طباعة هذه الصفحة

أستاذ الموسيقى خالد سماني:

الموسيقى تتذيل ترتيب الفنون والسّبب غياب التّأطير

ورقلة: إيمان كافي

يطرح موقع الموسيقى بين ترتيب الفنون التي تحظى بالأهمية على عدة مستويات الكثير من التساؤلات حول مستقبل هذا الفن في الجزائر، والذي تتضاءل نسبة الاهتمام به في بعض المناطق الداخلية على الرغم من التنوع والثراء الكبير جدا في الطبوع الموسيقية المحلية منها والوطنية.

اعتبر الأستاذ خالد سماني خرّيج المدرسة العليا للأساتذة في اختصاص الموسيقى وأستاذ الموسيقى بالمعهد الوطني العالي لإطارات الشباب بورقلة، أنه لو نرتّب فن الموسيقى ضمن قائمة الفنون التي تحظى بالاهتمام المطلوب قد نجده وللأسف يتذيّل الترتيب، والسبب الرئيسي في ذلك يعود بشكل مباشر إلى ضعف التأطير، وتحكم النظرة المجتمعية رغم بعض التغيرات التي طرأت على الفكر المجتمعي عموما.
وأوضح المتحدّث أنّ الأرضية اليوم تفتقر لوجود فرق موسيقية محترفة أعضاؤها تلقوا تكوينا أكاديميا في الموسيقى، خاصة وأن نشاط الفرق الموسيقية الهاوية يبقى مناسباتيا أكثر ولا يستمر، وهذا على عكس ما كان في الماضي أين كان هناك فرق موسيقية وطربية محترفة بشكل كبير وحققت صيتا تجاوز الحدود الوطنية.
وذكر المتحدث أنه وعلى مستوى التكوين القاعدي في فن الموسيقى بورقلة، قد يكاد يكون تعليم الموسيقى منعدما في الثانويات نظرا لنقص التأطير في هذه المادة، وبالمقابل يسجل نقصا كبيرا في المتوسطات، وهذا رغم الكثير من المبادرات التي تطلقها دور الشباب لتدريب الشباب على الموسيقى، وتكوين الفرق الصوتية والإنشادية.
أما عن وضع تعليم الموسيقى في المعهد العالي لإطارات الشباب - فيقول المتحدث - أن الموسيقى مجرد مقياس، إلا أن المعهد مع ذلك يوفر الحد الأدنى من التكوين، ويقدم تكوينا نظريا وتطبيقيا للعديد من الطلبة الذين كانت للبعض منهم مشاركة مهمة جدا في أوبيريت «واحة المجد»، كما يضيف المتحدث أنه «حاولنا تكوين مجموعة صوتية بالتنسيق مع عدة فاعلين، إلا أنه لم تنجح أي محاولة بعد وهذا لأسباب تبقى غير ظاهرة، وأبرزها يرتبط بالنظرة المجتمعية التي أثرت كثيرا في دعم حركة فن الموسيقى». كما وقفت في كثير من الأحيان عائقا أمام نجاح مثل هذه المبادرات وهو تقصير من طرف المختصين أيضا، «لأننا نحن كموسيقيين لم نسوق لهذا الفن بالشكل الجيد»، لهذا لم تحظى الجوانب الإيجابية بحقها في الظهور للعلن.

التّهميش وغياب الهياكل..عراقيل كبرى تحتاج إعادة النّظر فيها

وأكّد بهذا الصدد أن المشكل في منطقتنا تحديدا ليس مرتبطا فقط بحدود عدم اهتمام الجهات المعنية بتدعيم هذه الفنون في هذه المناطق، فغياب الهياكل لا يعني أبدا أن تتوقف الموسيقى عن أداء مهامها ورسالتها التي وجدت من أجلها، خاصة ونحن نعيش على تنوع الطبوع الموسيقية المحلية الثرية جدا بما فيها العربي والأمازيغي، والذي يتطلب تطوره جهودا من كافة الناشطين في هذا المجال، إلا أنه وللأسف هناك حتى بعض المحسوبين على المجال الثقافي وحتى الموسيقيون بشكل خاص الكثير منهم لم يقدموا ما من شأنه تكوين جيل قادر على تطوير الموسيقى المحلية، لهذا كان من المهم التطرق إلى هذا النوع من المواضيع التي نادرا ما نطرق بابها، والتي تحتاج فعلا إلى إماطة الغطاء عنها من أجل الكشف عن مواقع الخلل وارتباطها بالعديد من الأمور ذات الصلة.
وشدّد الأستاذ خالد سماني على أن الخروج من هذا الوضع إلى الأفضل، يتطلب التأكيد على جانب التربية الموسيقية بشكل خاص، هذا الفن الذي يعد بالأساس تهذيبا للروح وإذا كان الشائع عنها سلبيا أكثر مما هو إيجابيا فذلك يعود على أصحابه، لذلك من المهم التفكير جديا وتصحيح نظرة المجتمع لبعض الأمور، والتي وإن كانت بعض التغيرات التي طرأت على الفكر المجتمعي غير كافية إلا أنه من المهم الاستثمار في القليل المتوفر للوصول إلى الدرجة المراد بلوغها تدريجيا.
وبالإضافة إلى ذلك من المهم الانطلاق بتكوين مجموعة صوتية محترفة وتعزيز توسيع مشاركاتها، ويحتاج ذلك إلى برنامج مسطر ومحدد الأهداف، وتكتلا بين المختصين في المجال من أجل تحقيق التكوين القاعدي الصحيح، الذي من شأنه ضمان استمرارية النشاط الموسيقي وتكوين جيل قادر على صنع موسيقاه والحفاظ على أصالتها، أما عن موقع المدارس الخاصة في الموسيقى فقد اعتبر أن الفكرة جيدة أيضا إلا أنها قد تصطدم بغياب الإقبال، خاصة وأن هناك العديد من المبادرات التي سبق وأطلقها مختصون في مجال الموسيقى من قبل للتكوين في الموسيقى بدون أي مقابل، إلا أن عدد الملتحقين بالصفوف كان قليلا واستمر في التناقص، بما يوحي بأن هناك مشكلا حقيقيا لابد من علاجه من الجذور.