طباعة هذه الصفحة

الأديب الشاعر توفيق بوقرة :

تعلّمت منه الكثير ...حبّ الكتاب والتعلّق بالحرف والتثقّف والنضال

المرحوم شريبط احمد شريبط كما يحلو له ان يسمي نفسه، من الاسماء الادبية والنقدية الكبيرة، ولا احد ينكر ما قدمه للساحة الثقافية وللجامعة الجزائرية، عرفته منذ ثمانينيات القرن الماضي، لما كان يقطن بمدينة الحجاّر، وقد حافظ على الصورة نفسها، ذلك الباحث الجاد، عاشق الكتاب واللغة، المتيّم بالحرف واللغة...
لم يعترف بمرضه (القصور الكلوي) وظلّ يتحدى الألم ويكتب دون توقف ولا استسلام الأستاذ شريبط ذاكرة ثقافية غنيّة لا تعوّض.. مستحيل ان يجود الزمن بمثله.. نكنّ له كل الاحترام ونناديه بسيدي احمد، تبجيلا وتقديرا واحتراما.. كان رحمه الله لا يكلّ ولا يملّ، يبحث ويحقّق ويشرف على الرسائل الجامعية ويوّجه طلابه بطريقة الأب الحنون، الوديع الذي لا يتكبّر.. خسرناه وخسرته الثقافة الجزائرية وملتقياتها، كما خسرته المكتبة العربية والجامعة والبحث العلمي.. تعلّمت منه الكثير حب الكتاب والتعلّق بالحرف والتثقف وللنضال والفن.. ليلة مطالعة كتابه (اشارات ثقافية وكلام بارد) أحسست أنّه كان يكتب بمداد الدم.. هذا الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات التي نشرتها له عدة صحف وطنية.. بكيت وجعه الذي ظلّ يخفيه عنّا ويعيش منفاه بين الكلتين والقلب والبنكرياس وهو الذي يقول بألم «انت الآن تتمدّد على سرير ابيض، يدك اليمنى ممددة، ثابتة لا يجب أن تتحرك، الدم القاني بدأ يتدفق عبر الانبوب المطاطي ليصل الى الكلية الاصطناعية، ثم يعود عبر أنبوب آخر الجسم..».
 هكذا كتب سيدي أحمد شريبط مواجعه وفواجعه، وترك لنا آثاره القيّمة ومجلداته أمانة في أعناقنا، وقد أرّخ لحقبة مهمّة جدا وثريّة..
 يوم ندوة الكاتب عميمور التي احتضنها مسرح عزالدين مجوبي بعنابة، أحسست أنّه جاء ليودعنا، أتكأ عليّ قصد مساعدته للوصول الى المقام بساحة الثورة، أجلسته بجانب الدكتور عميمور الذي وقف لمساعدته هوالآخر في تصرّف قامة فكرية، وبعد الحصول على كتبه، أخذ معه بعض الصور التذكارية وطلب منّي احضار سيارة أجرة ليعود الى منزله، فهو ببساطة لم يعد قادرا على تحمّل الألم..
 حادثة أخرى غريبة سمعتها والعهدة على الرواة، أنّه تألم كثيرا وتأثر لردة فعل المناضلة جميلة بوحيرد عندما زارها ليهديها نسخة من كتابه الموسوم بـ: «كتاب جميلة بوحيرد» يقال انّها عاتبته وقالت له: لم أطلب من أن تكتب عنّي!!!!