طباعة هذه الصفحة

مديرة المكتبة الرّئيسية للمطالعة العمومية بقسنطينة:

الوسائط الإلكترونية عرقلت الاتّصال بالكتاب كوسيلة للمعرفة

قسنطينة: أحمد دبيلي

تفعيل الحركة الثّقافية والنّقدية فرصة للرّفع من نسبة المقروئية

أمام الانتشار المذهل للوسائل الإلكترونية والوسائط الاجتماعية، وعشية افتتاح المعرض الدولي للكتاب، يعاد طرح فكرة المقروئية التي ترتبط أصلا بالكتاب، من خلال تساؤلات تتجدد كل مرة لمعرفة مدى تحسن هذه الآلية التي تقهقرت بشكل ملفت للانتباه خلال عشريتين تقريبا، هل مازال الكتاب يجلب القارئ كوسيط للمعرفة أمام انتشار البدائل الأخرى، ما هي أسباب ضعف المقروئية، وكيف يمكن إعادة الاعتبار لها في هذا الظرف بالذات من خلال آليات تروج للكتاب وترفع من نسبة القراءة والقراء؟ بعض هذه التساؤلات أعدنا طرحها على «وافية درواز» مديرة المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور لولاية قسنطينة.

 حول سؤال عن مدى تحسّن المقروئية بلغة الأرقام بين سنتي 2018 و2019 من خلال الإقبال على الكتاب في المكتبة العمومية، أكدت «وافية درواز» أنه على العموم ورغم وجود مقروئية إلا أنها تسجل نقصا معتبرا يعود في حقيقة الأمر إلى عدة أسباب، منها الوسائط الالكترونية الكثيرة التي أصبحت تسترعي اهتمام كل الفئات وخاصة منهم المتمدرسين والطلبة، يلجأون عادة إليها لاقتفاء أثر المعلومة بدل الكتاب باعتبارها وسيلة سهلة لا تحتاج إلى جهد، إضافة إلى أن عنصر «الوفاء للكتاب الورقي» غاب لدى الكثير من الأشخاص، أمام  الزخم الهائل من البدائل الالكترونية والوسائط الاجتماعية؟؟!
وأضافت «درواز» أن الإقبال على المكتبة في الوقت الحاضر من قبل المسجلين من مختلف الفئات العمرية ينحصر في المطالعة ومراجعة الدروس، أما الإعارة الداخلية والخارجية للكتاب والتي تنحصر أصلا في كتب الأدب والتاريخ والعلوم الاجتماعية بصفة عامة تعتبر ضئيلة نوعا ما، حيث تدل في الحقيقة على مستوى المقروئية؟
ودائما عن الأسباب الكامنة وراء نقص المقروئية، أرجعتها السيدة «درواز» أيضا، الى شبه غياب للحركة الثقافية التي يجب أن تتميز دوما بالديناميكية والحضور المميز، وهذا لن يتأتى ـــ كما أضافت ـــ  إلا من خلال الترويج والتسويق للكتاب باعتبارهما الوسيلة المثلى لنشر كل إنتاج أدبي وفكري وتوسيع رقعة القراء والمقروئية، مشيرة  في ذات السياق إلى ضرورة الدفع بالحركة النقدية التي تعتبر إحدى السبل التي تستفز القارئ على مواكبة الأحداث الأدبية والفكرية والرفع من نسبة المقروئية.
وعن كيفية ترسيخ المقروئية والوسائل الكفيلة بالتشجيع عليها؟ قالت السيد «وافية درواز»، يكون ذلك من خلال كل الفضاءات المتاحة وعلى جميع الأصعدة انطلاقا من مكتبة البيت والمدرسة التي يجب أن توضع برامج خاصة بالكتاب والمطالعة والمكتبات العمومية ومعارض الكتاب، مشيرة الى المكتبات المتنقلة التي تصل بالكتاب إلى القارئ حتى في المناطق النائية وهي ـ كما قالت ـ تجربة رائدة يجب الحفاظ عليها لتشجيع النشء على المقروئية، كما أضافت من جهة أخرى أن أغلب الملتقيات الوطنية حول الكتاب عادة ما تبحث عن تنشئة الطفل القارئ، وهذا هو في الحقيقة بيت القصيد.

 عودة عنصر «الوفاء للكتاب الورقي» ضرورة للتّحفيز على القراءة
 
وحسب الإحصائيات التي قدمتها لنا مديرة المكتبة لسنتي 2018 و2019 في مجال إعارة الكتب والتي تترجم حجم المقروئية، نلاحظ أن كتب الأدب في سنة 2018 احتلت الصدارة بأكثر من 250  كتاب بالنسبة للإعارة الداخلية والخارجية، تليها في المرتبة العلوم الاجتماعية بنحو 200 كتاب ثم العلوم التطبيقية واللغات والتاريخ والجغرافيا والتراجم والديانات والفلسفة، فيما يحتل الإقبال على كتب الفنون المرتبة الأخيرة.
أما في سنة 2019 تشير الإحصائيات المقدمة إلى أن كتب الأدب لازالت تحتل الصدارة  بالنسبة للإعارة الداخلية والخارجية بنحو 138 كتاب تليها العلوم الاجتماعية 100 كتاب، وتأتي في المرتبة الثالثة كتب اللغات ثم العلوم التطبيقية، التاريخ والجغرافيا وأخيرا الفلسفة وعلم النفس والفنون، مع الإشارة أن  لغة الأرقام تكشف بوضوح عن مدى تردي المقروئية بين سنة وأخرى، وهو ما تفسره الأسباب التي تمت الإشارة إليه في صدر المقال؟
والجدير بالذكر، أنّ المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية «مصطفى نطور» بها نحو 9400 مسجل منهم ألفي مسجل من مختلف المعاهد و4 آلاف من تلاميذ الثانوي، ألفي طالب جامعي، 600 تلميذ من التعليم المتوسط و700 مسجل من مختلف الأعمار، كما تتوفر المكتبة على 8639 عنوان في مختلف التخصصات منها 1700 عنوان للأطفال، كما تحتوي المكتبة التي تعتبر تحفة معمارية  نموذجا حيا في استقطاب الرواد من طلبة وباحثين منذ فتح أبوابها سنة 2017 على أكثر من 267 ألف نسخة من عناوين الكتب المشار إليها سابقا.