طباعة هذه الصفحة

النّاقدة سليمة مسعودي:

«إسهال» روائي في غياب لجان القراءة ودور النّقاد

حمزة لموشي

تؤكّد الدكتورة سليمة مسعودي، أستاذة الأدب المعاصر والنقد، بجامعة باتنة 01، أن للرواية في هذا العصر نوافذ مفتوحة على العالم وتعتبرها سرديات ثقافية تشكل تمثلات وأنساقا للسياقات التي صدرت عنها، وتصفها بأنها رؤية الحياة مسرودة، يعني حية متدفّقة، وهي معرفة بحث عن تجسيد الحياة الإنسانية وإضاءة مناطقها المظلمة.
كما تعتبرها صاحبة كتاب «جدل السياقات والأنساق: مقاربات نقدية ثقافية»، في تصريح لـ «الشعب»، أنّ الرواية تاريخ مضاد للتاريخ الرسمي، تاريخ الشعوب المهمشة، العامة والمنفيين والمهاجرين واللاجئين والمساجين والمتمردين، كما أنها تأكيد للكينونة والكتابة ضد الموت، ونوع من المقاومة ضد التهميش والاستعمار والامبريالية، وكل أنواع الإقصاء لذلك تغدو النوع الأدبي الأكثر إقبالا وتقبلا ورواجا مقروئية ونشرا وترجمة،حسب الناقدة مسعودي سليمة.
وبخصوص إقبال الشباب على كتابة الرواية، فتعتقد الأستاذة مسعودي أن ذلك نوع من تأكيد الذات وتلميع الصورة تجاه الأصدقاء، كما أنّها نوع من بناء سردية صغرى للذات في مواجهة واقع مأزوم، خصوصا في غياب لجان القراءة و دور النقاد، ما جعلنا ـ حسب مسعودي ـ نشهد ما يمكن أن نطلق عليه الإسهال الروائي الذي، يتصاعد مده خصوصا مع الصالون الدولي للكتاب، علما أن أغلب هذه الروايات لا تعدو أن تكون استنساخا مشوّها لأفلام الأكشن والخيال العلمي والرومانسيات، بلغة مشوهة قلبا وقالبا، لا تعدو أن تكون تكديسا للأخطاء بمختلف أنواعها.
وتضيف مؤلفة كتاب الحداثة والتجريب في تشكيل النص الشعري المعاصر - دراسة في شعر ادونيس - أن هذا الرواج في المقروئية هو ما أدى بهجرة المثقفين إلى كتابتها؛ شعراء وإعلاميين ونقادا ومؤرخين وغيرهم، لكتابة الرواية، ظنا منهم أن مقدرة السرد وحدها بإمكانها أن تخلق روائيا، وقد ساعدهم في ذلك الإعلام الثقافي الذي يعمل على ترويج أسماء بعينها، وتسليط ضوء الإشهار على أعمالها بتواطؤ مفضوح مع النقاد إما لمشاركة الإشهار أو للصداقة أو لمصالح أخرى..
وممّا زاد الطين بلة المسابقات والجوائز التي أضرت بجدية الحكم النقدي، وبدل أن تكون تشجيعا لتحسين الكتابة الروائية صارت هدما لها تضيف الدكتورة سليمة مسعودي.
كما أرجعت الناقدة، أنّ الخطر المحدق بالرواية هو هذه السيولة الروائية نفسها، والتي حاصرت النقاد بمدها، فلم يجدوا ما يمكن أن يعَربلوه منها، ما دفع بهم إلى تسليط الأضواء الكاشفة على الروائيين الذين تسبقهم أضواؤهم و شهرتهم، أو المهاجرين إليها من أولئك النقاد والشعراء الذين استهوتهم فاستسهلوها، ولا يخفى هنا تضيف مسعودي دور وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لأسماء معينة، دون أن تجد رواياتهم حقيقة المقروئية.