طباعة هذه الصفحة

الدكتور أحمد قيطون لـ «الشعب»:

الفضاء الرّقمي خطر على الملكية الفكرية للمبدع

ورقلة: إيمان كافي

تعد ظاهرة السّرقات الأدبية بالنسبة للدكتور في قسم الآداب واللغات أحمد قيطون من المركز الجامعي صالحي أحمد بولاية النعامة، ظاهرة قديمة ولكنها أخذت أشكالا أخرى في العالم الرقمي، هذا الأخير الذي أصبح حسبه يشكّل خطرا على الملكية الفكرية للمبدع لانعدام وسائل المراقبة والمعاقبة في آن واحد، ونظرا لكونه أحد أهم العوامل المساهمة في ارتفاع مؤشّرات ظاهرة السّرقات الأدبية على نحو غير مسبوق.
بالنسبة للدكتور قيطون فإنّ المبدع مهما حاول حماية حقوقه من خلال تسجيل ما ينتجه لدى الهيئات المختصة، إلاّ أنّ ذلك لن يكون مجديا ما لم تتضافر المؤسسات والأفراد لمواجهة هذا الخطر المحدق، مؤكدا في نفس الوقت أن للترسانة القانونية أثر كبير في حماية المؤلف من كل أشكال السرقات.
❊ الشعب: السّرقات الأدبية ظاهرة قديمة جدا، إلاّ أنّها ازدهرت بشكل كبير مع تطور تكنولوجيات الاتصال الحديثة، فيما تتمثّل خطورة الفضاء الرّقمي على الملكية الفكرية لكاتب النص وفقا لوجهة نظرك؟
❊❊ الدكتور أحمد قيطون: أعتقد أنّ السّرقات الأدبية هي ظاهرة قديمة ظهرت بين الشّعراء والمبدعين بصفة عامة منذ العصور الأولى، إلا أن الجاني سرعان ما يكتشف أمره من لدن القرّاء المتخصّصين، وينعت بشتى الأوصاف الذّميمة، ويعمل على تسفيه عمله المنتحل، إلا أن ما يشهده العصر الحالي من تطور رهيب للتكنولوجيا أدى إلى تغير في جميع مناحي الحياة منها الحياة الفكرية والثقافية بصورة عامة، وهو ما ولّد وسائل اتصال حديثة عملت على تقريب المسافة بين المبدع والقارئ / المتلقي من خلال شبكة العنكبوت (الأنترنيت)، إلا أن هذه الوسيلة أسيئ استخدامها في الوقت الراهن من خلال ما بات يسمى بالسرقات الأدبية، فأضحى الفضاء الإلكتروني يشكل هاجس خوف كبير للمبدع، نظرا للانتهاكات التي يتعرض لها من قبل أشخاص - حتى لا أقول مبدعين - عملوا على سرقة وانتحال أعماله الإبداعية والفكرية، مستغلين هذا الوسط الرقمي الذي أتاح مساحة للتواصل بين الجميع على اختلاف مستوياتهم المعرفية والثقافية.
لهذا أصبح الفضاء الإلكتروني يشكّل خطرا على الملكية الفكرية للمبدع لانعدام وسائل المراقبة والمعاقبة في آن واحد، ففي ظل تطور الجرائم الإلكترونية من قرصنة وسرقات وتقاعس المؤسسات النظامية في البحث عن آليات الدفاع والحماية من هذه الهجمات المختلفة الأشكال، بات المبدع مهددا في وجوده الإبداعي نظير ما يتعرض له من سلب لحقوقه المادية والمعنوية.
❊ هناك وجهة نظر تقول أنّ عوامل عديدة تغذّت عليها هذه الظّاهرة حتى تطيل من عمرها أهمّها أنّنا أمّة لا تقرأ، فما تعليقك؟
❊❊ نعم صحيح الأزمة التي تعيشها الأوساط المثقّفة من مبدعين ومثقّفين وأكاديميّين في وسط هذا العالم الرقمي، هي استفحال ظاهرة السرقات التي تعدّدت مستوياتها، وأظن أن سبب تفشي هذا المرض العضال في وطننا العربي يعود لعدة أسباب منها على سبيل التمثيل لا الحصر:
- تراجع مستوى أداء المدرسة العربية.
- تراجع مستوى المقروئية لدرجات خطيرة جدا.
- انعدام الوعي بمدى خطورة هذه الظاهرة، خاصة لدى التلاميذ في المراحل الأولى، وهو ما يكون لديهم نوعا من الإتكالية.
- عدم وجود قوانين ردعية صارمة تحد من هذه الظاهرة.
- تراجع ثقافة التشجيع الحقيقي للمواهب الشابة.
 ❊ اتّساع حدود ظاهرة السّرقة الأدبية دليل واضح على تردّي واقع الأمانة العلمية، وغياب احترام حقوق الملكية الفكرية، فكيف برأيك يمكن للمؤلف حماية حقوقه؟
❊❊ أعتقد أنّ المؤلف مهما حاول حماية حقوقه من خلال تسجيل ما ينتجه لدى الهيئات المختصة يبقى هذا الفعل غير مجد لوحده ما لم تتضافر جهود المؤسسات والأفراد في مواجهة هذا الخطر المحدق بالوطن العربي، من خلال إعادة النظر في بناء مناهج جديدة تعيد للمتعلم هيبته، وتكون لديه رغبة في المعرفة والعلم بعيدا عن الإيديولوجيات المتناحرة.
كما للتّرسانة القانونية - التي يفترض من الحكومات العمل على صياغتها خاصة والظاهرة جديدة وأثرها خطير على كل مقومات المجتمع - أثر كبير في حماية المؤلف من كل أشكال السرقات، فحماية المؤلف هي قضية شغلت الكثيرين، وفي دول كثيرة ومتطورة، ما يدل على أن الوسط الرقمي هو عالم لا نهائي لا يمكن لجهة ما ادعاء الحماية لوحدها مهما أوتيت من قوة في ترسانتها المعلوماتية أو القانونية، فالتعاون هو السبيل الوحيد لمواجهة أكبر جريمة في التاريخ هي جريمة سرقة المعلومات.