طباعة هذه الصفحة

في انتظار إتمام برنامج تهيئة الحظيرة الفندقية العمومية

فرص سياحية أخرى قد تضيع في موسم الاصطياف المقبل

سعيد. ب

الفعل السياحي ليس تصرفا ارتجاليا وإنما يخضع لتخطيط مسبق

يتوقّف مسار النهوض بالسياحة في جانب هام منه على مدى التقدم في انجاز برنامج عصرنة الحظيرة الفندقية العمومية، التي رصدت لها الدولة قبل سنوات موارد مالية معتبرة بحوالي 1 مليار دولار، للرفع من طاقة الإيواء وتحسين الإطار الفندقي وبالأخص ترقية الخدمات التي تشكّل العنصر الجوهري في المنافسة عن طريق التكوين والتأهيل، خاصة أمام اتساع نطاق الفنادق التابعة للقطاع الخاص والتي بدأت تدخل النشاط.
إذا كانت بعض المؤسسات وعددها محدود قد أنهت عمليات التحديث، فإن عددا معتبرا من الفنادق والمركبات لا تزال في مستوى الورشة يتراوح فيها معدل تقدم الأشغال بين نسبة متواضعة للبعض ومتأخرة للبعض الآخر، فيما يداهم موسم الاصطياف سوق السياحة هذه السنة مع التطلّع لتسجيل ارتفاع في الطلب يستوجب مراعاة المؤشرات التي تلوح في سوق السياحة خاصة في المناطق الساحلية.
الملاحظ، أن إطلاق المشاريع المتعلقة بعصرنة وتحديث المرافق الفندقية العمومية دفعة واحدة خاصة في المواقع ذات التميز السياحي في فترة الصيف، أحدث خللا في معاجلة العرض والطلب بتراجع الأول وارتفاع الثاني، مما يقود حتما إلى وضعية غير مريحة يستفيد منها بالدرجة الأولى أصحاب الفنادق الجاهزة للخدمة فتطبق أسعار مرتفعة ومبالغ فيها وتضيع وسطها جودة الخدمة.
وإذا كان وقتا قد ضاع طوال مختلف مراحل دراسة وإعداد وإطلاق الصفقات المتعلقة بعمليات انجاز المشاريع، فإن الظرف يقتضي التحرك في الميدان للرفع من وتيرة النشاط على مستوى الورشات دون تفريط في معايير الانجاز الفنية والتقنية، وبالتالي تدارك المؤشرات السياحية قصد إعادة تلك الموارد الهائلة في الآجال القانونية.
قد تضيع فرصا ثمينة هذا الصيف لبعض الوحدات الفندقية، وان كان بالإمكان تعويضها بمشاريع بديلة، لكن الأنظار تتجه للمواسم المقبلة بدءا على الأقل من بداية الموسم السياحي القادم، لتعويضها، شريطة أن يتمّ الحرص على الرفع من وتيرة الأشغال على مستوى المواقع التي تعتبر من بين الأرقام الثابتة في النسيج الفندقي، خاصة تلك المتواجدة على مستوى الساحل وسط البلاد.
يشكل الاستثمار السياحي وبالذات الفندقي محورا في بناء النموذج الاقتصادي الجديد للنمو ويكتسي طابعا تنافسيا في المديين المتوسط والطويل بعد أن تدخل المشاريع الجارية حيز النشاط التجاري، ولذلك لا يمكن البقاء على تلك الوتيرة البطئية في انجاز الأشغال بينما يضيع جانب كبير من الطلب لتستفيد منه أسواق إقليمية تعرف كيف تقلب موازين السوق رغم فقدانها لعنصر هام فيه، ألا وهو الجانب الأمني.
تمتاز السياحة في بلادنا، علاوة على الموارد الطبيعية التي لا تحتاج إلى عمل كبير لتسويقها، بتوفر الأمن الذي يشكل القلب النابض للمناخ الملائم الذي يعزّز الطلب والثقة في سوق السياحة المحلية، غير أن القائمين على مختلف جوانب السوق المتميزة بالوفرة بالنسبة للمواد التي تحتاج إليها والطمأنينة في المحيط، لا يزالون في مرحلة التطلع للمستقبل من خلال البقاء في مستوى التنظير والتصورات وإطلاق الآمال، التي يمكن أن تتحوّل إلى حقائق لو يتطور السلوك من الطابع المكتبي إلى الممارسة في الميدان للوقوف على كل صغيرة وكبيرة.
ولعلّ ما يلاحظ في خانة النقائص، التي لا تتطلب عناء كبيرا لتحديدها، مسألة ضعف الاتصال في هذا المجال، حيث لا يزال القطاع منغلقا على نفسه ولا يتعدى الجهد مجرد نشاطات لا تقدم البديل، بينما تقع المهمة في الأصل على عاتق القائمين على المركبات والفنادق والمتابعين للمشاريع، وهو أمر يشمل كل القطاعات تقريبا، لإظهار الحقائق من أجل توطيد الثقة في السوق وبعث رسائل توضح الرؤية في المدى القصير، ذلك أن الفعل السياحي ليس تصرفا ارتجاليا وإنما يخضع لتخطيط مسبق.