طباعة هذه الصفحة

لماذا تخلّفت القصّة الجزائرية عن نظيراتها في الوطن العربي؟

الدكتـورة أحلام بــن الشيــخ

إيمان كافي

  ترجح أستاذة النقد المعاصر بقسم اللغة والأدب العربي، الدكتورة أحلام بن الشيخ، سبب تأخر ظهور القصة القصيرة إلى المؤثرات التاريخية التي أحاطت بتطور الكتابة الأدبية في الجزائر عموما قبل وبعد الاستقلال، تلك الظروف التي ألقت بظلالها على انتباه القارئ إلى مثل هذا الصنف من الكتابات الفنية التي لم تجد لها في بادئ الأمر غير صفحات الجرائد حتى تحتل موقعا بين الفنون الأدبية النثرية، إلى أن سمحت الفرصة لروّاد الرواية بتجريب كتابة القصّة القصيرة ومن ثمّ الاعتراف بها فنا قائما بذاته.
وفي هذا السياق، يعتبر الباحث عبد القادر بن سالم «أنّ ظروفاً عديدة كانت وراء تخلف جنس القصة في الجزائر مقارنة بمثيلتها في المشرق العربي التي بدأت في تشكيل خطابها المتميز لتزاحم في ذلك الشعر، «ففي الوقت الذي كان من الممكن أن تستفيد القصة الجزائرية من القصة العربية تأخّرت إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى بسبب تأخر الثقافة في الجزائر».هذا التأخر الذي يُعزى لظهور الحركات السياسية والوطنية ثم مناداة الحركات الإصلاحية بالرجوع إلى التراث القومي من لغة وتاريخ ثم الاتصال مع الشرق.

كتّاب جيل الثّمانينات قدّموا مفهوما جديدا للقصّة الجزائرية فلم تعد مغلقة

واعتبرت الأستاذة بن الشيخ أن الكتّاب من جيل الثمانينات قد قدّموا مفهوما جديدا للقصة الجزائرية، فلم تعد مغلقة كما كانت عليه في السابق، كما أنّهم أسّسوا لمرحلة أخرى في القصة العربية الجزائرية المعاصرة تخرج عن سلطة النموذج إلى فاعلية التجريب والانفتاح، وتدمير الخطاب الأيديولوجي، بل إلى تدمير الميثاق السردي الكلاسيكي للوصول إلى زمن المغايرة والإدهاش، والقفز فوق الفصل بين الأجناس، أي إلى شعرية الخطاب القصصي.
من هنا - تضيف - تطرّقت مضامين هذه القصص الجديدة إلى أصغر الجزئيات في حياة الناس والمجتمع ولكن ليس بتلك الطريقة الفجة التي توظف المباشرة، وسذاجة الطرح. وقد يقودنا هذا التصور للعملية الإبداعية عن هذا الجيل إلى فهم جديد للشكل على خلاف مفهومه عند الجيل السابق، فهو لم يعد مجرد لغة وجمل ذات إيقاع خاص، بل تعدى ذلك إلى تمرد على القاموسية اللفظية، وبالتالي تغيرت نظرتهم للكون، «فلم يعودوا ينظرون إليه من حيث هو مجموعة من الأشياء المخلوقة، بل أصبحوا على العكس ينظرون إليه من حيث هو مجموعة من الإشارات والرموز والصور، ولم يعد العالم مكتوباً في نص أصلي أولي بشكل نهائي، وإنما أصبح على العكس كتاباً يكتب باستمرار».