طباعة هذه الصفحة

الاستفادة من الخبرة الأرجنتينية في نقل التكنولوجيا

سلوى روابحية

تبدي دولة الأرجنتين اهتماما متزايدا بالسوق الجزائرية ليس من حيث المبادلات التجارية فحسب، وإنما من أجل ترقية شراكة صناعية بين البلدين تأخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة واحتياجات الجزائر الأساسية، وفي مقدمتها الاستفادة من الخبرات الأجنبية في شتى القطاعات الحيوية ونقل التكنولوجيا.

اهتمام الأرجنتين برفع مستوى التعاون الاقتصادي، يبرز من خلال الإصرار على المشاركة في التظاهرات الاقتصادية التي تقام في الجزائر بصفة دورية، حيث أنّ حضور أزيد من 20 شركة أرجنتينية في عدة قطاعات مثل الصناعات الغذائية والتجهيزات والصناعة الصيدلانية، في معرض الجزائر الدولي، يؤكّد الرغبة التي تحذو هذا البلد من أجل تطوير شراكة صناعية خاصة وأنّ الروابط بين البلدين تعود إلى زمن طويل، ولا يوجد أي مانع لدى الأرجنتين لتقاسم الخبرات والتجارب مع الجزائر في مجالات عرفت تطورا هاما على غرار الصناعات الغذائية، حيث تصنّف بيونس آيرس من بين أهم الدول في العالم التي حققت تقدما في تكنولوجية وإنتاج الصناعة الغذائية، وهو المجال الذي تسعى الجزائر إلى تطويره من أجل تقليص فاتورة الغذاء التي تكلف خزينة الدولة موارد مالية معتبرة تقدر بملايير الدولارات.
وفي هذا الصدد، يقول الملحق التجاري في سفارة جمهورية الأرجنتين السيد نازاريتو مونوز، أنّ بلده يدرك جيدا احتياجات الجزائر في هذا القطاع وبإمكان الأرجنتين تقاسم الخبرة التكنولوجية مع الجزائر
ومرافقتها في هذا المجال، مضيفا أنّ المعرفة متوفرة لدى الشريك الذي تحذوه الإرادة القوية للمساهمة في تطوير قطاعات حيوية مثل الصناعة الصيدلانية وإنتاج الأجهزة الطبية والأدوية وهي المجالات التي تشهد تطورا هاما في الأرجنتين من حيث التكنولوجيا.
وبالنظر إلى الطلب المتزايد على القمح ومشتقاته في الجزائر، فإنّ الخبرة الأرجنتينية تعرض على الجزائر أحدث ما بلغته التطورات التكنولوجية، حيث يتم حاليا تطوير بعض الأنواع من القمح المقاوم الذي يمكن تكييفه مع التربة في الجزائر، على اعتبار أنّ لكل أرض زراعية خصوصية ترتبط أساسا بالعوامل المناخية، بعد أن تمّ تطوير أنواع معينة في الأرجنتين تتماشى والتربة في ذلك البلد.
بخلاف الكثير من الدول التي تسعى إلى التركيز على الجانب التجاري البحت في علاقاتها مع الجزائر على حساب الحاجة الماسة إلى التكنولوجيا المعبّر عنها في الكثير من المناسبات، فإنّ دولة الأرجنتين ومن خلال سفارتها في الجزائر تؤكّد على أنّ الحل الأمثل لكل المشاكل المطروحة يكمن في تبادل الخبرات والمعارف وترقية التعاون الثنائي، وهذا من شأنه إرساء أسس تعاون وتعامل، ليس فقط من حيث التسويق وإنما إقامة شراكة صناعية، الهدف الذي تسعى الجزائر إلى تحقيقه منه من خلال إبرام عقود شراكة مع الأجانب.
عقود الشراكة مع الأرجنتين وترقية العلاقات الاقتصادية الثنائية سوف لن تنحصر في المجالات سالفة الذكر فحسب، بل أنّ الاهتمام بدأ ينتقل إلى مستوى آخر لا يقل أهمية عن هذه الأخيرة، ويتعلق الأمر بقطاع المياه والطاقات المتجددة التي تعرف بدورها تطورا هاما في هذا البلد، خاصة وأنّ الجزائر أصبح ينظر إليها على أنها عبارة عن ورشة مفتوحة لمشاريع ضخمة رصدت لها الدولة موارد مالية غير مسبوقة، ومن ثمّ فقد استقطبت اهتمام العديد من الدول الأجنبية.
الميزان التجاري بين البلدين بلغ مستوى 2 مليار دولار لصالح الأرجنتين، ولكن العلاقات المتوازنة من وجهة نظر الممثل التجاري في سفارة الأرجنتين ينبغي أن تؤسّس لمنفعة متبادلة، ولهذا فإنّ تطوير مشاريع شراكة والبحث عن فرص استثمار أخرى ونقل التكنولوجيا، من شأن كل ذلك أن يمثل آليات هامة لإحداث ذلك التوازن في العلاقات الثنائية، التي تبنى انطلاقا من المصالح النفعية والربحية المتبادلة وترقية التعاون على نحو دائم ومستمر.