طباعة هذه الصفحة

السلالة: حرفة قديمة أنقذها شغف حرفية من الزوال

عائشة العايب: صامدة رغم العراقيل

حبيبة غريب

هي شابة في مقتبل العمر عصامية التكوين، أحبت منذ نعومة أظافرها حرفة السلالة وظفر الحلفاء والدوم، التي كانت تمتهنها في بيت جدتها بتيسمسيلت وتتوارث من جيل إلى جيل،   فتمسكت بها منتهلة من خبرة جدتها وعماتها كل التقنيات والحيل، فتفنّنت بدورها وجعلت لنفسها اليوم اسما في مجال الصناعات التقليدية، مدافعة بكل ما أوتيت بقوة عن حرفتها وتسعى بدورها لنقلها إلى الشباب الراغب في تعلمها وامتهانها. إنها الحرفية عايشة العايب، التقت بها «الشعب» الأسبوع الماضي وهي تشارك في الورشات الحية التي نظّمتها الجمعية الوطنية «تراث جزايرنا» على هامش فعاليات الملتقى الدولي الأول» حرف وصناعات عبر العصور الذي نظّمه معهد الآثار بجامعة الجزائر 2 أبو القاسم سعد الله بالتعاون مع المركز الوطني للبحث العلمي في الآثار.
 شهد جناح عايشة العايب خلال يومي المعرض إقبالا كبيرا من قبل المشاركين في المعرض وطلبة الجامعة، استهوتهم القفة والحقائب وأطباق الخبز والكسكاس ومكنسة الدوم والقبعات وأشياء جميلة أخرى صنعتها وزينتها بحب أنامل ابنة تيسمسلت، التي صرحت قائلة: «حرفتي هذه موروثة عن الأجداد أنا الابنة البكر في العائلة وبحكم التقاليد ترعرعت في بيت الجدة ومنذ صغري كنت أميل إلى التاريخ والتراث والتقاليد. عندي عدة هوايات، جمع الطوابع البريدية، لي محاولات شعرية وخواطر وأكتب القصة القصيرة، أبحث واجمع الأمثال والاحجيات التي علينا أن ندونها بلهجتها الأصلية كي نحفظها من الزوال».
حالت العشرية السوداء دون أن تزاول عائشة دراستها وبعد انتقال عائلتها للعيش إلى مدينة الشلف التجأت إلى التعليم عن طريق المراسلة لتكمل المشوار، إلى أن بلغت المرحلة النهائية، في حين تمسكت بحرفتها وقامت بالموازاة بدورات تكوينية في الإعلام الآلي، الخياطة، الحلاقة وتربية الأطفال.
عبّرت عن أسفها الشديد لعزوف الكثير من النساء الجزائريات عن استعمال «الكسكاس» بالرغم، تقول من فوائده في تحضير الطعام  الصحي ونكهته الخاصة، كون الحلفاء والدوم يعرف عنها أنها دواء للمعدة وللجسم، مضيفة أنها استطاعت أن تغير الموازين وإعادة الاعتبار لمهنتها من إدخال عليها لمسة عصرية في الشكل والألوان والزخرفة لكن دون ان تبتعد كثيرا عن الأصالة.
 كان لعائشة منذ الصغر حلم كبير لطالما راودها وهو أن تصبح مكونة في حرفتها، فكان لها ذلك، حيث كشفت قائلة: «ساهمت كمعلم حرفي في تكوينات بتسيمسيلت وسعيدة وبسكرة وعنابة، هذا مع الجمعيات ودور الصناعات التقليدية جمعية بونا لترقية الصناعات التقليدية لها اليوم مشروع ممول من قبل الاتحاد الأوروبي حول  حرفة السلالة.

 نحتاج إلى اهتمام  ومساعدة المسؤولين

حرفة السلالة تقول عائشة العايب هي «سهلة جدا، تتطلب الصبر والوقت والتركيز، وفي نفس الوقت تحتاج إلى التسويق والمادة الأولية، مشيرة إلى أنها كحرفية تواجه اليوم العديد من العراقيل  حصرتها في «اليد العاملة ونقص التسويق وعزوف الاهتمام بالأدوات المصنوعة من الحلفاء، أوجّه ندائي للجمعيات ودور الصناعات التقليدية لمساعدة الحرف التي تبقى تقليدية ولم تطأها العصرنة مثل نسيج الزرابي والفخار والسلالة وغيرها في التعريف بها وترقيتها والحفاظ عليها».
 وفي ذات السياق، وجهت نداء إلى السلطات المحلية والهيئات والباحثين المهتمين بالتراث والصناعات التقليدية والحرف والسياحة وكذا البيئة، وحماية المستهلك والمحيط إلى تكتيف الجهود من اجل إعادة الاعتبار للصناعات التقليدية والحرفيين.
واليوم هي بصدد، تقول: «التحضير لنشر كتاب حول السلالة، كيف كانت في القدم، متى وكيف فقدت أو توارت عن الأنظار وكيف يمكن لنا الحفاظ عليها، وجاء هذا المشروع لأنني اكتشفت من خلال الأبحاث التي أقوم بها كل سنة في منطقة ما من مناطق الجزائر، انه  لا يوجد كتب حول الحلفاء والسلالة.