طباعة هذه الصفحة

زهرة العلى مزياني:

بـين الطّـب والأدب شابـة تنقـش حروفهـا بثبات

حاورتها نضيرة نسيب

في العقد العشرين من عمرها، بين دراسة الطب والكتابة تنقش الشابة زهرة العلى مزياني بثبات حروفها الأولى في عالم الأدب. أبت «الشعب» في اليوم العالمي للمرأة إلا أن ترافق الخطوات الثابتة المتواضعة لهذه الشابة، مقدّمة لها وسام تشجيع في بداية رحلتها الطموحة في عالمها الإبداعي الذي ينضب بالصدق، ليلتمس القراء شذرات من روحه في هذا الحوار الشيق.

-  الشعب: كانت مشاركتك الأولى في معرض الكتاب «سيلا» للعام الماضي، لافتة في رواية أولى لك، وصفها القراء بالمتميّزة من خلال الطرح، تحت عنوان «إلا فلسطين». نريد أن نتحدّث عمّن وراء الرواية، هل ممكن أن تقدّمي نفسك للقارئ؟
  زهرة العلى مزياني: أنا شابة من مواليد سنة 1999، وطالبة سنة رابعة طب بشري، نشرت لي أول رواية تحت عنوان «إلا فلسطين»، كما لدي قصة في كتاب جامع، وأنا أشارك كمنسّقة بولاية قسنطينة لمشروع القاموس الطبي ثلاثي اللغة، وهو مشروع مهم يتمثل في تطبيق للهاتف يحمل في طياته الكلمات والمصطلحات العلمية والطبية، والتي يواجه طالب التخصصات العلمية عامة والطبية خاصة الصعوبة في فهمها أو ترجمتها، وهو كذلك سيساهم في نقل مخزوننا من كلمات من لغة الى أخرى بسهولة ولم يبق الكثير على إصداره. كما أعمل متطوعة في العديد من الجمعيات الخيرية.

-  كيف كانت البداية؟
 لحسن حظي التحقت بصفوف الدراسة مبكرا وكنت من حفظة القرآن وأنا في سن ثلاث سنوات، فتعلّمت القراءة والكتابة وقد بدأت كتابة الشعر في الثالثة عشر من عمري. تربّيت في بيت كله ثقافة بين أحضان أبوين أغرقاني بحبهما لكل ما هو أدب من شعر وقصة وغيره، وهذا ما حفّزني على المطالعة، فكنت إذا جالست أحدهما يروي لي شيئا ممّا قرأ، كنت معجبة بالكتب القديمة التي تحويها مكتبة أبي فقد طالعت كثيرا منها مرارا وتكرارا، وعندما يشتري لي أبواي كتبا جديدة تحوي صفحات بيضاء لم تكن أنذاك تعجبني كتلك التي كانت مرصوصة على مكتبتنا في المنزل، كنت أجد أن بها نقصا ما، فهي لا تشبه تلك التي قرأتها من قبل في شيء...وليست مثل تلك التي لمستها يداي الصغيرتان، لأنني لم أكن أعرف غيرها من قبل. أول ما طالعته لوحدي كان في سن سبع سنوات وكان كتاب يحمل عنوان: «الثقافة»، وهي مجلة ثقافية تعددت مواضيعها وتشعّبت استهوتني كثيرا. وأول كتاباتي كانت في شكل شعر كتبته يتحدث عن فلسطين، كما أنني كتبت روايتي الأولى، وهي أيضا تتحدث عن فلسطين، وكان عمري يومها 14 سنة، ولم تقبل أي دار نشر بالجزائر نشرها بالنظر لصغر سني، ولم أستطع نشرها بالخارج، لأن المبلغ كان باهظا يومها.

-  بما أنّك تحدّثت عن روايتك الصّادرة حديثا، كيف أردت إيصال رسالتك حول القضية الفلسطينية؟ وما هو دور المثقّف في الدفاع عن مثل هذه القضايا؟
 «إلاّ فلسطين..» هي يوميات فتى فلسطيني يروي عبرها أياما عاشها في تلك الرقعة الجغرافية التي كان ينسبها دائما لقلبه، ليس هذا وفقط، بل هي جواز سفر دبلوماسي تسمح للقارئ بعبور كل معبر مغلق ليرى ما يوجد على تلك الأرض، ليرى أي حياة تعاش هناك ليسمع قصص نبضات أهاليها ليتغل داخل حبات ترابها.
وبخصوص دور المثقف إنّ وضع الثقافة الحالي لا يبشر بالخير فالثقافة في بلادنا فقدت مفهومها الجميل، بحسب رأيي، وغُير إلى ما لا يمثل الثقافة الحقيقية للجزائريين..لكن أرى أن لنا من المثقفين ما سيسمح بخلق ذلك المنعرج الذي سيأخذ الوضع الى ما يحمد عقباه إن تم تدارك الأمر. وهذا ما أريده أنا مساهمة مني في ميدان الثقافة بكل تواضع يجب ألا يضيع حرفي سدى، أريده أن يحمل رسائل هادفة وأن يعيد للثقافة مجدها يوما ما.. غير هذا لا هدف لي من الكتابة. فعلى حد رأيي ما نراه الآن يحدث ما هو إلا توريث وتوارث لما مضى من أساليب أو موضوعات أو حتى الكيفيات، ولست بالمستوى الذي يسمح لي بنقد أحد ممّن سبقوني أو حالفهم حظ النجاح قبلي، لكن علينا أن نلبس الحرف العربي حُلة تسمح له بالتميّز وتسمح لنا بالتفاخر.

-  وكطبيبة المستقبل، ما هو طموحك ونحن اليوم في عصر السّرعة؟
  كطبيبة أهم ما أتمناه أن أكون كفؤة في هذه المهنة الصعب جدا التوفق بها، خاصة من جانبها الإنساني أولا، ثم في بلادنا...فأسأل من الله أن يوفّقني لأحمل رسالة التطبيب هذه، وأيضا أن أضيف لها إذا أمكنني ذلك بإذن الله، لكن في مرات عديدة وبسبب ظروف العمل وطبيعة وقلة الامكانيات حتى الإنسانية لن تنقذ مريضا يتألم، وهذا ما يصعب على مجتمعنا تقبله وإن الأطباء يشعرون بمعاناتهم، بل ويعانون أكثر منهم، لذا أتمنى أن يتفهّم أفراد المجتمع ذلك.

-   هل لديك رسالة توّدين إيصالها إلى الشابة الجزائرية؟
 إنّ طموحي كامرأة مثقّفة هو ترك انطباعا جميلا عن صورة المرأة العربية المسلمة، أتمنى أن أكون قدوة جيّدة للشابات في مثلي سنّي. وأوّد أن أقول للشابة الجزائرية أن تعمل على تحقيق أحلامها بنفسها، ولا تنتظر من أحد فعل ذلك بدلا عنها وتضحّي بقليل من وقتها لنفسها، لأن داخل كل منّا فتاة تطلب اهتماما، فعليها أن تمنح نفسها ذلك حتى تبرز قوّتها، ولا يجب أن تهزم في أولى العقبات ولا تقدم لنفسها الأعذار، ولا تتقبل فشلها في بادئ الأمر، بل يجب أن تكافح لتحصل على ما تريده كشابة جزائرية واعية ومثقفة...وأتمنى حقا أن تنهض على الأسس السليمة، فإنّنا في زمن يصعب فيه السير بثبات نحو هدفنا النبيل.