طباعة هذه الصفحة

بوعلام مراكشي رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل:

التطلّع للتعاون مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا

حاورته: فضيلة بودريش

دعا بوعلام مراكشي رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل إلى تجنّد الجميع من عمال ومسيرين للنهوض بالاقتصاد في ظلّ الظرف الاقتصادي الصعب، مشدّدا في سياق متصل على ضرورة تطبيق القانون حتى ينتعش أداء المؤسسة الإنتاجية، وبالتالي تختفي العراقيل والمشاكل التي تحول دون تسجيل النمو، واعتبر من جهة أخرى أن إرساء برنامج للواردات بات ضروريا ومن ثمّة الاعتماد على أنفسنا، ويرى أنه لا يمكن الشروع في التصدير واقتحام أسواق خارجية فجأة ومن دون تحضير لهذا التحدي لأنه مفروض علينا في الوقت الحالي تغيير الذهنيات لأنه لا يمكننا التقدم من دون الاعتماد على الكفاءات.

«الشعب»: هل فعلا تأثرت المؤسسة الإنتاجية سواء كانت خاصة أو عمومية ببرنامج كبح الاستيراد؟
بوعلام مراكشي: ينبغي أن أشير في البداية بأننا في حاجة ماسة إلى حلول تمنح القوة للإنتاج الوطني، ومن الضروري التحكم وكبح فاتورة الاستيراد، لذا القانون الذي جاء ليقلّص من الاستيراد، يمكن وصفه بالفكرة الجيدة، ولاشك أن الآثار الإيجابية سوف تنعكس على الاقتصاد والمؤسسة الإنتاجية، ونجد مثل هذه الإجراءات حتى في الولايات المتحدّة الأمريكية لتقلص من تدفق السلع عبر أسواقها، بل أن الأمريكين كانوا الأوائل الذين قاموا بحماية اقتصادهم بهذه الطريقة.
وأرى أن التقليص من الاستيراد يبدأ على سبيل المثال من قائمة صغيرة تضم 40 منتوجا، ومن ثم وإذا نجحنا في هذه الخطوة نوسع القائمة بشكل تدريجي، حتى لا يتأثر الاقتصاد الوطني، لأنه لا يوجد اقتصاد في العالم يعيش بقوته الداخلية، وبالفعل الجزائر اليوم في حاجة ماسة إلى قانون كبح الاستيراد، لكن أؤيد التحكم التدريجي في الواردات، مع تحديد برنامج واضح ودقيق، ولأنه لا يخفى أن حماية المنتوج الوطني قانون عالمي وكل دولة لها الحقّ في ذلك، وأؤكد ذلك على خلفية مشاركتي في بعض الاجتماعات في منظمة التجارة العالمية، وخلاصة القول في هذا المقام أن إرساء برنامج للواردات بات ضروريا ومن ثم الاعتماد على أنفسنا.
- كيف تواجه المؤسسة في الوقت الراهن الظرف الاقتصادي الصعب؟
 يمكن القول، إن للجزائر والمؤسسة الوطنية كل الإمكانيات لتجاوز المرحلة الاقتصادية الراهنة التي لا تخلو من الصعوبة، وبالتالي التغلّب على أزمة أسعار النفط التي ضيقت بخناقها، عن طريق إيجاد أمثل الحلول وتجسيدها على أرض الواقع، ولعلّ أزمة أسعار النفط ستكون نعمة وفرصة من أجل استدراك أي تأخر في منحى تفعيل النمو وتسريع وتيرة التنمية خارج قطاع المحروقات، ومن خلال تنويع الاقتصاد الوطني في العديد من القطاعات الحيوية ونذكر من بينها قطاع الفلاحة والصناعة الغذائية وكذا قطاع الصناعات الالكترونية والكهرومنزلية والميكانيكية ولا يجب نسيان قطاع السياحة، وحتى الصناعات الصيدلانية التي يمكن أن تجد السوق الإفريقية والعربية لتسوّق ما تطرحه الآلة الإنتاجية.
وبالموازاة مع ذلك، يفرض الظرف الاقتصادي الحالي أن يتجنّد الجميع من عمال ومسيرين للنهوض بالاقتصاد، وبهدف تطبيق القانون حتى ينتعش أداء المؤسسة الإنتاجية، وبعد ذلك تختفي العراقيل والمشاكل التي تحول دون تسجيل النمو. واغتنم الفرصة لأقترح وضع إستراتجية واضحة المعالم ودقيقة في مضمونها، يتسنى فيها محاسبة الجميع للمحافظة على المؤسسة والاستمرار في خلق الثروة حتى وإن كانت المؤسسة خاصة، لأن القطاع العمومي والخاص على حدّ سواء وحتى المسير في المؤسسة الخاصة يجب أن يحاسب لأن الشركات الإنتاجية ملك للمتعامل والعامل والدولة، ولا يمكن أن نغفل أنه يستحيل أن يتمّ القضاء على السوق الموازية في وقت قصير يقدر بشهر واحد أو عدة أشهر، كما أنه لا يمكن الشروع في التصدير واقتحام أسواق خارجية فجأة ومن دون تحضير لهذا التحدي، وحان الوقت لاستغلال الموارد البشرية المهمة التي تزخر بها الجزائر، لأننا فقط نحتاج إلى المزيد من الوقت ومضاعفة الجهود المبذولة، على اعتبار أنه في البلدان الصناعية المتطورة، يعكفون بشكل مستمر على تجسيد الإصلاحات، بالرغم من أنهم حقّقوا تطورا معتبرا ويطمحون إلى المزيد، لذا يمكن أن تدخل الجزائر في مرحلة إصلاحات تستغرق 10 أو 15 عاما، ونحتاج في هذه المسألة إلى اعتماد الصراحة ونعلن بصراحة عن تطورات الوضع بشكل دقيق وشفاف، وتطبق القوانين بصرامة، ومن يفشل في تحقيق النتائج الإيجابية، يترك المجال لمن لديه المؤهلات لمواصلة المعركة التنموية ومواجهة تحديات بناء اقتصاد متنوع وقوي تكون لديه القدرة على المنافسة عبر الأسواق الخارجية، من خلال الجودة وتنافسية الأسعار.
- هل تعكف المؤسسات على إجراء دراسات دقيقة للأسواق الخارجية؟
 منذ نحو 10 أيام شاركنا في اجتماع بوزارة الصناعة والمناجم بدعوة من الوزارة والتقينا بممثلين عن البنك الإفريقي للتنمية، وتحدثنا عن إمكانيات لتمويل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والتعاون معها، ونحضّر في الوقت الحالي ملفا من أجل دراسة إمكانية تواجد المؤسسات الجزائرية وانضمامها إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، ونحتاج إلى التدرج والسير خطوة خطوة، ويستحيل الشروع في الوهلة الأولى وفي المرحلة الأولى تصدير كميات كبيرة من الإنتاج الوطني، لأنه في البداية يجب تحقيق جودة الإنتاج ومع إمكانية تسويقه بأسعار معقولة ذات تنافسية عالية.
وعلى مستوى الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل وفودنا تسافر شهريا إلى الخارج لبحث الفرص ودراسة الأسواق وما إلى غير ذلك، في إطار التطلّع لمختلف المستجدات الاقتصادية والتكنولوجية في الخارج.
ولعلّ أن موقع الجزائر الاستراتيجي يؤهلها لأن تنفتح نحو أسواق قريبة مثل الأسواق العربية والإفريقية بالدرجة الأولى، وعليها السعي للتموقع في أقرب وقت ممكن حتى تستحوذ على أسواق تمولها بإنتاجها بشكل مستمر، وأكيد من دون انقطاع.
- ألا تعتقدون أنه لا يوجد انسجام وتكامل ما بين المؤسسات الاقتصادية في ظلّ تسجيل التشرذم والتبعثر؟
 يمكن تقديم العديد من التوضيحات بخصوص هذه المسألة، لأنه في الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، عقدنا اجتماعا شهر جويلية الماضي، وسطرنا برنامج عمل يمتد من سنة 2018 إلى غاية آفاق عام 2020، أي لمدة سنتين كاملتين، حيث لدينا 15 فدرالية وطنية و43 مكتبا ولائيا، ويتضمن جوهر البرنامج إيجاد الحلول للمشاكل الراهنة، وعلى سبيل المثال في ظلّ وجود عدد المهندسين يفوق عدد البنائين، وأبرمنا اتفاقية مع وزارة التكوين المهني، لأننا نواجه مشكل في تأهيل اليد العاملة، ومن خلال الوفود التي تسافر إلى الخارج نتعاون مع العديد من المؤسسات.
لذا، لا يمكن تفنيد وجود تعاون بين العديد من المؤسسات الاقتصادية فيما بينها، ولكن يمكن توسيع رقعة ذلك لتحقيق المزيد من التكامل والانسجام.
- ما هو المطلوب اليوم من مسيّر المؤسسة، على اعتبار أن الأزمة الاقتصادية مستمرة ـ ويمكن القول ـ إنها قادمة خاصة بعد تطبيق بنود اتفاق الشراكة مع منظمة التجارة العالمية؟
 إن المسيّر مطالب بأن يطبّق القانون بحذافره، أي من المفروض أن يمنح العامل حقوقه الكاملة من دون نقصان، حيث من الضروري أن يحترم جميع معايير العمل، حتى يتسنى له أن يحقّق الربح فيما بعد، أي بعد أن تختفي المشاكل ويتفرغ كل عنصر في المؤسسة إلى العمل والنهوض بالإنتاج، ولأنه في القوانين العالمية نجد أن المؤسسة الإنتاجية ملك للجميع أي للمتعامل والعامل والدولة. ويجب أن نسعى ونبذل جهودنا في ظلّ هذا المسعى، أي كل فرد يتحمل مسؤوليته حتى نكون عضوا في منظمة التجارة العالمية، ولا يمكننا أن نتقوى من دون بذل الجهود والعمل المستمر، ولا شك أنه بالثقة والشفافية والحماس يمكننا القفز إلى ضخّ الثروة وامتصاص البطالة والتحرّر تدريجيا من قبضة التبعية للنفط.
- الواقع يؤكد أن المؤسسة الاقتصادية الجزائرية مازالت منغلقة على الكفاءة.. ما رأيك.. ولماذا؟
 أعترف أنه بشكل عام نجد أن المحيط العام للأسف لا يشجع الكفاءة، أي قبل الوصول إلى المؤسسة الاقتصادية، ومن الضروري تغيير الذهنيات الحالية التي لا تخدم مواكبة التطور والتنمية، ولأنه لا يمكننا التقدّم من دون الاعتماد على الكفاءات، وأدعو في هذا المقام جميع الجزائريات والجزائريين للتجنّد والعمل بيد واحدة للنهوض باقتصادهم، لأن الجزائر من أغنى بلدان العالم وفوق ذلك تتمتع بثروات طبيعية وباطنية وموارد بشرية، وإذا أقحم في المعركة التنموية سواعد الكفاءات والعمال المجتهدين يمكن للظرف الاقتصادي الحالي أن يكون نعمة نستدرك بها أي تأخر مسجل على الصعيد الاقتصادي، ومن ثم التحرّر من التبعية للإيرادات النفطية وبالتالي الانفتاح على مرحلة جديدة وواعدة للاقتصاد الوطني.