طباعة هذه الصفحة

الفنان والأكاديمي الجنوب أفريقي بيتيكا نتولي:

آثار الاستعمار والميز العنصري ما زالت تنتظر الاجتثاث

أسامة إفراح

زهاء 32 سنة قضاها منفيا في سوازيلاند والمملكة المتحدة، لم تثنه عن قيمه ومبادئه التحررية الانعتاقية. ناضل بالكلمة والشعر والبحث الجامعي والنحت، وحافظ على مقته لأنواع الاستعمار والاضطهاد. هو الشاعر والكاتب والنحّات والأستاذ الجامعي الجنوب أفريقي بيتيكا نتولي، الذي نشط لقاء «الأبارتيد وحركات التحرّر في جنوب أفريقيا» بفضاء ضيف الشرف، في ذكرى عيد الثورة الجزائرية.
انطلق ضيف الجزائر، في حديثه عن النضال ضد الميز العنصري، ومن ورائه الاستعمار، ينطلق من تجربته المعيشة، وتجربة شعبه. وفي مداخلته، استحضر بيتيكا نتولي، الذي ولد في 1942، بعضا من ذكريات، وعمل على تعريف الحضور من غير المختصين بمدى وقوف الجزائر إلى جانب المناضلين من أجل الحرية والانعتاق في جنوب أفريقيا، عن طريق القراءات الشعرية بل وحتى الغناء، ففي جنوب أفريقيا، كل وسائل التعبير الإبداعية والفنية متاحة لحكي معاناة الأسلاف وتفاؤل الأحفاد.
فلسطين.. في القلب
ممّا ذكره بيتيكا عن الجزائر، هو أن شعب جنوب أفريقيا تعلم منها كيف يساند قضايا التحرّر، على رأسها قضيتا فلسطين والصحراء الغربية، وفي هذا الصدد ألقى قصيدة بالإنجليزية مطلعها: «فلسطين جرحي الدامي»، قال فيها: «أنا روح بركان محمود درويش.. أصوّر دقات قلب كل فلسطيني.. أنا كل فاه من أفواه أطفال رام الله.. أناضل بأشعاري وأسمع بها صوتي.. صرت أشير إلى الشياطين بالبنان.. أنا كل طفل قتلته الصهيونية.. أنا كل طفل قتلته قنابل الأعداء.. أنا أمل أرض متحررة.. أتلمس شفاهي.. أتلمس نبضات قلبي.. انفجارات هذه البراكين.. ترسم ما نصبو إليه.. وسترسم حممها.. الحرية والأمان».
اقتربنا أكثر من بيتيكا، وسألناه عن إحساسه تجاه العلاقة النضالية بين الجزائر وجوهانسبورغ، وفي حديثه عن هذه العلاقة، عاد بنا هذا المناضل متعدّد المواهب إلى سنة 1960 بعد مظاهرات 21 مارس التي تعرض فيها الجنوب أفريقيون إلى مجزرة ضد سياسة تصاريح المرور، وتحتفل بها الأمم المتحدة إلى اليوم، وقد قرّر المناضلون الجنوب أفريقيون حينذاك أن يعتمدوا الكفاح المسلح ولا يكتفوا بالمسيرات. وجاؤوا إلى الجزائر ليتعلموا استعمال السلاح، وكان من ضمنهم الزعيم الراحل مانديلا، الذي ربطته علاقة مميزة بالراحل هواري بومدين، وهي العلاقة التي تواصلت مع أوليفر تامبوو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. «لقد وفرت الجزائر لمناضلينا جوازات سفر جزائرية تسمح لهم بالسفر وجمع الدعم والمال، وسمحت لهم بفتح المكاتب والممثليات»، يقول بيتيكا، الذي سألناه عن السبب، أوالسر، وراء معرفة أقرانه بالقضية الجزائرية وكفاح الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي، على الرغم من المسافة الجغرافية الكبيرة، وعدم انتشار وسائل الإعلام كما هل الحال اليوم، فأجاب محدّثنا بأن الراحل أحمد بن بلة طلب في إحدى اجتماعات المنظمة الأفريقية أن يتم تزويده بـ10 آلاف جندي أفريقي، وسيتوجّه بهم إلى جوهانسبورغ، وهكذا صارت الجزائر ونضالها في وجدان الجنوب أفريقيين، وصار الجزائريون مثالا للشهامة والتضحية.