طباعة هذه الصفحة

عضو المجلس الشعبي الولائي لبومرداس عبد الحكيم داوي لـ «الشعب»:

على المثقّف الانخراط في المعترك والمساهمة في تأطير المجالس المنتخبة

بومرداس: ز ــ كمال

لقد تحوّلت مسألة مشاركة المثقف أو طبقة النخبة بكل تحمله الكلمة من أبعاد ومستويات فكرية في العمل السياسي والنضال داخل الأطر والهيئات المنتخبة المحلية والوطنية الى جدلية حقيقية ما بين مدافع عن الفكرة من باب المساهمة الايجابية في خدمة المواطن ومسايرة السياسيين على الأقل من باب الاستشارة والتنظير للسياسات والبرامج، وبين رافض تماما لهذا المبدأ مفضلا سياسة الكرسي الشاغر بحجة تعفن المناخ السياسي وسطوة لعبة المال الذي أدى إلى تهميش المثقفين أو انسحابهم طواعية عن الساحة.

على الرغم من تفضيل الكثير من المثقفين المشتغلين في الحقل الثقافي والفني وحتى طبقة النخبة الجامعية من أساتذة باحثين وأكاديميين لسياسة الحياد السياسي واللعب بحذر وأحيانا بعيدا عن الأضواء بحجج متعددة، كنا قد استقيناها سابقا من بعض المثقفين منها عدم وضوح الرؤية في ميدان الممارسة بسبب غياب الشفافية لدى الأحزاب وتعمدها تقريب أصحاب المال على حساب النخبة بحثا عن الدعم المالي وتمويل الحملات الانتخابية، وأخرى رأت أن ضعف المستوى السياسي خاصة على المستوى المحلي قد دفع بالمثقفين إلى التريث وعدم المغامرة حفاظا على الرصيد العلمي والفكري والمكانة الاجتماعية في ميدان التخصص والعمل الاكاديمي.
لكن بمقابل هذا الرأي الذي يحتفظ به بعض المثقفين من باحثين وناشطين في المجال الأدبي والفني، هناك استثناء في الميدان بينتها بعض التجارب السياسية الناجحة على مستوى ولاية بومرداس التي جمعت بين العمل الأكاديمي والنشاط السياسي من منطلق الوجود الايجابي والمشاركة الفعالة داخل هذه المحافل على غرار المجالس البلدية والولائية المنتخبة والمجلس الشعبي الوطني، ومن هذا المنطلق حاولت الشعب نقل تجربة الدكتور عبد الحكيم داوي أستاذ الكيمياء بجامعة أمحمد بوقرة الذي اقتحم العمل السياسي واستطاع أن يحجز مكانا له داخل المجلس الشعبي الولائي كنائب في لجنة التعليم العالي تحت مظلة التحالف الوطني الجمهوري الذي حاول معالجة إشكالية مشاركة المثقف بالقول»من الواجب على المثقف وطبقة النخبة الجامعية أن تساهم في إنجاح المسار السياسي التعددي بالجزائر وتأطير الممارسة السياسية عن طريق المشاركة في مختلف الاستحقاقات الانتخابية وعدم البقاء على الهامش ثم تحميل السياسيين مسؤولية تردي الأوضاع وضعف العمل السياسي وعدم القدرة على بلورة تصورات ناضجة لقضية تسيير الشأن المحلي وتفعيل المجالس المنتخبة خاصة البلدية بهدف خدمة المواطن والوقوف على انشغالاته الحقيقية.
وفي رده عن سؤال حول تقييمه لتجربته السياسية الأولى في المجلس الولائي، إلى جانب نشاطاته الجمعوية الأخرى في المجال الرياضي، اعتبر الدكتور عبد الحكيم داوي، «أنّ هذه التجربة كانت ضرورية في العمل السياسي من أجل دعم الرصيد الشخصي وتأطير المجلس عبر لجنة التعليم العالي لنقل التجربة العلمية وتأطير مختلف النشاطات خاصة ما تعلق بالأمور التقنية والتكنولوجية بحكم التخصص في مجال الكيمياء، وبالتالي المساهمة في بناء مؤسسات الدولة عبر الهيأة التشريعية والمجالس المنتخبة بغض النظر عن التوجه السياسي أو الحزبي خدمة للمواطن والصالح العام للوطن.
كما كشف الأستاذ بالمناسبة «أنّ تجربة عدد من المجالس المنتخبة عبر بلديات بومرداس في سوء التقدير وعدم أهلية بعض المنتخبين في إدارة الشأن العام وتسيير أموال الدولة الموجهة لبرامج التنمية المحلية والمشاريع الاستثمارية التي تفيد المواطن وتدعم الاقتصاد الوطني، قد كانت سببا مباشرا تقريبا لبداية إقتناع النخبة والطبقة المثقفة بضرورة الانخراط السياسي والمشاركة في الانتخابات المحلية والولائية وعدم البقاء على هامش التاريخ والعمل على تحمل المسؤولية في ترقية العمل السياسي ومحاربة كل الممارسات السلبية التي ارتبطت بهذه الاستحقاقات الانتخابية وجعلت المواطن يعزف عنها نتيجة غياب مرشحين من أصحاب الكفاءة العلمية والنزاهة المطلوبة، وعليه فإنّ تجربتي المتواضعة التي اعتبرها في بداية الطريق جاءت من هذا التصور الايجابي للأمور خاصة وأنّي أمثّل الأستاذ الجامعي الوحيد داخل المجلس المشكل من 43 عضوا، في انتظار توسيع المشاركة مستقبلا لباقي فعاليات النخبة.
وأضاف الأستاذ الباحث في ختام حديثه، «أنّ الهدف الثاني والهام من هذه المشاركة هو محاولة خلق جسر للتواصل بين الجامعة والهيئات المنتخبة لتبادل التجارب والاستفادة من الخبرات العلمية الجامعية في مختلف التخصصات التي بدون بشك ستدعّم المجالس البلدية والمجلس الولائي بالاستشارات القانونية الضرورية، وببعض الأبحاث والبرامج المتعلقة بمجالات الإحصاء والبحوث الميدانية لمختلف القطاعات العمومية حتى يكون منطلق البرامج والسياسات المنتهجة نابعا من قاعدة بيانات صحيحة، وليس بطريقة عشوائية وارتجالية.