طباعة هذه الصفحة

الدكتورة خديجة باللودمو:

آثــار سلبيـــة للتّرويــج للكتـــب التّجاريـــة والعـــالم الرّقمـــي

محمد الصالح بن حود

لطالما كان الكتاب خير جليس في الأنام، ولنا في قصص عشّاقه الكثير من الغرابة والطرافة في سبيل الحصول عليه، فقد كان الكتاب الهام يستقطب مريديه من كل الجهات، فقد سافر الباحثون والمبدعون من أجل الحصول على كتاب لا يتوفر في بيئتهم، ولأن الكتاب سفير فكر صاحبه، فإن هناك كتبا لمؤلفين متميزين حجزت مكانتها في مصاف الكتب العالمية التي أثرت الفكر الإنساني، وترجمت لعديد اللغات وطُبع منها طبعات مختلفة.

 هكذا استهلّت الدكتورة خديجة باللودمو الدردشة التي جمعتها بـ «الشعب»، تمّ من خلالها تسليط الضوء على اندثار نقاط البيع العمومية والخاصة على المستوى الوطني، أين أكّدت المتحدّثة في هذا الصدد، على أن المتتبّع لسوق الكتاب الورقي لن يبذل جهدا ليصل لحقيقة مفادها أن الكتاب يعاني غيابا في المشهد الثقافي، فلم نعد نجد نقاط البيع العمومية والخاصة التي كانت متوفرة بمختلف ولايات الوطن، وصارت المكتبات ذات مواعيد موسمية حيث تنشط مع الدخول المدرسي وتبدأ بالتراجع عبر الموسم الدراسي لتغلق أبوابها مع آخر الموسم، ونكاد نفقد أثر المكتبات التي تهتم بالكتب وجديد الإصدارات لتكون قبلة للمثقفين طوال السنة.
هذا الواقع المؤسف للكتّاب في حياتنا تعزيها الشاعرة خديجة باللودمو، لجملة أسباب حصرتها المتحدثة، في سببين رئيسيين يفرضان نفسيهما وبقوة رغم الخوف المتزايد، وهذا انطلاقا من طغيان الكتب التجارية التي تروجها دور النشر التي لا يهمها حسب المتحدثة سوى الربح السريع والمدخول المادي الوفير، ولهذا صار المتلقي أو القارئ أمام عناوين مفخّخة ومغرية تنافي محتوى الكتاب ولا تعبّر عنه، وصارت الكتب المدرسية تشغل القرّاء كثيرا لصعوبة المناهج الدراسية وضرورة الاستعانة بالمراجع المساعدة.
كما أنّ الكتب المترجمة صارت غير منتقاة فصارت تُفرض علينا كتبا مترجمة ليست بالغة الأهمية ويمكن الاستغناء عنها، في حين فقد الكتاب قيمته ولم يعد يقدّم قيمة تُرجى، أدبر الناس عنه وصاروا يبحثون عن بدائل له، بالإضافة إلى الأسعار المرتفعة جدا للكتب جعلت الطلبة والدارسين يفضلون استعارته لقضاء أغراضهم فقط.

«السّوق الالكترونية الموازية»

 في نفس السياق، تطرّقت الكاتبة خديجة باللودمو، إلى العالم الرقمي وتأثيره على نمط حياتنا وقنوات التواصل بيننا، فقد صار هناك سوق موازية للكتاب الورقي في المنصات الرقمية وعبر الشابكة، فأصبح القارئ يجد ضالته بصورة أسرع وأيسر في الكتب الإلكترونية، ويقتني كتبا عبر نقاط البيع الرقمية التي تتميز خدماتها بالسرعة والدقة، حيث إن البحث عن عنوان عبر منصات البحث الإلكترونية يمتاز بالسرعة ووفرة المقترحات، فعوض أن يحدّد لك بائع الكتب الورقية العنوان الذي تختاره حسب مقتنياته،فإن الخدمة الإلكترونية تقترح عليك كل ما يتعلق بالموضوع من دراسات ومؤلفات وملتقيات، ولهذا فالكتاب الإلكتروني منافس حقيقي للكتاب الورقي وقد يكون بديلا عنه أيضا.
طرحت الدكتورة باللودمو في آخر حديثها، أفكارا من شأنها أن تساهم في عودة نقاط البيع العمومية والخاصة، وهذا بدءا بالزامية تجديد نقاط بيع الكتاب الورقي لآلياتها وضرورة مواكبتها لمعطيات السوق الإلكترونية، والبحث لها عن فضاءات أخرى من حيث تموقعها في الساحات العمومية التي يصبح من اليسير الوصول إليها، مؤكدة في هذا الشأن أنه لا يمكن الحديث عن الكتاب ونقاط بيعه، ونغفل موضوعا هاما جدا في هذا المقام وهومعرض الكتاب الدولي الذي يتمركز في العاصمة كل سنة. وكان من الأجدر أن يطرق باب عواصم الجهات في الجزائر، فيتقرب من القراء بتنظيمه تارة في عاصمة الشرق وأخرى في الغرب، ومرة في العاصمة وأخرى في الجنوب، فلا بد على نقاط بيع الكتاب أن تتجدد وتتقرب من القارئ بصورة أكثر وأجمل.