طباعة هذه الصفحة

فنانون يصرخون في عيدهم الوطني:

نريد حقوقنا ..فهل من مجيب؟

هدى بوعطيح

يتفق الفنانان “زهرة بكاي” و«خالد هوامل” ، على أن واقع الفن في الجزائر يحتاج إلى إعادة النظر في كل ما يتعلق بحقوق وواجبات الفنان، خاصة وان الدولة ترصد سنويا الملايين لترقية وتطوير الفن وإعادة الاعتبار لعدد كبير من المعالم الفنية والثقافية، ولكن تحول الفن في الجزائر حسبهما إلى “تجارة وتبزنيس” وتبذير للملايين على حساب حقوق فنانين قدموا الكثير للجزائر، وهم اليوم يعانون ولا أحد يسمع بهم، “لأن هناك “لوبي” في المراكز الحساسة المسؤولة عن الفن محليا ومركزيا تعمل لصالح جهات مجهولة وهدفها دعم “الأحباب والأصحاب” على حساب باقي الفنانين، فالممثل يقضي يومه في القصور يمثل والمطرب يغني في الفنادق الفخمة وعند الانتهاء من دوره كممثل أو مغني يعود إلى منزله إن كان له منزل أصلا “.
حقيقة مؤسفة وقفت عندها “الشعب”  في هذا الملف، حيث أكد عديد الفنانين الذين إلتقيناهم بدار الثقافة أو بالمسرح الجهوي ورفضوا ذكر أسمائهم أنهم يعيشون واقعا مغايرا تماما لذلك الموجود في أذهان الجمهور، فهم يمرضون ولا يجدون أحدا يتكفل بعلاجهم وهناك من وصل إلى حد بيع ورهن ممتلكاته بعدما دفعه “الجوع” لذلك، ليبقى السؤال مطروحا، هل الجهات المسؤولة على علم بواقع فنانيها بباتنة والجزائر؟ سؤال تكون الأيام القادمة كفيلة بالإجابة عنه.


ورغم الإنذارات الكثيرة التي انبعثت من هنا وهناك لتدارك »ما فات«، إلا أن وضعية الفنان في الجزائر تحتاج إلى إعادة نظر، حسب من تحدثنا إليهم.
الإقصاء يقتلنا ومن لا يستحق
 يأخذ كل شيء؟!
تحسرت الفنانة التشكيلية “زهرة بكاي” لواقع الفن الجزائري بعد مرور 50 سنة من الاستقلال، وأكدت لجريدة “الشعب” أن الفنان يحتفل اليوم بعيده الوطني على وقع التهميش والإقصاء خاصة بعاصمة الأوراس باتنة.
وأشارت صاحبة الروائع الفنية الجديدة التي أبهرت وزيرة الثقافة خليدة تومي وعدد كبير من الشخصيات رفقة أختها الفنانة بكاي آمال بلوحاتهما المميزة كونهما الفنانتان التشكيليتان الوحيدتان وطنيا واللتان ترسمان ألواحا من الفسيفساء بالجلد والزجاج.
وقالت زهرة لـ »الشعب«: »الفنان يقدّم رسالة نبيلة لجمهوره مهما كان سواء كمستمع أومتفرج أو حتى قارئ ويساهم في بناء مجتمعه، هذا من الناحية النظرية، أما ما يحدث على أرض الواقع، بكلّ أسف، فهو مختلف تماما، حيث تُسند الأمور إلى غير أهلها ويصبح من هبّ ودبّ فنّانا، وعندما تعم الفوضى فالأكيد هنا هو توقّع غياب الفنان الحقيقي.
تضحيات كثيرة لإنجاز لوحة.. والنتيجة صدمة من الجمهور والمسؤولين

تأسّفت الفنانة زهرة بكاي لواقع الفن التشكيلي في الجزائر، الذي يمر بمرحلة حرجة وأزمة كبيرة بمعنى الكلمة، حسبها، سواء على المستوى المحلي أو الوطني خاصة مع الغياب الملحوظ للجزائري دوليًا سواء كان ذلك في عالم الفن التشكيلي أو غيره من الفنون الأخرى.
وأضافت محدثتنا أنها تستغرق أحيانا كثيرة أكثر من


 شهرين لإنجاز لوحة تشكيلية واحدة، مضحية بأشياء كثيرة مادية ومعنوية، خاصة وأنها تقوم بالرسم على الجلد ما يستغرق الوقت الكثير، ولا يعوض تلك المجهودات إلا فرحة إكمال اللوحة وعرضها للجمهور، تلك الفرحة تقابلها صدمة كبيرة عندما تلتقي مع الجمهور الذي يبدي إعجابه باللوحات الفنية ولكنه يعتبر ذلك “مضيعة للوقت”، والأدهى والأمر من ذلك هي الردود السلبية الواردة من الجهات المسؤولة، حيث تفاجأت ذات الفنانة، حسب ما أكدته لـ»الشعب«، بأقوال للقائمين على الشأن الثقافي بالقول: »هل هذه اللوحات تكفيك للعيش؟«، سؤال كله إهانة خاصة وأنه صادر من أشخاص من المفروض أنهم الأكثر حرصا على الفن والفنانين«.
وتوضح فكرتها بالإشارة إلى أن الانتهازيين شوّهوا الفن الجزائري لما قبضوا زمام الثقافة، مؤكدة أنها شاركت العام الماضي في مهرجان تيمقاد الدولي بمجموعة من اللوحات ولم تتقاض حقها المادي إلى غاية اليوم، ولا يفصلنا عن طبعة تيمقاد 2013، إلا أيام.
وفي هذه النقطة أكدت زهرة بطاي أن وزيرة الثقافة أعجبت كثيرا بلوحاتها في أحد المعارض وطلبت من مسؤولي الوزارة دعم الفنانتين للمشاركة في التظاهرات العربية والإقليمية لتمثيل الجزائر، ولكن منذ تلك الفترة لا أحد تحرك لتنفيذ تعليمات وزيرة الثقافة، فإذا كانت تعليمات الوزيرة لا تطبق فكيف الحال، تتساءل محدثتنا، عن التجاوزات الحاصلة في الولايات؟
تعبنا من عقلية “اعطيلي
ولا ما تفوتوش”
وبخصوص وضعية وواقع الفنان الجزائري فتقول الفنانة التشكيلية الزهرة بكاي، والمرارة تعتريها لما آل إليه هذا الواقع، “إن أغلب فنانينا سواء بعاصمة الاوراس، أو بالجزائر رحلوا في ظروف غير سارة بل ومأساوية في أحيان كثيرة، بلغت مرحلة العجز عن العلاج، ومنهم من لا يزال يصارع قسوة الفقر دون التفاتة، بل إن بعضهم يزاحم المعوزين للحصول على الشبكة الاجتماعية وكثير منهم “هاجروا” الفن ورفضوا قبول عروض فنية على حساب تنازلات في مبادئهم، حيث يوجد بالولاية أكثر من 200 فنان تشكيلي ولكن “لا أحد يسمع عنهم” بسبب الإقصاء “المبرمج” من طرف القائمين على الشأن الثقافي.
وتواصل شرح فكرتها كالتالي: »نحن لا نروق للوضع الثقافي بباتنة، لأننا نرفض قبول سياسة »اعطيلي ولا ما تفوتوش«، حيث يتم ابتزازنا وعندما نرفض  ترفض بالتالي كل رغباتنا في المشاركة في المعارض والأسابيع الثقافية«.
وقالت ذات الفنانة أن ميدان الفن في الجزائر مخترق من جماعات وأفراد ليست لهم علاقة بالفن، وهو ما حوّله إلى فضاء مفتوح على كل من هبه ودبّ، وتصل ضيفتنا إلى نتيجة مفادها أننا نحتاج لكثير من الوقت والجهد وتغيير في ذهنيات التسيير حتى نخرج من وضعنا هذا، والمسؤولية تقع، في رأيها، على الجميع دون إستثناء.
مواصلة النضال
 الحل الوحيد للخروج من المعاناة
وترفض الفنانة التشكيلية بكاي الاستسلام للواقع، حيث دعت الفنانين الجزائريين إلى مواصلة نضالهم من أجل تحقيق مشروعهم الحلم، في غد أفضل، على اعتبار أن هذا الأخير وسيلتهم الوحيدة لإثبات وجودهم والحصول على حقوقهم، ولابد من إكمال المشوار ومواجهة الأوصياء على الفن الذين يقتلون روح الإبداع عند الشباب، فهم الذين يعوقون تطور الفن عامة والتشكيلي خاصة بعدم سعيهم إلى تنظيم المعارض أو تقديم الدعم المادي للفنانين والجمعيات الفنية. إضافة إلى غياب المساحات المخصصة للعرض وانعدام المتاحف المتخصصة والدوريات الفنية، وكلها هياكل كلاسيكية لا تسمح بتطور الفن وبالتالي تطور الفنان.
وختمت قولها بالتأكيد على أن مطالب الفنانين مشروعة و»نحن لا نريد سوى إعطاءنا حقنا المادي والمعنوي فقط«.