طباعة هذه الصفحة

الدكتور عبد الحميد هيمة لـ«الشعب»:

«الشمعة التي احترقت لتضئ ما حولها»

ورقلة: ايمان كافي

ترك تراثا أدبيـــا هاما يبرز جهــــوده الكبيرة
 خاصـــــة في التعريف بالأدب الجزائــــري

اعتبر الدكتور عبد الحميد هيمة الأستاذ في قسم اللغة العربية وأدابها بجامعة قاصدي مرباح بورقلة أنه إذا كان استحضار الغائب يستدعي معه الحزن والأسى، فإن استحضار صورة الصديق العزيز والمثقف الرمز المرحوم الدكتور شريبط أحمد شريبط، تستدعي الفخر والاعتزاز بأعماله وإنجازاته، كما تستدعي الدموع والأشجان بسبب هذه الخسارة بوفاة هذا الأستاذ الأجل والمربي العظيم والباحث الفذ، والمبدع الكبير الذي كرّس حياته لخدمة الثقافة الوطنية والإبداع الأصيل، فكان بحقّ مثل الشمعة التي تحترق لتضيء للآخرين.

مضيفا أن هناك أشخاص يعبرون في دنيا البشر ولكنهم يأبون أن يكون مرورهم عادياً، والمرحوم شريبط واحد من هؤلاء الرجال الذين تركوا بصمات واضحة في حياتنا، لم يدخر جهدا لخدمة الثقافة الوطنية من خلال اتحاد الكتاب الذي ترأس فرعه في مدينة عنابة أو في الجامعة، حيث اشتغل أستاذا جامعيا وتخرّجت على يديه أجيالا وأجيالا من الطلبة والباحثين.
يقول الدكتور هيمة تعرفت على الرجل، وأنا في بداية مشواري البحثي في الجامعة، فأعجبت به وبشخصيته أيما إعجاب، كان شخصية استثنائية قمّة في التواضع والإنسانية، يشجّع المبدعين والباحثين الشباب، ويأخذ بأيديهم، تحسّ أن لديه غيرة على الثقافة الوطنية من خلال حماسه، وحرصه الشديد على توجيه الباحثين إلى الاهتمام بالثقافة الوطنية وبفضل ما كان يقدمه من جهود في هذا الميدان، والمطلع على كتبه يلحظ أنها تتجه إلى كل ما هو جزائري، سواء كان قديما أو حديثا، بل إنه يبدي في كثير من الأحيان تعصبا واضحا إزاء كل ما هو وطني، ولا أخفيكم أن المرحوم كان له تأثيرا كبيرا في توجيه الكثير من الباحثين للاهتمام بالإبداع الجزائري، وأنا واحد منهم، بما كان يقدّمه من آراء ومواقف، ومن خلال كتبه التي كرسها للأدب الجزائري، التي تتلمذت عليها، واستفدت منها أيما استفادة.
أول مؤلف يصدر حول الأديبة زوليخة مسعودي
 فقد ترك المرحوم تراثا أدبيا هاما يبرز جهوده الكبيرة خاصة في التعريف بالأدب الجزائري من ذلك نذكر كتابه الذي خصّصه للتعريف بآثار الأدبية زوليخة مسعودي، وهو على ما أحسب أول مؤلف يصدر حول هذه الشخصية التي كانت مغمورة، ثم هناك كتابه «تطور البنية الفنية في القصة الجزائرية القصيرة»، وهناك أيضا تحقيقه لكتاب مائة ليلة وليلة وحكايات أخرى من تأليف الباهي البوني، وكتاب مباحث في الأدبي الجزائري المعاصر، وكتابه عن الأديب عبد المجيد الشافعي وكتابه الحركة الأدبية في عنابة، وكذا كتابه الذي ألفه كما صرّح هو بنفسه تكريما للمجاهدة الرمز جميلة بوحيرد، وضم بين دفتيه عشرات القصائد التي قيلت في هذه المجاهدة البطلة، وكتب أخرى لا يتسّع المجال لذكرها، فضلا عن عشرات البحوث والمقالات، ولعلّ أهم ما يلفت الانتباه في شخصية الدكتور شريبط هو حضوره الواضح في الساحة الثقافية الوطنية، فقد كان شخصية فاعلة ومؤثرة في عصره استطاع أن يثري الحركة الأدبية والثقافية في الجزائر منذ السبعينيات، ولا يملك كل من عرفه إلا أن يشيد به وبخصاله الحميدة، وروحه الإنسانية النبيلة، ولقد بقي يكافح ويدافع عن ثقافة وطنه حتى بعد مرضه وإصابته بالقصور الكلوي فعلى الرغم من شدّة المرض فقد بقي الدكتور شريبط يعمل دون كلل أو ملل صابرا محتسبا حتى أتاه اليقين، رحم الله الفقيد فقد كان إنسانا رائعا ورمزا من الرموز الثقافية الوطنية يحقّ للجزائر أن تفخر به وأن تحزن لفقده الدهر كله.