طباعة هذه الصفحة

الفنّان التّشكيلي حسين هوارة:

ريشة سخيّة بألوان مميّزة

 على الرغم من تجاوزه سن 71 سنة ما تزال ريشة الفنان حسين هوارة أحد أعمدة الحركة التشكيلية بباتنة والأوراس سخية، وألوانه المستمدة من رونق طبيعة الجهة مميزة لحد التعريف به.

لم يتوقف ابن مدينة القنطرة التي كانت في يوم ما تابعة إقليميا لباتنة قبل ضمها إلى بسكرة وصاحب اللوحة الشهيرة (نعناعة)، إلى حد الآن عن العطاء بعد أكثر من 44 سنة من العمل والبحث المتواصل في عالم الفنون التشكيلية الذي ولجه في عام 1968 عند التحاقه بمدرسة الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة وعمره لا يتجاوز ال 20 سنة.
وعاد الفنان الذي تتنوع أعماله بين الانطباعية والواقعية والتجريدية، مجددا لعرض أعماله بدار الثقافة محمد العيد آل خليفة بباتنة بمناسبة إحياء اليوم الوطني للفنان بلوحات زيتية جديدة حملت خبرة سنوات طويلة من مداعبة الريشة والألوان منها (لحظة هروب) و(الأم الأوراسية) و(الطوفان) و(رماد ودخان) و(نوم الحلم ) و(تشكيل).
لكن رغم اختلاف المواضيع من لوحة الى أخرى إلا أن الأزرق بتدرجه كان القاسم المشترك فيها وعنه صرح الفنان لـ «وأج» «إن هذا اللون بالذات يجعلني دوما في حالة هروب نحو عوالم أخرى تمكنني من العطاء بسخاء، وتجعل ألواني تنساب كالحلم مثلما كانت خيوط الصوف تتشكل بين أصابع أمي وهي تحيك الزرابي ذات الألوان الزاهية المستمدة من جمال الطبيعة في مسقط رأسي القنطرة».
كنت دوما أراقبها - يضيف المتحدث - «من الجهة المقابلة للمنسج وأنا طفل اكتحلت عيناه الصغيرتان بجمال الرموز والرسومات التي كانت تتشكل تدريجيا في الزرابي، وربما من هنا استقيت سر ألوان لوحاتي بعد ذلك».
ولم يخف الفنان الذي درس لسنوات بعد تخرجه من مدرسة الفنون الجميلة، مادة الفنون التشكيلية بعديد الثانويات وكذا المدرسة الجهوية للفنون الجميلة بباتنة بأن «مخيلته احتفظت بصورة رآها في منزل الجيران فرسخت في ذاكرته»، مردفا: «أحسست حينها وأنا لم ألتحق بعد بالمدرسة أنها غير عادية، واكتشفت بعد ذلك لما التحقت بمدرسة الفنون الجميلة بأن الصورة التي أذكت في الإحساس المبكر بالفن ما هي إلا لوحة للفنان الإسباني فرانسيسكو دو قويا».
وعن الألوان التي يوظّفها هوارة في لوحاته، قال صديقه وهو واحد من رواد الحركة التشكيلية بباتنة محمد بركان (68 سنة) بأنه «يختارها بعناية فائقة وببراعة لا يعرف سرها إلا متمرس، وهي ألوان ليست عشوائية وإنما نتيجة أبحاث لذا فهي تتحدث عنه في كل مرة».
ويحمل الفنان التشكيلي حسين هوارة رغم مشواره الحافل بالعطاء مكانة خاصة لـ (نعناعة) اللوحة الأيقونة التي فتحت له طريق الشهرة من بابه الواسع، ومكّنته في سنة 1981 من التتويج بالجائزة الأولى في المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بسوق أهراس.
وتعبر تلك اللوحة التي عرضت لأول مرة في سنة 1979 في معرض الأوراس بالعاصمة عن بورتريه لطفلة من قريته الصغيرة القنطرة اختزلت - حسب تصريحات الفنان - «ملامح أطفال الجزائر حينها وحملت في طياتها بعضا من ذكريات طفولته، وأخذت شهرتها من ملامح الطفلة البريئة والألوان التي أضفت عليها سحرا أخاذا، وجعلتها الأفضل في أعمال ابن القنطرة الذي ظل محتفظا بها ورفض بيعها».
وما يؤرق الفنان التشكيلي حسين هوارة اليوم هو «غياب رواق للعرض بباتنة مما أثر على الأسرة الفنية»، وجعل المعارض فيها - حسبه - «جد متباعدة رغم أن عاصمة الأوراس معروفة بكثرة فنانيها التشكيلين، الذين استطاعوا أن يكونوا مدرسة فنية قائمة بحد ذاتها».
فأوج متعة الفنان بعد رحلة تشكيل اللوحة والبحث عن الألوان المناسبة التي تصنع تميزه تكون. وفق ما أكده. «في اللحظة التي يعرض فيها عمله الفني على الجمهور».
لذا فالعرض بالنسبة لنا كفنانين - يضيف المتحدث - هو «تواصل واستمرارية قبل أن يكون استراحة من أجل التحضير للخوض في رحلة بحث جديدة عن مواضيع أعمال فنية أخرى قد يتم بلورتها خلال جلسة فنية».
«فنحن اليوم بحاجة إلى فضاء دائم للعرض بوسط مدينة باتنة يكون ملتقى للفنانين التشكيليين، فأنا مثلا لم أعرض منذ سنوات بباتنة وآخر معرض لي خارجها كان جماعي في سنة 2015 بالجزائر العاصمة، وبالإمكان لو تجسد هذا المطلب الذي يؤكد عليه فنانو باتنة في اليوم الوطني للفنان أن تصبح المدينة تعيش مواسم مزدهرة للفن التشكيلي»، يضيف حسين هوارة.
فهذا المرفق - وفق ذات الفنان التشكيلي - وهو أيضا نحات وفنان سيراميك «شكل لسنوات طويلة حلم كل فناني الجهة انطلاقا من الأب الروحي للحركة الفنية التشكيلية بعاصمة الأوراس الفنان المرحوم عبد الرحمان طمين المدعو عبدو.