسنعتمد على تجربة أوكرانية رائدة لإعادة تحويل مادة «البي أو تي» واعادة استعماله كأول مرة سواء في الغذاء أو في غيره، وبلغت نسبة إنجاز المعمل اقترب من 80 بالمائة وسيكون جاهزا قريبا.
❊ وماذا عن دوركم في الصّناعة الغذائية؟
❊❊ أخذنا على عاتقنا مرافقة الاخوة المنتجين للصناعات الغذائية نحو افريقيا سنقوم بإيصال العجائن الغذائية المختلفة إلى المستهلك الافريقي. وهناك توجّه لفتح الطريق الرابط من تمنراست الى نيامي عاصمة النيجر، وإنشاء منطقة تبادل تجاري والسماح للمستثمرين والتجار من الاستفادة من التأشيرة متعددة الخرجات مما يعزز الاستثمار الجاد نحو إفريقيا.
والجزائر تعيش مرحلة مهمة وهي السباق نحو إفريقيا ومحاولة الولوج إلى أكبر قدر ممكن من أسواقها وخلق فرص الاستثمار هناك لأن أسواقها مازالت حرة، وبإمكاننا خلق فرص عمل خارج المنطقة وصاحب الحكمة هو الذي يمكنه تحقيق ذلك لأن لدينا إرث كبير وتاريخي في استغلال العلاقات القديمة مع إفريقيا. وبحكم أن صادرات المؤسسات الجزائرية هي الاولى في إفريقيا، فنحن أولى بها من غيرنا خاصة وأن الاستثمار سبقته الكثير من المساعي كفيلة بأن يتجسّد هذا الاستثمار ضمن رؤية جديدة، وهو الأمر الذي نأمله من الدبلوماسية الجزائرية من خلال تخصيص ممثلين اقتصاديين بالخارج أو خبراء في التجارة يكون دورهم أكثر فعالية.