طباعة هذه الصفحة

الدكتور مهماه بوزيان في قراءة للمشهد الطاقوي:

«أوبك» مدعوة لإنضاج رؤية دقيقة مع شركائها لما بعد اتفاق خفض الإنتاج

حاورته: فضيلة بودريش

يقف الدكتور مهماه بوزيان، خبير طاقوي على مستجدات السوق الطاقوية، مؤكدا أن روسيا باتت تتطلع إلى تأسيس إطار جديد للتعاون مبني على شراكة إستراتيجية، كون ذلك صار أمرا حتميا في ظل عدم وجود آلية للخروج الآمن من اتفاق خفض الإنتاج، وتطرق إلى النقاش الجاري بين أوبك وشركائها حول «عدد كبير من الخيارات»، يتعلق بالتعاون المستقبلي في سوق النفط العالمية.

«الشعب»: شهدت أسعار النفط خلال الأسابيع الماضية انتعاشا بلغ سقف الـ 70دولارا، لكن سرعان ما عرفت تراجعا..ما هي الأسباب؟
 الدكتور بوزيان مهماه: في البداية ينبغي التنبيه إلى وجود تباين في وجهات النظر بين أعضاء أوبك وشركائها، وعلى وجه الخصوص كبار المنتجين حول مفهوم «توازن السوق»، وكذا حول مستوى «السعر الجيد» أو «مستوى الأسعار المناسبة للنفط»، فبينما ترى إيران بأن الـ 60 دولارا للبرميل سعر جيد للخام حاليا، وأن سعر الـ 70 دولارا لبرميل خام القياس العالمي برنت أعلى مما ينبغي، حيث تتبنى إيران منطق تحاشي مخاطر  التقلبات الحادة للسوق كونه من مصلحة المنتجين والمستهلكين، على حد سواء، وتحث أوبك بأن تركز على النظرة القصيرة المدى للسوق كخيار أفضل، بينما تصف روسيا مستوى الـ64 دولارا بأنه مقبول، وهي تتقاسم كذلك المقاربة الإيرانية بأن السعر المرتفع ستكون آثاره وخيمة على مستقبل الأسعار والتوازنات في حد ذاتها. في حين ترى «أرامكو» السعودية أن الأسعار يجب ألا تقل عن الـ 70 دولارا، بل تطمح الوصول إلى الـ 80 دولارا كمستوى لائق، وهذا التباين في الرأي من شأنه إضعاف «القوة الساحبة لسعر برميل النفط نحو الأعلى» فيكون منحى الأسعار متأرجحا صعودا وهبوطا، ومن جهة أخرى نجد استمرار الخلافات بين اللاعبين الأساسيين في سوق النفط في تقييم تأثير تعافي الأسعار على إنتاج الخام الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية وزيادة إنتاجية ومردودية منصات الحفر، وكذا تأثير الأسعار العالية أي (فوق 70 دولارا للبرميل) على مدى تأثير التحفيز في نمو وتطوير بدائل الطاقة وتنويعها، مع سهولة الحصول عليها والتضييق من فجوة «احتياج الطاقة العالمي» على المديين المتوسط والبعيد.
كما أن تراجع الأسعار هذه أثرت فيها عدة عوامل ظرفية، منها أساسا ما يتعلق بتخمة المعروض النفطي ومختلف الإمدادات التي تحد من إمكانية زيادة تقلص حجمه، حيث تأتي التهديدات بزيادة المعروض النفطي من الخام، من جهتين، الأولى تتمثل في نمو الإنتاج الأمريكي بشكل جامح لكسر سقف الـ 10 مليون برميل يوميا، وبحسب توقعات وكالة الطاقة الدولية، فإن الإنتاج الأمريكي قد يصل إلى 10,6 مليون برميل يوميا في أقرب وقت، محطما الرقم القياسي لعام 1970 المقدر بـ (9,6 مليون برميل)، على أن يواصل ارتفاعه في عام 2019 ليصل إلى 11,2 مليون برميل. ويأتي التهديد الثاني من جهة بعض المنتجين المنضويين تحت سقف خفض الإنتاج (كارتفاع الإنتاج الروسي في شهر مارس إلى أعلى مستوى له في 11 شهر إلى حدود 10,97 ملايين برميل يوميا مع احتمال عودته في شهر أفريل الجاري إلى مستواه منذ سنة، حيث سجل الإنتاج الروسي ضخ 11 مليون برميل يوميا في أفريل من السنة الماضية، لكنه سيبقى على أية حال دون مستوى 11,247 مليون برميل يوميا والذي يمثل مرجعية التخفيض أي (مستوى الإنتاج الفعلي في أكتوبر 2016)، حيث إلتزمت روسيا بخفض ما مقداره 300 ألف برميل يوميا عن هذا الحد. كما صاحب زيادة الإنتاج الروسي النفطي زيادة إنتاج العراق، ثاني أكبر منتج داخل أوبك، حيث تجاوز إنتاجه المستوى المتفق عليه عند نحو خمسة (5) ملايين برميل يوميا في أوائل 2018، مقارنة بـ4,4 مليون برميل يوميا، كما ورد في نص الاتفاق، كما يتطلع العراق الوصول بحلول عام 2022 إلى طاقة إنتاج من النفط الخام بـ 6,5 مليون برميل يوميا،
ويمكن القول كذلك من العوامل المؤثرة ضمن هذا المنحى أيضا والذي يحد من مكاسب ارتفاع الأسعار، فبالإضافة للعوامل الموسمية في الأسواق المحلية، تأتي توقعات سلبية بإمكانية خفض السعودية لأسعار الخام الذي تورده لآسيا، إذ من المتوقع أن تخفض السعودية أسعار جميع الخامات التي تبيعها إلى دول آسيا في شهر ماي المقبل، بما يتماشى مع تراجع أسعار خام دبي القياسي في الشرق الأوسط. إلى جانب التخوف من احتمال نشوب نزاع تجاري محتدم بين الولايات المتحدة والصين وامتداده إلى منطقة الأورو. ويضاف إلى كل ذلك مشاريع التطوير التي تجري عالميا بخصوص التوسع في استخدام الغاز الطبيعي. على خلفية أن الصين على سبيل المثال تخطط لزيادة طاقة استقبال الغاز الطبيعي المسال بشكل هام جدا، على مدى السنوات الست المقبلة، ورفع الإنتاج المحلي من الغاز الصخري بنحو الثلثين (2\3) بحلول عام 2020، في إطار مسعى الحكومة الصينية لإنتاج وقود نظيف سيشكل نصف إجمالي إمداداتها من الطاقة بحلول 2023.

مواصلة بناء مسار اتفاق الجزائر التاريخي

هل يصمد اتفاق خفض الإنتاج بين «أوبك» والمنتجين خارج منظمة «أوبك»، هذه السنة؟
 إن الالتزام القوي بتخفيضات الإمدادات من جانب أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها مثل روسيا، يساعد في دعم سوق النفط، لأن العديد من المصادر المتابعة لمسار أوبك تعتقد بأن المنظمة وحلفائها من المرجح أن يواصلوا التقيد باتفاقهم لتخفيض الإنتاج حتى نهاية عام 2018، لكن تنامي الإمدادات المتأتية من الولايات المتحدة الأمريكية يضع ضغوطا على الأسعار، مما يحتم على المجموعة «أوبك وشركائها» التمسك بآلية المتابعة والمراقبة لأوضاع أسواق الخام، حتى وإن حتم الأمر إدخال تعديلات جديدة على الاتفاق وإعادة تعميق الرأي حول بنوده في اجتماع جوان المقبل، وأرى بأن المراجعات أمر جيد وهو دليل على حيوية عمل المجموعة، لكن الأمر الصعب لجدوى أي جهد أو مقاربة، يعد الجمود في المسعى والانغلاق داخل قوالب الاتفاقات والتخندق في الرأي مع البعض ضد البعض الآخر حول مسألة حساسة، والمتمثلة في الخام النفطي وإتجاهات أسواق الطاقة، وأجدد التأكيد أنه ينبغي على منظمة أوبك إنضاج رؤية مشتركة مع شركائها لما بعد اتفاق خفض الإنتاج، في إطار مسعى إستراتيجي لبناء مسار كامل والذي إصطلحنا عليه «بناء مسار إتفاق الجزائر التاريخي وتجسيد روحه ومضامينه»، لذا من الضروري في الوقت الحالي النظر إلى ما هو أبعد من إعادة التوازن إلى السوق واستمرار الشراكة بين أوبك والمنتجين من خارجها، وتعزيزها وتنويعها حماية لمصالح الجميع وتثمينا للعمل المشترك الذي تم إلى حد الآن.
وما يدعو للتفاؤل ضمن هذا المنظور التماسك الذي تبديه «منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)» لحد الآن، رغم الاختلاف في القراءات السياسية بين العديد من أعضائها، فهذا يعد سابقة جديرة بالتنويه على مستوى النضج العالي في أداء المجموعة، حيث أنها سجلت التزاما صارماً باتفاق تقييد الإمدادات من قبل أعضائها تجاوز 100٪ في شهر فيفري، ليصل بعدها إلى مستوى 137٪ في شهر مارس بحسب تقارير متعددة، كما أن الشراكة بين أوبك والمنتجين المستقلين من خارجها تحقق بدورها نجاحا متميزا.
واغتنم الفرصة لأدعو أسرة أوبك على وجه الخصوص إلى الاستماتة في خيار «صمود الاتفاق»، إلى نهاية هذا العام 2018، خاصة مع وجود بوادر مشجعة لإمكانية عودة أكثر طبيعية للأوضاع الاقتصادية، أفضل مما كانت عليه في العشر سنوات الأخيرة، مما سيسهم في استمرار حالة تعافي الاقتصاد العالمي، خلال هذا العام والعام المقبل، حيث تتوقع مثلا: «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» تحسناً لاقتصاد مجموع الاقتصاديات الكبرى، مع نمو التجارة الدولية بنحو 5٪ عام 2018 نتيجة لانتعاش الاستثمارات العالمية، لذا نجد هذه المنظمة قد قامت برفع سقف توقعاتها لنسبة النمو خلال سنتي 2018 و2019 لمجموعة الاقتصاديات المتقدمة لأعلى مستوى منذ 2011 عند رقم 3,9 ٪،  بدلا من تقديرات سابقة عند 3,6 ٪ للسنتين.
كما تتوقع إلى جانب ذلك زيادة قوة الاقتصاد الأمريكي في الأشهر المقبلة، كدعم تقدمه التخفيضات الضريبية في الولايات المتحدة للنمو الاقتصادي، وإذا أقر فعلا مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع أسعار الفائدة أربع مرات هذا العام فمن المرجح أن تنشط التخفيضات الضريبية الاقتصاد الأمريكي لتصل نسبة نموه 2,9 ٪ هذا العام و2,8 ٪ عام 2019. وهذا من شأنه تنشيط الطلب على الخام مما سيسمح بتسريع وتيرة الاقتراب من التوازن المنشود على مستوى الأسواق النفطية. ورغم أن مخزونات النفط الخام التجارية في الولايات المتحدة ارتفعت على غير المتوقع لتصل في السادس من أفريل إلى 430 مليون برميل، ففي المقابل هناك تفاؤل بأن المخزونات التجارية لمنطقة التعاون الاقتصادي ستنخفض إلى متوسط خمس سنوات، ولكنه سيبقى تفاؤلا حذراً.
لذلك لا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به في إطار مراقبة السوق النفطية وتقييمها، وعلى اللجنة الفنية المشتركة أن تواصل عملها بشكل حثيث من خلال اجتماعاتها طوال هذه السنة 2018، من أجل مواصلة تقييم البيانات، وينبغي التنبيه أنه حتى في حالة الاقتراب من توازن السوق ستبرز معضلة كبيرة تتعلق بتراجع الاستثمارات في الاستكشاف والتنقيب. بالإضافة إلى ضرورة تقريب وجهات النظر حول الإشكالية التقليدية التي تعاود البروز في كل مرة والمتمركزة على تنسيق خفض الأسعار بين الدول المنتجة بغرض حماية الطلب ودعم الحصص ولو على حساب الأسعار.
إطار جديد للتعاون بشراكة إستراتيجية
في ظل إعلان روسيا نية الانسحاب..ما مدى تأثير ذلك على السوق؟
 على العكس من ذلك، يسجل في الوقت الحالي تقييم إيجابي من طرف أكبر منتج داخل أوبك ويتعلق الأمر بالسعودية وأكبر منتج من خارجها أي روسيا لـ»آلية التفاعل» الحالية وتأكيدهما على أنها آلية أثبتت فعاليتها في نظرهما. ولذلك ليس من الحكمة إطلاق أي تصريح والتصرف عكس ذلك في سوق نفط حذر وعصبي وحساس لأي تأزم، بل ما نتوقعه يتمثل في تحقق رغبة الشركاء في التأسيس لآلية جديدة للتعاون مستقبلا خاصة بين روسيا و»أوبك» على المدى البعيد، فروسيا مثلا تأمل في تأسيس منظمة مشتركة للتعاون بين أوبك والمنتجين المستقلين فور انتهاء سريان الاتفاق الحالي الخاص بخفض إنتاج النفط في نهاية 2018 مع تنسيق الجهد لبناء مسار كامل للتعاون في المستقبل الممتد بآجال طويلة، وروسيا ليس لها رغبة في الانضمام إلى أوبك، كما هي بل تريد تأسيس إطار جديد للتعاون مبني على شراكة إستراتيجية، كونه بات أمرا حتميا في ظل عدم وجود آلية للخروج الآمن من اتفاق خفض الإنتاج، دون أن نغفل بأنه يجري حاليا نقاش بين أوبك وشركائها حول «عدد كبير من الخيارات»، بشأن التعاون المستقبلي في سوق النفط العالمية. فاعتقادي بأن الرغبة في تعزيز المكاسب المحققة حتى الآن كفيل بضمان ديمومة، حتى وإن كانت متواضعة، في التعاون والتوافق والعمل المشترك داخل أسرة أوبك ومع شركائها من خارجها من أجل ضمان قيمة جيدة لسعر برميل النفط، وتثمين عوائد هذا المورد الطاقوي.

الجزائر تقف على مسافة  واحدة مع مختلف الفرقاء

في خضم المتغيرات الراهنة خاصة الجيو سياسية.. كيف يمكن للجزائر أن تدافع على حقوقها في السوق النفطية؟.. وما هي الخيارات الممكنة؟
 حقيقة الصورة الجيوسياسية تبدو كرمال متحركة حتى في المنظور القريب، ومع كل حالة التفاؤل التي تبديها القراءات بخصوص الوضع فإن الاقتصاد العالمي عرضة لتهديدات حقيقية تحول دون تعافيه حقيقة والأمثلة ماثلة أمامنا.
فالتوترات التجارية تهدد أفضل توقعات تعطى للنمو العالمي في السبع السنوات الأخيرة، والتخوف كذلك قائم من إمكانية نشوب حرب تجارية تبدو ملامحها في الأفق، قد تجعل الاقتصاد العالمي عرضة لاندلاع توترات تجارية، وكذلك تعاظم المخاوف الجيوسياسية في الشرق الأوسط، والجزائر تبقى لديها دوما عناصر مؤثرة تمتلكها ضمن أرصدة قوتها، هذه العناصر المؤثرة تمتد من أهمية القرب الجغرافي للفضاء الأوربي ووجودها في أحد النقاط الجيواسترتيجية الهامة كمحور للتبادلات العالمية (إفريقيا، أوروبا، آسيا، أمريكا)، وصولا إلى امتلاك الجزائر لجاذبية جيولوجية هامة بالنسبة لمواردها الباطنية، كما أن الجزائر بلد يحظى بالاحترام من قبل كل الشركاء ودول العالم، فهي لم تتورط في حروب أو مشكلات سياسية أو اقتصادية أو تجارية عابرة للحدود، والجزائر تقف على مسافة واحدة مع مختلف الفرقاء خاصة أعضاء أسرة أوبك، كما أن الجزائر مشهود لها بالوفاء بإلتزاماتها الطاقوية لإمداد زبائنها بالمورد الطاقوي، ولم تتخلف في يوم ما عن إلتزاماتها تلك حتى في فترة العشرية السوداء.
على هذا الأساس يمكن للجزائر من خلال تفعيل ما لديها من أرصدة قوة من خلال بناء منظومي لـ «الديبلوماسية الطاقوية»، تتظافر فيه كل جهود المؤسسات الرسمية لاستكشاف الأسواق وتوجهاتها وبناء اليقظة الإستراتيجية في المجال الطاقوي والبحث عن عناصر الولوج السلس للأسواق الخارجية والاستثمارات الأجنبية وإقتناص الفرص (إستثمارات، قروض، شراكة في مؤسسات خارجية، شراء لأسهم، شراء لأصول، تعاون رابح رابح)، مما سيمكننا من تعزيز من مكانة الجزائر كشريك موثوق فيه ويعول عليه ومستدام ضمن الخارطة الطاقوية المستقبلية، لكن شريطة أن نقوم وبالسرعة القصوى من إدخال مراجعات هامة على مستوى تشريعاتنا لسوق الطاقة (قانون الطاقة، قانون المحروقات، النموذج الطاقوي للإستهلاك، نموذج الأعمال التجاري لسونطراك)، مع الإندماج ضمن طبيعة تحولات الأسواق العالمية (التحول من العقود الآجلة إلى الأسواق الفورية) وللاستفادة من روحها لتحقيق التوافق مع شركائنا التقليديين والمستقبليين. دون إغفال رهانات الغاز كرهان مركزي ومنظومي وتنموي في سياستنا الطاقوية، وتحديات إستمرار دورة إنهيار أسعاره في السوق العالمية إلى غاية آفاق 2023.

إرساء نموذج أعمال تجاري

ما هي آفاق الاستثمارات والصناعة النفطية في الجزائر؟
 الجزائر أمام خيار التنويع الاقتصادي، وينبغي أن تحقق تنويعا حقيقيا في السلاسل الصناعية وفي أنماط العمل والأداء وأن تبني وعاء اقتصاديا، يستوعب إمكانيات تثمين كل ثرواتنا (ما فوق الأرض وما تحت الأرض)، ومن منظوري الخاص، أعتقد أنه لا معنى للتنويع الاقتصادي إذا لم يمتد بأثر إيجابي إلى النشاط الطاقوي (مكامن، وموارد، ونشاطات المنبع، ومنتجات). ومن هذا المنظور أقترح تعضيد المسعى الوطني الذي يتوخى تعزيز إحتياطاتنا من الموارد الخام الطاقوية التقليدية وغير التقليدية ومواردنا المنجمية والمعدنية، مع تثمين مختلف هذه الموارد الطاقوية سواء أحفورية ومتجددة وجديدة وموارد منجمية (تدخل في الصناعات الطاقوية أو مستهلِكة بشراهة للطاقة أي بحاجة إلى إمدادات طاقوية معتبرة) مع تثمين المورد المائي (الخزانات المائية الجوفية و أعماق البحار، وحماية وتثمينا وتحلية وتنقية وإستخداما وكذلك إستكشافا للمكامن الطاقوية في عرض البحر).
مع ضرورة العمل على تعبئة مختلف هذه الموارد ضمن تصور متكامل وليس متضاد أو تنافسي، بل عبر منحى تفاضلي يستوعب المنظور الزمني ويستجيب للطلب الوطني والتكفل لزاما بتغذية السوق المحلية، وأيضا يستوعب تطورات مشهد الأسواق العالمية.  دون إغفال أهمية امتداد تصور التنويع في الشركاء في الداخل والخارج والتنويع في الأسواق (ولوج أسواق جديدة مع العمل على توفير شروط إيجابية تحفظ لنا أسواقنا التقليدية)، وأيضا التنويع في أنماط التمويل وتركيب الشركات المالية، والتنويع في النشاطات خارج الحدود الجغرافية للجزائر، بالإضافة الى إرساء الصناعات البتروكيماوية ضمن أولويات التطوير والصناعات التحويلية مع توخي التنويع في أنماط تركيب هذه الصناعات أو في توفير المنتوج المصنع، وأيضا في مجال التكرير، الإستفادة من عروض الشركات العالمية الناشطة في هذا المجال لتوفير الوقود للسوق الوطنية وتفادي شرائه بالعملة الصعبة، بحيث أننا سنصل إلى تراكيب ذكية وسلسة تثمن الغاز الطبيعي الجزائري وتمكننا من تسويقه تبعا لأنماط ذكية جديدة، خاصة مع دخول أسواق الغاز الطبيعي لحالة الاندماج المعولم وتعميق أزمة أسعاره بشكل جلي، بدءا هذا العام 2018 وصولا إلى آفاق 2023). وهذا كله يحتاج إلى أربعة ركائز أساسية:
- قانون محروقات جديد يثمن الجاذبية الجيولوجية لحقولنا ويحقق الجاذبية للاستثمارات الأجنبية التي ستجلب التكنولوجيات الجديدة الرفيعة العالية المستوى (في مجالات الإستكشاف، والتقيب، والإنتاج، والإسترجاع) وقدرات كبيرة في التمويل ورفع العبء على الشركة الوطنية سونطراك للتفرغ لمهام التجديد والتطوير والنفاذ باقتدار للأسواق الخارجية على تنوعها.
- بناء «نموذج أعمال تجاري» للشركة الوطنية سوناطراك، نموذج تجاري يستوعب التحديات العالمية المستقبلية (جذب التكنولوجيات العالية، بناء القدرات وتجنيد الكفاءات البشرية العالية التكوين، التأمين، الرفع من وعاء الاستثمارات، تجديد الاحتياطات، الرفع من قدرات الاسترجاع، التنويع في المنتوجات، مباشرة صناعات بترو كيماوية حديثة، التأمين، الشراكة بدلا من المنافسة.. بناء «النموذج الوطني للإستهلاك الطاقوي»، أمام وتيرة النمو المتزايدة للطاقة في الحظيرة الوطنية، وأيضا التكفل بتحديات الاستجابة للطلب الوطني المتزايد على الطاقة والتكفل بحتميات الترشيد الطاقوي والنجاعة الطاقوية وإقتصاد الطاقة. مراجعة قانون الطاقة من خلال استيعاب التوجهات الوطنية الجديدة، والتي تضع الطاقات المتجددة أولوية وطنية.