طباعة هذه الصفحة

مصعب غربي، رئيس نادي « قسنطينة تقرأ»:

الفعل الثّقافي الافتراضي سيتواصل بعد الأزمة

حاورته: حبيبة غريب

  كشف مصعب غربي، رئيس نادي «قسنطينة تقرأ» أنّ فترة الحجر الصحي الذي أنتجه تفشي فيروس كورونا كان له جانب إيجابي بالنسبة لرفع نسبة اهتمام القراء بالمطالعة افتراضيا، مشيرا إلى انتعاش نوادي القراءة وسعيها للظهور على الساحة الثقافية من خلال تشجيع التواصل بين المتلقي والمؤلف وخلق أنشطة في المستوى.

- الشعب: ما هي نظرتك للمشهد الثّقافي الجزائري في ظل الأزمة الصحية التي خلّفها انتشار فيروس كورونا؟
 مصعب غربي: يعلم الجميع الأثر السلبي الذي خلّفه انتشار وباء كورونا خاصة في الأسواق العالمية من هبوط في أسعار النفط والذهب، وانخفاض أرباح بعض الشركات والمؤسسات والدول، وتراجع الأسهم والبورصات، إذ سجّلت بعض الدول خسائر لم تسجّلها منذ الحرب العالمية الثانية، ولكن الوجه الآخر لعملة كورونا يعلن عن انتصار قطاع الثقافة، ففي الجزائر مثلا وعبر مواقع التواصل الاجتماعي شهدت المقروئية انتعاشا ملحوظا، ونلمس ذلك من خلال منشورات المجموعات القرائية وصفحات الكثير من المثقفي

-هل عرف الكتاب اهتماما أكثر مع تفعيل الأنشطة افتراضيا؟
 توقّف النّقل، غلق المقاهي والمطاعم، تحديد زمن الحجر ودخول الكثير من المؤسّسات في عطل إجبارية، وغيرها من العوامل التي تسبّب في خلقها كورونا، صحيح هناك الطبقة الكادحة وهناك من يعمل ليكسب لقمة عيشه وعياله حتى لو كانت الكارثة وهم غالبا في مناطق الظل، أزمة الوباء هذه جعلت فائضا في الوقت وفراغات كثيرة عند عدد معتبر جدا، انتهزها ليتناول كتبه التي لم يكن يجد الوقت الكافي لها، واستغلها البعض في تصفّح كتبهم التي كانت تبكي هجرها على رفوف المكتبات، هذا ولجأ بعض آخر إلى تحميل الكتب المتوفرة على الانترنت، وهناك من وجد أصدقاءه يشغلون أوقاتهم بالقراءة، فاستعار منهم رواية أو مجموعة قصصية يملأ بها وقته. كما لاحظنا أن الكثيرين من قرّاء الجرائد التي لم تعد تصل إلى الأكشاك والمكتبات، لجأوا إلى تحميلها وتصفحها من خلال الانترنت، هذه الأخيرة التي استغلتها الكثير من المؤسسات المصغرة والمكتبات للترويج لعناوين كثير،ة وأعلنوا من خلالها عن خدمات التوصيل بأسعار رمزية مع تطمينات حول التزامها بالإجراءات الوقائية ووسائل التعقيم الآمنة.
- ما هو الدّور الذي لعبته نوادي القراءة في بعث الفعل الثّقافي وتشجيع المطالعة عبر مواقع التّواصل الاجتماعي؟
 ساهمت نوادي القراءة وبطريقة ملفتة وفعّالة في عمليات الترويج هذه عبر صفحاتها على الفيسبوك، وقد رفعت بذلك نسبة الاهتمام بالقراءة على المستوى الافتراضي، واللافت للنظر هو عملية البث المباشر للقاءات افتراضية بين القراء والقراء، وعشّاق القراءة والكتاب، وحتى بين الكتاب والكتاب في مناظرات افتراضية لاقت استقبالا مقبولا، وقد انطلقت النوادي مستلهمة الفكرة من اللقاء الافتراضي الذي قامت به وزيرة الثقافة بن دودة مع جملة من النوادي الثقافية في مختلف ولايات الوطن، الأمر الذي دفع بالكثير من الأندية التي كانت في سبات أو تفضل العمل منغلقة على نفسها أو بعيدا عن الأضواء حسب فلسفتها، دفع بها إلى الخروج والتحدث بصوت مرتفع في مواقع التواصل الاجتماعي لتقول نحن أيضا موجودون، وانطلقت في نشر المراجعات والفيديوهات التي تعني بالقراءة، ممّا أدّى إلى بروز قرّاء ذووا ذائقة مختلفة المستويات، وبلغات متعدّدة لم يكونوا مرئيين في الساحة من قبل، وهنا نجد أن التفاتة الوزارة قد خلقت نوعا من المنافسة الايجابية والشريفة في الساحة القرائية، ويتجلى ذلك خاصة بعد الثامن جوان الفارط الذي يوافق اليوم الوطني للفنان، أين قامت وزارة الثقافة بتكريم ثلاث أندية للقراءة.
- إذا هل ترى بأن هذا التكريم قد يكون حافزا للأندية للانطلاقة في مشاريع أكثر وأكبر؟
 يجب الإشارة إلى أن النوادي الشبابية صاحبة الاعتماد القانوني، والتي نشأت في ظل السنوات الأربع الماضية والتي تعتبر الأكثر نشاطا في الجزائر مساهمة بشكل منفرد ومختلف وفعال، ليست ثلاثة فقط بل قد تصل إلى عشرة، إذ نحن على تواصل دائم معهم ونلاحظ نشاطهم المميز، ولكن التكريم خلف ايجابية ليس لدى المكرمين فقط بل حتى لدى البقية، وهذا يدل على الروح الصادقة وأن ما تقوم به كل النوادي هو ناجم عن نية حقيقية في صناعة التغيير. وفي اتصالات وردتنا من رؤساء أندية لم تكرم أعربت عن استيائها من مديريات الثقافة ومديري المراكز الثقافية الذين لا يلتفتون إليهم، ولكنها في نفس الوقت عازمة على رفع وتيرة النشاط لإثبات قدراتها أكثر، وأنها ستسعى لخلق برامج وفعاليات من شأنها الارتقاء بالساحة القرائية والثقافية. كما لاحظنا تشكل همم قوية لدى المكرمين، وأنهم سيسعون لإثبات استحقاقهم للتكريم، وكل هذه الحركية غير المسبوقة ساهمت في خلقها وزارة الثقافة بمبادرتها الأخيرة.
- لقد تمّ تكريمك في يوم الفنان واختيارك للمشاركة في مشروع إقامة الكتابة الذي أعلنت عليه الوزارة..كيف هو شعورك اتجاه هذا التّكريم؟
 جاء تكريمي في يوم الفنان ككاتب وليس كرئيس جمعية «قسنطينة تقرأ»، والصراحة أن التكريم كان مفاجئا، وقد سعدت بذلك لأن صفة الكاتب تحمل معها صفة القارئ، وقد دفعني هذا الموقف بعد أن عدت إلى المنزل مباشرة إلى سحب مسوداتي التي توقفت عن الاشتغال عليها منذ عدة أشهر، ومن بين اتصالات التبريكات التي وردتني، أجد أن أجدرها بالذكر هو اتصال صديق لي من كندا، وصف فعل الوزارة كأنه غمزة أو إشارة من الله عز وجل، وأنه حقا يجب أن أعود إلى ما خلقت لأجله وهو الكتابة.
- كيف هو تصوّرك للمشهد الثّقافي بعد انتهاء أزمة كورونا؟
 أعتقد أن المشهد الثقافي بعد كورونا سيشهد قفزة نوعية لم يسبق لها نظير منذ العشريات الثلاث الأخيرة، أحصر الفترة الزمنية لكي لا أتحدث عن حقب لم أشهدها، والذي سيتغير هو كما ذكرت آنفا يمكنني أن ألخّصه في جملة «الجزائر ستشهد ثورة إيجابية للنوادي الثقافية الشبابية»، ونتمنى أن تجد ما يجعل تلك الطاقة تنبع وتتدفق وتسيل وتفيد وتستفيد. وأعتقد أن الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها هو تغيير بعض مديري الثقافة الذين يجلسون على كراسي قصور الثقافة دون إضافة أو حركة أو حتى نية تشبه نية النوادي في صناعة التغيير. وأيضا على كل المسؤولين في القطاع الثقافي أن يقوموا بدراسات ميدانية، أول خطوة فيها هي معرفة ماذا يريد الجمهور المهتم بالثقافة؟ ثم كيف نستطيع استقطاب جماهير أخرى؟ ونقاط أخرى نستطيع التطرق إليها لاحقا، من شأنها اختصار الطريق، دون أن ننسى أن هناك شرخا عظيما بين المؤسسات الثقافية والجامعات والنوادي والجمعيات...الخ، يعني هناك مرض آخر أصاب منظومة قطاع الثقافة الجزائرية في السابق يجب معالجته أولا.
- وهل ستعمّر الأنشطة الثّقافية الافتراضية بعدها؟
 رغم هذا فستكون للأنشطة الافتراضية التي قامت بها النوادي عبر مواقع التواصل الاجتماعي انعكاسات جد ايجابية على مشاريعها الثقافية، خاصة إذا وضعت الوزارة برامج تلتزم بها وفي نفس الوقت تكلف بها مديريات الثقافة،  ليترافق الكل بطريقة جادة وعملية للاستثمار في الطاقات الموجودة في الساحة الآن، ومنه إلى خلق ما من شأنه الارتقاء بالجزائر وجعلها جديدة بأتم معنى الكلمة.