طباعة هذه الصفحة

تمزج بين العربي والأمازيغي

الطّبوع الموسيقيّة بورقلة تحظى بشعبيّة واسعة

ورقلة: إيمان كافي

تعد الطبوع الموسيقية في ولاية ورقلة خزّانا ثريّا يحاكي تنوّع الثقافة المحلية، وتتمثل هذه الطبوع في الداني داني، الربوخي، التريميد، العايدي وهي طبوع تنتشر وتتداول بين أغلب مناطق وادي ريغ ووادي مية، كما يعتمد في أدائها على العديد من الآلات الموسيقية منها الغايطة (تازمارت / الزرنة)، العود، القرقابو، البندير، القصبة، العصا كما تضفي لمسة الكلمات والإيقاع المتنوع بين العربي والأمازيغي قيمة مضافة لها.

أكّد الكثير من الفنّانين المؤدين للأغنية المحلية الورقلية، على أنّ الطبوع المحلية لديها جمهور واسع وتحظى بشعبية واسعة بالولاية، كما أن لها متابعين كثر حتى من خارج المنطقة، إلاّ أنّهم اتّفقوا جميعا على أن طبوع الموسيقى المحلية بورقلة لم تأخذ حقّها في البروز بسبب غياب المهرجانات المتخصّصة.  
ومن جهة أخرى، تأسّف الكثير منهم من النقص الكبير المسجل في تنظيم المهرجانات الخاصة بالأغنية والموسيقى المحلية على مستوى الولاية، وإن كانت فرصة مهمة للقاء بين الفنانين المحليين وطرح أفكار جديدة وتبادل الخبرات، إلا أنهم اعتبروا أن إضفاء صبغة الطابع الوطني لمثل هذه المهرجانات من شأنها إعطاء دفعة مهمة للتعريف به، مشيرين إلى أهمية دور الإعلام للترويج لمثل هذه الفنون الشعبية حتى وإن كانت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا بالغ الأثر في استقطاب مشاهدات عالية للتعريف بها.
وعن سبل الحفاظ على هذا التراث، أكّد الفنان وأستاذ الموسيقى لحسن زرقون، أنّ «الطابع المحلي العصري للأغنية المحلية الورقلية الذي يؤديه والمنتشر على مستوى منطقة ورقلة ووادي ريغ غني جدا، كما يتنوع بين الطربي والإيقاعي ويمزج بين الأصالة والمعاصرة، كما أنه يحظى برواج كبير وسط الشباب، هذه الفئة التي يمكن اعتبارها مقياسا للقول أن هذا الفن مزال يحظى بالرواج المطلوب، ويعود ذلك إلى العديد من العوامل المهمة التي يعتمدها الفنان والموسيقي لتقديم تراث المنطقة في قالب عصري يراعي الذوق العام للجمهور من خلال التنويع في الكلمة والألحان الإيقاعية والمقامات الموسيقية».
وأشار المتحدث إلى أنه وعلى الرغم من هذه الجهود التي يبذلها الفنان المحلي للحفاظ على هذا التراث النغمي الخاص بالمنطقة، والذي يعبر عن ثراء الثقافة المحلية وتنوعها بين العربي والأمازيغي، «إلا أن هذا يبقى غير كاف خاصة وأن المهرجانات ذات الطابع الغنائي والموسيقي المحلي تكاد تكون منعدمة، وإن وجدت فإنها تبقى منحصرة في صبغة المحلية ولا تحظى بالاستقطاب المطلوب، في حين أن المهرجانات تعد ركيزة أساسية للتكوين وللتطوير والحفاظ على النغمة المحلية، وضمان بقائها وتواصلها من جيل إلى جيل».

 ضرورة المزج بين العصرنة والأصالة حفاظا على الموروث

واعتبر من جهته الفنان صالح أعراب، وهو فنان هاوي في الغناء في الطابع البدوي، الشلالي والأهليل والأغاني الورقلية المحلية أن أبرز التحديات اليوم هي «مسايرة العصرنة»، وهو ما يتطلب المزج بين المقامات والآلات الموسيقية التراثية والعصرية، مشيرا «إلى ضرورة تسليط الضوء على الطبوع الموسيقية المحلية التي تتنوع في بلادنا،  والتي تعد موردا هاما يمكن تطويره والاستثمار فيه، مستشهدا في ذلك بالعديد من الأغاني التي تم إعادة تسجيلها بالاعتماد على المزج بين الطابع الموسيقي المحلي والعصري، ولاقت نجاحا منقطع النظير كما وصل صيتها إلى العالمية.
وفي حديثه حول الموضوع، اعتبر الفنان محمد عباز وهو مؤدي أغاني ورقلية أمازيغية ورئيس فرقة «سلياك سالا» بمعنى «اسمعني نسمعك،» أن تجاوز عقبة تهديد اندثار الطبوع الموسيقية المحلية هو توثيقها بالصوت والصورة على غرار العديد من المهرجانات التي يتم بثها على المباشر لتعريف الجمهور عبر كافة التراب الوطني بها، والتي حقّقت انتشارا فعليا نتيجة تسليط الضوء عليها إعلاميا، في إشارة إلى أهمية دور الإعلام في الحفاظ عليها كمرجع أساسي لطبوع الموسيقى المحلية التراثية وكلماتها الأصيلة.