طباعة هذه الصفحة

مصعب غربي، رئيس جمعية «قسنطينة تقرأ»:

«أدب الحراك»: كتابة إستعجالية ومجرد شذرات متسرّعة

حاورته: حبيبة غريب

  أحدثت الكتابات عن الحراك والتغييرات السياسية والاجتماعية التي عرفتها الجزائر، منذ شهر فيفري الماضي، جديد الطبعة 24 من الصالون الدولي للكتاب، أطلق عليها اسم «أدب الحراك»،  ظاهرة انتقدها مصعب غربي، رئيس «جمعية قسنطينة تقرأ»،  من خلال هذا الحوار:

- « الشعب»: «كتب الحراك» تألقت هذه السنة في المعرض الدولي للصالون، كيف يمكن وصف هذا النوع الجديد من الكتابة، بحسب رأيك؟

 مصعب غربي: الكتابة عن الحراك هي كتابة تسويقية ترويجية، وهي مثال مصغر على ما يعانيه الأدب الجزائري اليوم، إذ أصبح يرتبط بردود أفعال جماهير الفيسبوك والإعلاميين والدعاية والإشهار، بدل أن يرتبط بالنقاد شبه الغائبين تماما والخبراء والأدباء القليلين. وهذا الأمر هو ما كرّس كثيرا من الاستعراضية والشعبوية والنرجسية، ولو استمر الأمر هكذا لأصبح عدد الروائيين أكبر من عدد القراءة.  ما أقوله ليس تقليلا من شأن الوجوه التي تناولت الأمر ولا إصداراتهم، فالداء ليس وليد الفترة الأخيرة أو الراهنة فقط، إذ يمكن العودة إلى أدباء الأجيال السابقة نجدهم قد تناولوا كتابات يمكن أيضا أن نعدها تأريخا لأحداث عايشوها، فالطاهر وطار أيضا كتب عن الإشتراكية وعن الثورة الزراعية.

- هل يصّح استعمال كلمة «أدب» في وصف هذا النوع من الكتابات ؟

صعب جدّا أن تُمارسَ الكتابة الأدبية عن شيء أنت في وسطه، يمكن أن يشكل الحراك لحظة إلهام فارقة للإبداع، كأن تبين أنامل الرسامين عن صور فنية ساحرة، وتتفتق قريحة شاعر حقيقي عن قصيدة عصماء، يمكن لصحفيين متمكنين أن يجمعوا جملة من المقالات، يمكن تناول نصوص تنقد التجربة السياسية، ويمكن طرح وجهات النظر أو تسطير اليوميات وتدوين المذكرات.

- هل تفي هذه الكتب المتغيرات السياسية والاجتماعية والوقائع حقها من جانب التحليل والموضوعية؟

يمكنني أن أصف الإصدارات التي تتناول موضوع الحراك ويعتبرها الكثير كتابة أدبية، لأنها كتابة إستعجالية تعتبر مجرد شذرات متسرعة، تصف الأشياء ولا تنفذ داخلها، وهذا عكس ما يتطلبه ويستلزمه نظام الرواية والقصة، ستكون هذه الإصدارات نائية كل البعد عن النص التأملي الفكري والفلسفي... ولهذا فإن الكتابة عن الحراك في المرحلة الحالية يجب أن لا تتجاوز رصد اليوميات، لكي لا تندرج في خانة الأدب الإستعجالي، الذي لا يعتبر إبداعا بل يمكن وصفه باللهث المستميت وراء الشهرة السريعة.

- وإلى ماذا تعود أسباب هذا في ظنك ؟

 إن حداثة التجربة ونقص الموهبة الأدبية في السنوات الأخيرة يجعلنا نصف الوضع الراهن أقصد الإصدارات التي تتناول الحراك بالسطحية والصحفية والتصوير الفوتوغرافي والتأريخ السريع لأحداث يمكن أن تكون عابرة أو ظرفية أو استثنائية.  مع غياب العمق الأدبية الإبداعي والتقنيات الروائية والتجربة الكافية.
بين هذا وذاك، نتمنى أن تبرز مؤسسات نقدية يشترك فيها النقاد والأساتذة الجامعيون والأدباء ذوو التجربة الكافية ليتناقشوا وليعملوا على تهذيب المبادرات الأدبية، وكذا إيقاف هذا الاستسهال في ركوب صفة روائي أو كاتب.