طباعة هذه الصفحة

تظاهرات مواتية لاستقطاب طالبي الشغل

سلوى روابحية

تنظيم المعارض الوطنية والدولية وفي نشاطات مختلفة، عرف في الآونة الأخيرة انتعاشا ملحوظا خاصة ضمن فعاليات خمسينية الاستقلال، من أجل إبراز كافة المراحل التي عرفتها مسيرة التنمية خلال الخمسين سنة الماضية، و الآفاق الشاملة المستقبلية قصد رفع أداء ومستوى النمو الاقتصادي، وتوفير أكبر قدر من مناصب الشغل لفائدة البطالين ولا سيما فئة الشباب منهم.
غير أن المعارض التي تعد فرصة للقاء رجال الأعمال، من أجل السعي لإبرام عقود شراكة وغيرها، تعد أيضا فرصة لا تعوض للكثير من الشباب العاطل عن العمل للاتصال المباشر مع مؤسسات اقتصادية مشاركة في المعرض، والتحري عن إمكانية الظفر بمنصب عمل ولو في إطار عقود ما قبل التشغيل، حيث يتم التقرب مباشرة من العارضين ومسؤولي المؤسسات ليتم توجيههم وتزويدهم بكل المعلومات المتعلقة بعروض العمل خاصة الاحتياجات الداخلية وضمن البرامج المسطرة من أجل التوسعة و التحديث التي تعرفها العديد من المؤسسات الوطنية و لاسيما العمومية منها.
الفرصة تبدو مواتية للكثير من الشباب للبحث والتقصي عن المتاح من مناصب شغل ضمن الديناميكية التي تعرفها البلاد خاصة في إطار السعي لتوفير أكبر عدد ممكن من احتياجات  سوق العمل وبالتالي امتصاص الطلب المتزايد على الشغل خاصة في أوساط خريجي الجامعات، التي تعرف نسبة البطالة فيها معدلات مرتفعة مقارنة بالفئات الأخرى رغم الجهود المبذولة للحد منها.
وإذا كانت الأرقام الرسمية تشير إلى التراجع المستمر في معدلات البطالة، من نسب كانت مرتفعة للغاية إلى أقل من 10 في المائة في السنوات القليلة الماضية، ومرشحة لأن تعرف المزيد من الانخفاض ولو بوتيرة أقل نسبيا في المرحلة القادمة، إلا أن البطالة في أوساط الجامعيين تظل مرتفعة إلى حد ما، وتتجاوز 15 في المائة وقد تصل وفق أرقام بعض المختصين إلى أكثر من 17 في المائة، الأمر الذي يطرح نفس الإشكالية التي لطالما أثارت ولا تزال تثير جدلا واسعا حول مدى مطابقة البرامج التعليمية والتكوينية مع احتياجات سوق العمل وفي كل مرة، يتم الوصول إلى نفس النتيجة وهي غياب التنسيق بكل أشكاله بين مختلف الفاعلين والمكلفين بإيجاد الحلول الناجعة لمشكلة البطالة، ترتكز على المعايير الاقتصادية والمردودية، بعيدا عن تلك الحلول الظرفية والمؤقتة التي طبعت مختلف سياسات التشغيل ولعقود مضت، دون أن يؤسس لتقاليد النجاعة والكفاءة في عملية التوظيف، مما كان ينعكس مباشرة على المستوى والنتائج المتحصل عليها.
آليات التشغيل المستحدثة لامتصاص البطالة كان لها تأثير مباشر على مستوى العمالة وسمحت بإيجاد فرص عمل لأعداد متزايدة من طالبيها، ولكن بأي كلفة اقتصادية تم الوصول إلى النتائج المتحصل عليها، حتى وإن كانت العملية فرضتها ظروف اجتماعية قاهرة وقد تخضع لمبررات ظرفية، فهل معنى ذلك أن تصبح هذه الظروف القاهرة تقليدا ومبررا أساسيا في أية عملية تستهدف إيجاد مناصب عمل، حتى لو انعكس ذلك سلبا على النتائج سواء كانت اقتصادية وغيرها، سؤال لا يزال يطرح من طرف المختصين والخبراء ويظل محور نقاش و جدل واسعين بين دعاة النجاعة والعقلانية في التوظيف وأولائك الذين يفضلون الحلول المعتمدة على ما هو متوفر من قدرات مالية لتوفير المزيد من مناصب الشغل حتى لو كان ذلك على حساب المردودية والكلفة الاقتصادية والتنمية المستدامة التي لن تؤسس إلا من خلال برامج اقتصادية منتجة، الوحيدة القادرة على توفير المزيد من مناصب الشغل بمعايير اقتصادية واضحة.