طباعة هذه الصفحة

عبد الحميد بوزاهر

نعيش عالم الرداءة والجمهور الاوراسي ليس صادقا مع فنه

سميرة لخذاري

تأسف المطرب عبد الحميد بوزاهر على الوضع الذي آلت إليه الأغنيتين الشاوية والآوراسية في عصر تحرم فيه من المجهودات الحقيقية، حيث تتطلب الصوت القوي والنفس الطويل، ساحة ثقافية يميزها  الهروب إلى العمل الفني السهل الذي يذر مالا وفيرا وعددا كبيرا من الأقراص المضغوطة ولو كانت على حساب النكهة الأصلية للطرب الأصيل.

أكد بوزاهر ـ أحد أعمدة الفن الأصيل الجزائري لـ»الشعب« ـ على الفرق بين الأغنية الشاوية والآوراسية، كاشفا على الانقراض الذي تعيشه الأولى، التي تغنى باللهجة الشاوية المحضة، قائلا »مطربو الأغنية الشاوية يعدون على أصابع اليد الواحدة، وما تركه لنا أجدادنا في هذا النوع قليل جدا«.
وطرح ذات الفنان في تصريح له لـ»الشعب« مشكل بقاء موروث الأغنية الشاوية رهينة التراث الشفوي الذي ينقرض تدريجيا مع مرور السنوات، مبينا انه رغم دخوله عالم الغناء مبكرا سنة 1968 إلا أنه لم يجد كما وافرا من النصوص باللهجة الشاوية، معيبا في هذا الصدد غياب كتاب كلمات هذا النوع.
أما الأغنية الاوراسية التي تؤدى باللهجة العربية التي ينطقها سكان المنطقة فقد قال بوزاهر لـ»الشعب« أنها »تعرف زوبعة من دخلاء اجتاحوا عالم الأغنية الأوراسية خاصة الخفيفة منها، التي تعرف رواجا مميزا في الحفلات والأعراس عبر مختلف الولايات«، داعيا في هذا الشأن إلى عدم إلحاق الضرر بالطرب الاوراسي ومراعاة تاريخ الأجداد عن طرق فنهم الذي اعتمدوه في هذه المنطقة من الوطن، وتأسف للتغيير الذي تعرفه أغاني »القصبة والبندير«.
وتعجب بوزاهر من معاملة الفنانين للأغنية الاوراسية عموما، و»غياب الضمير الحي عند كثيرهم«، حيث أصبح اغلب الشباب، حسبه، يلجؤون إلى الغناء الخفيف السهل الذي لا يستدعي مجهودا، والهروب عن تأدية المواويل أو ما يعرف بالسراوي، واصفا سلوك الشباب في هذا الشأن بالحيلة، حيث قال »صعوبة تأدية السراوي والأغنية الاوراسية أو الشاوية الأصيلة أدى ببعض فناني اليوم إلى الهروب إلى الأغنية الخفيفة، ومن جهة أخرى اجتياح موجة الربح السريع دون بذل جهد بناء على ذوق جمهور هذا العصر يهدد الفنان المتمسك بأصله ويهين فن الأجداد«.
قال عميد الأغنية الاوراسية في هذا الشأن انه ليس ضد هذه الحيلة التي يعتمدها شباب اليوم بحجة أن »الفنان دون جمهور ليس فنان«، لكن المشكل هو »أننا نعيش عالم الرداءة، فالجمهور اليوم ليس صادقا مع فنه«، مؤكدا في هذا الصدد أن التنوع في الأداء والعصرنة شيء ضروري لكن دون إلحاق الضرر بالأغنية الاوراسية الأصيلة ومراعاة تاريخ الأجداد داخل مجتمعاتهم، مع إعطاء قيمة لموروث المنطقة الذي تعب عليه الأولون واصلوه إلى المحافل الدولية وعلى رأسهم عيسى الجرموني، مذكرا بالمثل »الجديد حبوا ولقديم ماتفرط فيه«.
كما تطرق عبد الحميد بوزاهر في تصريحه لـ»الشعب« إلى ما اسماه بموجة الغرور التي مست عديد الفنانين الشباب، الذين يعتقدون أنهم وصلوا إلى ذروة الفن والعطاء بناء على الأرباح والشهرة التي حققوها بين »جمهور وذوق اليوم«، في زمن تنقرض فيها الأغاني الاوراسية المعتمدة على »السراوي«، »وان وجدت فإنها تكون في مطلع الأغنية وتتردد مرارا وتكرارا، دون إثراء العمل الفني بكلمات إبداعية جديدة تعطي المطرب بصمته الخاصة«.
وفي الأخير دعا بوزاهر الفنانين عبر »الشعب« إلى ضرورة تمسكهم بتراثهم والعمل على التعريف به وليس »كسره وتحطيمه«، مؤكدا أن الفن يفرض نفسه بنفسه لدى الجمهور الذواق وله وليس الترويج له بالأساليب والطرق الالتوائية.