طباعة هذه الصفحة

رضوان غضبان مدير «نقطة بوك» للنّشر:

تقنيــة تترك وعي المتـلقّي وآليـات للنّـاشرين

حمزة لموشي

 أكّد رضوان غضبان المدير العام لمؤسسة «نقطة بوك للنشر والتوزيع»، أن مجال النشر الالكتروني بالجزائر لا يزال بعيدا عن المأمول، لعدة أسباب منها حداثته نسبيا وعدم نضجه بعد بالطريقة اللازمة لتقتحمه دور النشر الجزائرية، فالمشروع يحتاج ـ حسبه ـ إلى آليات تنقص الناشرين من جهة، وغرس ثقافة الاستعمال عند المستهلك الجزائري من جهة أخرى.
قطعت مؤسسة «نقطة بوك للنشر والتوزيع»، المتواجد مقرها العام بمدينة باتنة، أشواطا معتبرة في تفعيل الحركة الثقافية الخاصة بالنشر في عاصمة الاوراس باتنة، رغم حداثة تأسيسها من خلال العدد الكبير للمؤلفات التي قامت بنشرها وتوزيعها لعدد هام من المؤلفين والمبدعين خاصة الشباب منهم، غير أن «قضية النشر الإلكتروني للمؤلفات،»لا تزال حسب مديرها العام رضوان «غضبان بعيدة عن أولويات الدار».
أوضح غضبان في تصريح لـ «الشعب»، أنّ «الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة استطاعت وفي زمن وجيز الاستحواذ على كل ما يتعلق بالنمط المعيشي للإنسان، وهذا لحملها عدة مزايا مكّنتها ـ حسبه - من احتلال هذه المكانة، وطبعا قطاع نشر الكتب كغيره من القطاعات التي تدخلت التكنولوجيا عن طريق النشر الإلكتروني في تحديثها وتطويرها وخلق ثورة بها، سواء من الجانبين الإيجابي والسلبي، وعلى الرغم من موافقة غضبان على كون العلاقة بين الناشر والمتلقي قد تغيّرت إلى أنّه لا يرجع ذلك إلى التكنولوجيا فحسب بل إلى الحتمية اقتصادية في كثير من الحالات كونه يرتبط أيضا بنقص المقروئية الذي يؤثر سلبا على العائدات المادية للمؤسسة الناشرة، ما يضطرها دائما إلى البحث عن ما يريده القارئ وهو ما يبعدها في بعض الأحيان عن الخطوط العريضة والأفكار والإيديولوجيات التي تحاول أن تسوقها للمجتمع، وهذا يقتصر فقط على السوق الجزائرية التي ينشط بها يضيف غضبان.
وأضاف غضبان مستدلا بمؤسسته «نقطة بوك للنشر والتوزيع»، أنه على الرغم من أن النشر الإلكتروني أضحى ضرورة حتمية لتحتل دار النشر واسمها مكانة عند القراء والمتلقين بل وحتى الكتاب، إلا أنه وعلى الرغم من أن جل نشاط مؤسسته يتمحور على الجانب الرقمي، غير أنّه لحد اليوم لم تنشر كتبنا إلكترونيا، ولازالت تحافظ على الطريقة الكلاسيكية للنشر وهي الورقية، على الرغم من وضعهم خطة من أجل إطلاق هذه الخاصية في القريب، إلا أن دراسة السوق جيدا والرغبة في القيام بها باحترافية عالية أخذت منهم الوقت الكثير، إضافة إلى الرغبة في الإستفادة من تجارب بعض الدول الرائدة في مجال النشر الرقمي، وذلك من خلال ربط اتصالات مع عدة مؤسسات أجنبية من الشرق الأوسط أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لنقل تجربتها وخبراتها في هذا المجال لتقديم إضافة مميّزة ونوعية لهذا المجال الفتي بالجزائر.
غياب الدّفع عبر الأنترنت عائق للنّشر الرّقمي
وبخصوص عزوف الكتاب الكبار على النشر الإلكتروني، وتهافت الشباب نحوه فيرى غضبان من خلال تجربته كمسؤول لدار نشر أصبحت لها مكانة بين دور النشر الحديثة، أنّ مؤسّسته حريصة على الالتزام بأخلاقيات النشر والمهنة، من خلال عقود النشر المبرمة مع كل الفئات المبدعة والمؤلفة التي اختارت نقطة بوك لنشر مؤلفاتها ووثقت فيها، من خلال التفاهم مع الكتاب بخصوص إمكانية نشر كتبهم إلكترونيا من عدمها.
وعلى الرغم من كون البعض يرى غضبان أن النشر الإلكتروني ظاهرة سلبية إلا أنه يرى عكس ذلك، وإن تخلّلته بعض السلبيات حيث أن أول سلبياته هي التأثير المباشر على نسبة الأرباح للمؤسسات الناشرة، ويفصل غضبان في هذه النقطة بالقول أن هناك آليات وثقافة تنقص الناشرين والمؤلفين والمتلقين بالجزائر من أجل تطوير هذا الميدان، حيث تستخدم المؤسسات خارج البلاد طريقتين أساسيتين للنشر الإلكتروني وفي الطريقتين يتم الدفع عبر الإنترنت وهو الأمر الذي لا تتيحه لا مؤسسة بريد الجزائر ولا البنوك الجزائرية، ونظرا لهذا اكتسب المستهلك الجزائري ثقافة سلبية تحول دون تطوير فعلي لهذا المجال، حيث اعتاد تحميل الكتب بصيغة الـبيدياف مجانا، ومن الصعب الآن تحويل فكرته لشراء هذه الصيغة، غير أنّه ليس مستحيلا طبعا إذا تم توفير أرضية حقيقية تشرف عليها مؤسسات الدولة، وقد أثبتت التجارب الإلكترونية في الجزائر منذ أيام قليلة مضت على أن المستهلك الجزائري لم يرقى بعد إلى هذا النوع من التعامل، حيث يعلم الجميع أن شركة «ايباي» خرجت من السوق الجزائرية لهذا السبب للأسف.
ويضيف غضبان أنّه من بين سلبيات هذه التقنية في النشر «هو سهولة السرقات العلمية والأدبية وحقوق النشر والملكية الفكرية، ولكن مؤسسته استطاعت التفوق على هذا الإشكال، بعد استشارتها لمجموعة من المبرمجين الجزائريين الذين أعطوها عدة طرق لتجاوز هذه العقبة».
طريقة للتّواصل مباشرة مع القرّاء
غير أنّ الحديث عن عوائق وصعوبات النشر الرقمي ببلادنا، لا ينفي مطلقا حسب محدثنا الإيجابيات الكثيرة لهذه التقنية، فهي ـ يقول ـ «تتيح للكاتب خاصة وصول عمله وبأقل تكلفة إلى عدد كبير جدا من القرّاء، ويمكن معرفة عددهم والتواصل معهم مباشرة، وكذا انطباعاتهم بخصوص كتابه وكذا آرائهم حوله ومدى تأثرهم بأفكاره، كما يقضي على مشكلة التوزيع بالنسبة للمؤسسة الناشرة التي تستنزف أموالا كبيرة ويوفر جهدا على القارئ، حيث يتصفّح كتابه المفضل في أي وقت شاء دون الحاجة للتنقل لشرائه أو انتظار أشهر لوصول الكتاب للمكتبات القريبة من حل سكناه.
ويختم ضيف «الشعب» حديثه بحرص «نقطة بوك» على الحفاظ على النشر الورقي وحميميته، والذي يعد إرثا وتراثا للأجيال القادمة، التي من حقها الاستمتاع بالمؤلفات الورقية، حيث يأمل غضبان في توفر آليات تقنية وقانونية وأخلاقية وفنية تؤطر العملية وتجعل من هذا النشاط فاعلا ومؤثرا ايجابيا لا يؤثر على عائدات المؤسسة من الجانب الاقتصادي، وكذا العمال وحقوق المؤلف والأهم جمهور المتلقّين.