طباعة هذه الصفحة

الوظيفة والإبداع في زمن كورونا

بقلم الكاتب رحوشرقي

الذي لا يستطع كتابة جملة مفيدة من خياله، يحق له اسم المغترب... لأن الكتابة وطن . فالحروف مثل الصخور كلما أزحت واحدة منها اتضحت لك معالم طريقك.
إن الجزائر اليوم تعيش حالة استنفار كباقي دول المعمورة، من فيروس كورونا الذي لا يعترف بالحدود ولا يميز بين الأجناس البشرية .والمواطن على اختلاف أطيافه يعيش ظرفا طارئا، يقتضي منه الحيطة والحذر مع تكاتف الجهود لتجاوز هذه المرحلة الراهنة بسلام. فإذا كان الحد من الحريات يعتبره البعض تدخلا صارخا، فلما لا نعتبره وقاية، وتنظيما لحماية المواطنين، وتسهيلا لعمل منسق مع أجهزة أخرى تسهر على راحة هذا المواطن... كما نعتبره أيضا سلوكا حضاريا خوفا على صحة الجميع؛ وهنا أشير إلى النخبة المثقفة والفاعلة في المجتمع، أن تلعب دورها في التعاون وتضافر الجهود..
 لقد عودنا الشعب الجزائري، أن الأزمات هي من تلد الهمم، وسيكون إن شاء الله ضمن مصاف الشعوب التي تحترم نفسها وتخاف على مستقبل أبنائها. لما لا ننتهز هذا الوضع في خلق فضاءات للمطالعة، بدل المقاهي وقاعات الألعاب التي تعرض صحتنا للخطر، فنجعلها عادة حميدة بين أبنائنا ويقتدي بها أجيالنا .فيومي الذي يمر دون مطالعة، لا يمكن حسابه في سجل العمر... مستهلا بذلك قراءة القرآن الكريم، والكتب الورقية سواء كانت في البيت أوبالعمل، أثناء أوقات الراحة .
 والحرص كل الحرص على تحقيق واجباتنا اتجاه المهنة ومسؤوليات مختلفة. فنحن الآن أمام واقع ورهانات وتحدي يعيشها رجل الحماية المدنية، وهذا في التعامل المباشر مع أي حالة لقدر الله.
 بعد التكوين ألاستعجالي والإمكانات المتاحة والمتوفرة، لاستعاب أي خطر محدق والبقاء يقظين، فشعارنا « الإنقاذ أوالموت» ورغم كل هذا أحاول أن ألتحق بمصاف الذين سبقونا، لأن الكتابة والمطالعة أعتبرها جزءا مني . وفي الأخير فإن الكتابات الرائعة لم يحن وقتها بعد، حفظ الله لنا وطننا العزيز والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
«كنت موظفا حكوميا في الصباح وكاتبا في المساء «..... نجيب محفوظ....
«من يريد اختصار معرفة أسمى معاني الإنسانية، لبد أن يمر من باب الأدب والحماية المدنية.»
 فالأول هوالروح وأما الباب الثاني هوالممارسة الفعلية للإنسانية».
لا غرابة في وجود الكثير من كبار الكتاب والأدباء الذين تركوا بصماتهم في عالم الأدب، وكانوا يشغلون وظائف مختلفة...مرورا بأديب الفضيلة مصطفى لطفي المنفلوطي، الذي ولُيّ مسؤوليات مختلفة في عدة وزارات؛ ومن منا لم تأثر فيه سلسلة النظرات والعبرات ؟
إلى الروائي نجيب محفوظ والمناصب التي تقلدها، وآخرها رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما .
أما بالعراق اللواء الركن محمود شيت خطاب الذي كان لا يسير إلا بمصاحبة الكتاب . وصولا إلى الجزائر مع الروائي ياسمينة خضرا، والذي كان يشغل وظيفة بالمؤسسة العسكرية حيث صرح في يوم ما لموقع العين الإخبارية قائلا « استعملت اسم زوجتي (ياسمينة خضرا) كنوع من الاعتراف بالجميل للمرأة التي ساندتني وشجعتني في مشواري».
ولا أنسى أحد رواد الرواية الجزائرية وموظفي سلك الشرطة برتبة عميد أول، الأديب والقاص فناوي زاغر وأنا بصدد قراءة كل أعماله. من خلال هذه المقتطفات في السير الذاتية، وخاصة للذين كتبوا أسماءهم بحروف ذهبية وأتمنى أن أحذوحذوهم، بكتابة اسمي في سجل تاريخ الحماية المدنية كأول روائي في هذا السلك النبيل الذي يتنفس الإنسانية، بعد صدور روايتي الأولى التي مازالت لم تر النور، لمشاركتها بإحدى المسابقات الدولية في الرواية العربية.