طباعة هذه الصفحة

بوزيان مهماه الخـبير الطاقـوي لـ «الشعب»

مراجعة قانون المحروقات أمر ضروري لتحسين جاذبية الاستثمار

حاورته: فضيلة بودريش

تخفيض أوبــك إنتاجهــا بـ 1مليون برميـل يرفع السـعر إلى 70 دولارا

مسعـى الالتـزام يبقـى قائما ويعدّ مؤشراً مهماً وضامناً لاستقرار تسويق النفط

توقّع الخبير الطاقوي بوزيان مهماه أنه إذا نجحت منظمة أوبك في تحقيق المزيد من التخفيضات تصل إلى حدود الـ1مليون برميل يوميا، فإن من شأن ذلك أن يدفع بسعر النفط إلى الارتفاع إلى حدود الـ 70 دولارا، معتبرا أنه كان من المفترض أن تسير منظمة أوبك في اتجاه «بناء مسار الجزائر»، عن طريق إقرارها لثلاثة مستويات من الإصلاحات، أي على صعيد الهياكل والخطط ومع إرساء تجديد حقيقي في الرؤية وتنويع في الأنشطة والأعمال التجارية، ووصف خطوات هذه المنظمة النفطية بالبطيئة، ويرى أنه ينبغي الانتظار إلى غاية نهاية صائفة 2018، من أجل رؤية إجراءات مؤثرة على غرار إقرار تخفيضات أخرى في حصتها من الصادرات، ويعتقد أن منظمة الأوبك مطالبة برفع مستوى تحملها للمخاطر، وعكف الدكتور على تشريح دقيق للسوق النفطية، خاصة ما تعلّق بتذبذب الأسعار واضطراب معادلتي العرض والطلب.
«الشعب»: بعد أن قفز سعر برميل النفط إلى حدود الـ59 دولارا، لم يتماسك طويلا وعاد مجددا إلى التراجع والتذبذب بفعل التخوف القائم من الحفريات الأمريكية وكذا ضغط إنتاج دول منظمة أوبك.. ما هي قراءتك لذلك؟
- الخبير مهماه بوزيان: أعتقد أن العوامل الظرفية وليست الهيكلية هي التي أثرت على سعر برميل النفط فدفعته نحو الأعلى، لكنه بقي متأرجحا، ومن بين هذه العوامل الظرفية نذكر تراجع الإنتاج في كل من ليبيا ونيجريا، إلى جانب إجراء استفتاء كردستان والذي كان له أثرا ظرفي بحكم اتسام سعر برميل النفط بالحساسية المفرط لأي حدث أو حادث يرتبط باحتمالات أو مساعي تغيير الجغرافيا على مستوى منطقة الشرق الأوسط حتى وإن كانت مبتورة، وكذلك تراجع عدد الحفارات الأمريكية بفعل الأعاصير المدمرة التي إجتاحات الأراضي الأمريكية، فإعصاري «هارفي» أضرّ بعددٍ من أكبر المصافي النفطية الأمريكية. وقد أكد تقرير «وورلد أويل» الدولي أن تأثير العاصفة الاستوائية المدمرة «هارفي» على أسواق النفط في العالم، كان بمنزلة اختبار لمستوى أمن الطاقة العالمي من خلال قياس القدرة على تعويض النقص في الإمدادات وتأمين احتياجات المستهلكين. وأرى أن تأثير الأعاصير في خليج المكسيك في الولايات المتحدة سيصبح له تداعيات واسعة في جميع أنحاء العالم نتيجة كون الولايات المتحدة أصبحت مركزا عالميا رئيسا في مجال الطاقة. وأشار التقرير إلى أن مخلفات الإعصار أدت إلى خفض قدرة الولايات المتحدة على إنتاج الوقود بنحو 4,25 مليون برميل يوميا، أي ما يعادل ربع إجمالي إنتاج البلاد، وبالتالي ما يعادل قدرة التكرير في فرنسا وألمانيا مجتمعتين. كما أن إعصار «إرما» تسبّب في سحب عدد كبير من الحفارات حفاظا على سلامتها وكإجراء احترازي للإعصار المدمر، إذْ تشير البيانات بأن نقص إمدادات الخام في الولايات المتحدة الأمريكية يعد ظاهرة ظرفية، فتراجعها عن المستوى القياسي الذي وصلته كميات الخام التي دخلت المصافي، على اعتبار أنها بلغت 17,73 مليون برميل يوميا كان بسبب إغلاق البنية التحتية لصناعات النفط، كما أحجمت شركات الطاقة الأمريكية عن إضافة أية حفّارة نفطية جديدة بل الذهاب لسحب العديد من الحفّارات العاملة بسبب الإعصار، مما اضطر شركات الحفر لوقف الإنتاج وشركات التكرير لإغلاق العديد من أهم المصافي. لكن يبقى تعداد منصات الحفر النفطية الإجمالية عند مستوى 764 منصة مقابل 407 منصة حفر نفطية كانت عاملة في نفس الفترة قبل عام.
هذا ما جعل سعر برميل النفط لا يتماسك عند عتبة الـ 60 دولارا للبرميل، ويعاود التراجع متأرجحاً ليستقر سعر البرنت القياسي يوم الجمعة 6 أكتوبر عند 56,70 دولار للبرميل.

توسيع أنشطة الاستكشاف وتدعيم الاحتياطات

- كشف وزير الطاقة عن التفكير الجدي في الوقت الحالي، من أجل إدراج تعديلات تمسّ قانون المحروقات، في رأيكم.. ما هي الجوانب التي تحتاج إلى تعديل؟
   كان الوزير الأول أحمد أويحي قد أكد مباشرة في أول زيارة ميدانية له مباشرة بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه على مخطط عمل الحكومة، انطلاقا من أرزيو بوهران بأنه يجب إعادة النظر في قانون المحروقات لأن القطاع يعرف تحولات كبيرة في العالم وعلى الجزائر أن تواكب هذه التحولات. إضافة إلى التوضيحات الهامة التي قدمها يوم 5 أكتوبر والتي صرّح من خلالها بأن مراجعة هذا القانون لن يمسّ بأي مسألة سيادية، بما في ذلك قاعدة 51 / 49 في عمليات الشراكة مع الأجانب. وفي إطار هذا المنظور الذي أعتقد بأنه يمثل الإطار المرجعي لأية مراجعة مستقبلية للقانون وفي ظلّ احترام تام لمضامين الدستور الذي تضمن الثروات الباطنية للأمة الجزائرية وسيادة الدولة الجزائرية عليها، لذا حسب تصوري أرى بأن مراجعة القانون الساري أصبح أمراً ملحاً، بغية إدخال تعديلات متناسقة ومستقرة نسبیا علی المدى الطویل، تتعلّق بخلق بیئة قانونیة ومؤسسیة ومالیة تغطي المُدد التعاقدیة للمشروعات، وتضمن من جهة أخرى الاستقرار والوضوح والدقة لتوحيد الفهم لدى شركائنا للأطر التعاقدية وقواعدها، وكذا سير الأعمال في إطارها وتحمل المخاطر مع تقاسم الأرباح ضرورية حتى تُخلق الجاذبية للإستثمارات الدولية في مجال الطاقة (إستكشافاً وتنقيباً وإستغلالاً مشتركاً)، كما يضمن للجزائر توسعة أنشطة الاستكشاف وتدعيم الاحتياطات من الخام وتعزيزها والمساهمة في الرفع من قدرات الاستخراج والإنتاج وتفعيل نسب الاسترجاع، من خلال جلب التكنولوجيات الحديثة والمتطورة والعالية المستوى للحقول الجزائرية سواء التقليدية منها وغير التقليدية. كون الصيغة التعاقدية الحالية القائمة على عقود الامتياز قد قلّصت إلى حدّ كبير من القدرات الوطنية في مجال المحروقات.
ولعلّ الجميع يعترف بأن الحقول الجزائرية لها ميزة الجاذبية الجيولوجية وما ينقصها في الوقت الحالي، خلق جاذبية في تشريعات الاستثمار في الخامات، من خلال تخفيف الضرائب وتوحيد نمطها مع تبسيط نظامها وتقليص عددها في إطار صيغ التعاقد مع المستثمرين الأجانب والشركات النفطية العالمية الرائدة. دون أن نغفل الحركية العالية التي يشهدها العالم سواء ما تعلّق بسعي جلّ الشركات النفطية العالمية نحو مراجعة نماذج أعمالها التجارية، أو بمباشرة أغلب الدول الفاعلة في السوق النفطية إلى تغيير قوانينها في مجال الخام وتحيينها تبعا لطبيعة التحولات العميقة، التي  تطبع المشهد الطاقوي العالمي.

أوبك مطالبة بتمديد التخفيضات في إنتاجها

- توقّعت وكالة الطاقة الدولية الزيادة في المخزونات العالمية للنفط في عام 2018.. هل معنى ذلك أن الأسعار لن تنتعش فوق حدود 55 دولار للبرميل؟
 أعتقد أنه لو نقوم بتلخيص معطيات وكالة الطاقة الدولية بخصوص الوضع الطاقوي لهذه السنة 2017 وتوقعاتها للسنة المقبلة 2018، سنستخلص مايلي وفقا لتقديرات الوكالة، ففي هذه السنة (2017) شهدت أسواق الطاقة:
- تمديد أوبك وشركائها من الدول غير العضوة بالمنظمة بقيادة روسيا تخفيضات إنتاج النفط لمدة 9 أشهر إلى نهاية مارس 2018،
- •استقرت المخزونات التجارية بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في جويلية من هذه السنة عند 3,016 مليار برميل، إلا أن هذه المخزونات التجارية حافظت على ارتفاعها عن متوسط خمس سنوات بمقدار 292 مليون برميل.
- بالمقابل سُجل زيادة كبيرة في الاحتياطيات التجارية والإستراتيجية للصين،
-  بلوغ أسعار النفط مع نهاية الربع الثالث لهذه السنة أعلى مستوى لها منذ نحو 26 شهرا، بعدما اقتربت من 60 دولارا للبرميل،
-  توقع نمو إجمالي الإنتاج المتأتي للسوق من خارج أوبك بمقدار 700 ألف برميل يوميا مع نهاية عام 2017،
- •إرتفاع إنتاج النفط الأميركي لعام 2017 إلى متوسط يبلغ 13,1 مليون برميل يوميا، بعد إضافة المزيد من الحفارات وزيادة الإنفاق.
وتتوقع الوكالة في سنة 2018:
- الاستهلاك العالمي سيتجاوز عتبة 100 مليون برميل يوميا للمرة الأولى في التاريخ.
- زيادة مخزونات الصين على الأرجح.
- عودة مخزونات النفط التجارية للارتفاع مجددا عام 2018، وسترتفع بدعم من:
- نمو النفط الصخري، وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن الإنتاج الأمريكي سيواصل النمو بقوة في العام المقبل.
- ارتفاع إنتاج ليبيا ونيجيريا، العضوين في أوبك،
- افتراض ثبات إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، مع توقع زيادة الإنتاج من خارج أوبك بقيادة منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة بواقع 1,1 مليون برميل يوميا، وأن الإنتاج من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول سينمو في 2018 بوتيرة مضاعفة لتلك التي شهدها لعام الحالي.
- عدم إجراء سحب كبير من مخزونات النفط الخام بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال الستة إلى التسعة أشهر القادمة.
- الضبابية التي تكتنف واردات الصين من الخام.
- تباطؤ نمو الطلب في الصين وأوروبا على الأخص، وكذلك زيادة الإمدادات، مما يعني أن العجز سيتقلص إلى 500 ألف برميل يوميا،
- أن يفوق نمو إمدادات النفط في العام المقبل الزيادة المتوقعة في الطلب.
- نمو الإنتاج من خارج أوبك بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا، أي ما يفوق بقليل الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي.
أعتقد أنه أمام هذه المعطيات التي يطغى عليها أساساً تجاوز الاستهلاك العالمي لعتبة 100 مليون برميل يوميا للمرة الأولى في التاريخ، ومع توقع لزيادة الإنتاج من خارج أوبك بقيادة منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة بواقع 1,1 مليون برميل يوميا، في ظلّ ثبات إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). أتوقع أن هذا سيبقي سعر برميل النفط هشاً وقلقاً ومتأرجحاً صعودا ونزولا حول قيمة الـ 55 دولار في السنة المقبلة 2018. لذلك سيتعين على أوبك والمنتجين المستقلين ليس فقط تمديد تخفيضات الإنتاج لما بعد مارس المقبل، بل التوافق على إقرار تخفيضات حتى ولو رمزية بغية تعضيد جهودهم والحفاظ على زخم استعادة توازن السوق والدفع بسعر البرميل إلى ما فوق الـ 60 دولار. خاصة وأن المخزونات التجارية قد لا تنخفض إلى المستوى المطلوب حتى قُرب نهاية الاتفاق في مارس 2018، وإلا ستبقى مؤشرات مضي السوق صوب استعادة توازنها تتأرجح وسط الضبابية وعدم وضوح حدود الأفق.

- ما هي السيناريوهات التي تتوقّعونها بشأن العرض والطلب والأسعار خلال العام المقبل؟
 المعلوم الآن أن زيادة إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية من النفط، يبقى عاملا هاماً ومؤثراً على أسواق الطاقة، إذْ أنها ستزيد صادراتها من الخام بأربعة (4) أضعاف خلال الثلاث (3) سنوات القادمة، فإنتاجها ارتفع بنسبة 11 بالمائة على مدى هذا العام، وبحلول عام 2020، ستصل الصادرات الأمريكية من الخام إلى 2,25 مليون برميل يوميا. وبذلك ستصبح الولايات المتحدة واحدة من أكبر عشرة (10) مصدرين للخام في العالم.
وفي منحى هذا السياق قامت البنوك الأمريكية بضخ ما يقارب 60 مليار دولار في قطاع إنتاج الخام الصخري خلال الـ 20 شهرا الماضية. أما بالنسبة لطبيعة السيناريو الأقرب للاحتمال ضمن مجموع السيناريوهات المعدّة فقد تمّ توضيح معطياته في الإجابة عن السؤال السابق في ظلّ معطيات الوكالة الدولية للطاقة.

- انعقد آخر لقاء لأعضاء منظمة «أوبك» خلال الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر الماضي.. هل أفضى إلى نتائج يمكن القول بأنها ستساهم في تصحيح الوضع على مستوى السوق؟
 أعتقد أنه مهما كانت الأجواء التي سادت لقاء الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر الماضي، فإن روح «اللقاء التاريخي للجزائر» والتي عزّزها على سبيل المثال لا الحصر المؤتمر الوزاري لدول أوبك والمنتجين المستقلين في 25 ماي 2017، حيث اتفقوا على عدّة أمور هامة، من بينها تمديد اتفاق خفض وتسقيف الانتاج تسعة أشهر قادمة (أي إلى غاية نهاية مارس 2018)، وتعديل وثيقة التعاون بغية توطيد وتطوير تعميق التعاون المستقبلي واستمراريته بين أوبك والمنتجين المستقلين، والمتابعة والتقييم الدائمين مع الاستعداد لإدخال تعديلات جديدة في الإنتاج بما يلزم ويتيح التوازن للأسواق النفطية ومع عودة المخزونات الى المستويات الطبيعية.

وأظن بأنه لا ينبغي إغفال معطى مهم وله دلالات ضامنة لمستقبل تعافي الأسعار وتوازن السوق النفطية، وهذا المعطى يعدّ متميزاً واستثننائيا في تاريخ صناعة النفط، ألا وهو استمرار التنسيق بين أوبك والمنتجين المستقلين حول الاتفاق التاريخي لـ «خفض وتسقيف الإنتاج» وتعهدهم بمواصلة التعاون رغم العديد من الخلافات والتمايز في وجهات النظر. لكن مسعى الالتزام يبقى قائما وهذا يعدّ مؤشراً مهماً وضامناً لاستقرار الأعمال التجارية النفطية، بل وتعافيها مستقبلا وداعما أيضا لأساسيات السوق. وهذا مما لا ينبغي إهماله من قبل المراقبين عموما والإعلام خصوصاً.

منتجو النفط يواجهون تحديا جديدا بعد عام 2020

- ما المطلوب من منظمة «أوبك» ونظرائها من المنتجين المستقلين، لمواجهة المزيد من التحديات المفروضة في السوق، وبالتالي المحافظة على سعر عادل للمنتج والمستهلك؟
 في رهانات ما بعد 2020، ستواجه صادرات الأوبك من النفط خصوصاً، بالإضافة إلى تحدي التحول نحو الطاقات الجديدة والتكنولوجيات الذكية والفائقة الناقلية وتعميم التطبيقات العالية الجودة لمخططات الفعالية الطاقوية، ستجد أمامها تحديا جديدا وجدياًّ وعالي أثر الإزاحة ألا، والمتمثل في تحدي السيارات الكهربائية، فبعد ألمانيا والمملكة المتحدة، وفرنسا التي وعدت هذه الصائفة بالتحويل الكلي لحظيرة سياراتها إلى السيارات الكهربائية في آفاق 2040، جاء دور الصين، أكبر سوق للسيارات في العالم، حيث تمّ بيع 28 مليون سيارة في العام الماضي، وأقرّت الصين بالموازاة مع ذلك مخططاً زمنياً لحظر محركات الديزل، وبالتالي نهاية المحركات الحرارية، وخلق صناعة تلبي طموحاتها، وتستعد الحكومة لفرض حصص إلزامية مجدولة تصل من خلالها إلى حصة من السيارات الكهربائية والهجينة بـ 7 بالمائة من المبيعات في عام 2020، و15بالمائة في عام 2025، و40 بالمائة في عام 2030.
إذا على منظمة الدول المصدّرة للنفط أن تعي جيداً طبيعة التحولات المهولة التي ستطبع المشهد الطاقوي خلال آفاق العشرية المقبلة وما بعدها، وأن تحسن من مستويات استجابتها للتحديات، لأنه إلى حدّ الآن تتسم معالجات الأوبك للمستجدات الظرفية بطيئة ناهيك عن تكيّفها مع المعطيات المشهدية المتسارعة، نجد مثلا بأن دورة إستجابتها خلال هذه العشرية هي بمعدل سنتين، أي بدءًا من عواصف ما سمي بـ»الربيع العربي». لكن الأوبك كانت في أعلى درجات «حرب الحصص» فيما بين أعضائها، ولم تكن الاستجابة للأمر فعلا بعد سنتين، وما تبعه من انهيار مريع لسعر برميل النفط، فتوجهت أوبك إلى الدخول في «حرب حصص جديد» مع البترول والغاز الصخريين الأمريكيين، وبعد سنتين لم تؤتِ ثمارها «خطة إزاحة البترول والغاز الصخريين» من المشهد الطاقوي، وجاءت المعالجة والإستدراك من «اللقاء التاريخي للجزئر» في سبتمبر 2016، وكان من المفترض أن تمضي الأوبك في «بناء مسار الجزائر» من خلال إقرار ثلاثة مستويات من الإصلاحات (في الهياكل والخطط) وتجديد في الرؤية وتنويع في (الأنشطة والأعمال التجارية)، لكن في تقديري لا تزال خطوات الأوبك بطيئة ولم تخرج عن منطق الإستجابة لـ «دورة السنتين»، بمعنى أنه يجب الانتظار إلى غاية نهاية صائفة 2018، من أجل رؤية إقرار إجراءات مؤثرة على غرار إقرار تخفيضات أخرى في حصتها من الصادرات، وأعتقد في هذا المقام أنه من المفترض أن ترفع المنظمة من قدرات استجابتها حتى تجني أولا فضائل كل إجراء إيجابي تتخذه، وحتى لا يستهلك الزمن آثاره الإيجابية. وأرى أنه على منظمة الأوبك أن تزيد من مستوى تحملها للمخاطر، بل وأن تذهب مع شركائها إلى إقرار تخفيضات جديدة في حصتها الكلية للصادرات حتى ولو كانت رمزية في لقائها المقبل خلال الشهر القادم، بهذه الطريقة ستقوي المنظمة موقعها وتستعيد زمان المبادرة في السوق النفطية، ولو تقوم أوبك بخفض إنتاجها بمليون برميل أخرى ستدفع فعلا سعر برميل النفط نحو الـ 70 دولار، وستربح على مستوى الأسعار، والفارق بين قيمة الربح في السعر والخسارة على مستوى الحصة سيكون إيجابيا لجميع أعضاء أوبك، وبغير ذلك سيبقى برميل النفط هشاً وقلقاً ومتأرجحاً صعودا ونزولا أي في حدود الـ 55 دولار إلى غاية منتصف عام 2018.