طباعة هذه الصفحة

الأستاذة أمال قداري :

السبيل الأمثل لإستقطاب جمهور الفن الرابع

بلعباس: غ : شعدو

قالت أستاذة الدراسات المسرحية أمال قداري، إن الوقت حان للإنفتاح على مسرح الشارع ودعم رواده وتشجيعهم باعتباره السبيل نحو إعادة جمهور الفن الرابع، فهو مسرح يذهب إلى الجمهور ويلعب دورا تفاعليا في استثمار الأماكن المفتوحة لخلق رسالة فنية ثقافية هادفة.
أكدت الأستاذة قداري أن مسرح الشارع أو كما يسمى بالمسرح الإرتجالي يعدّ من أحسن الوسائل التواصلية المستخدمة للتعبير عن قضايا إجتماعية وسياسية وإقتصادية وترويجية بما تحملهُ عروضه من محمولات فكرية تسعى لإستهداف عامة الناس على إختلاف إنتماءاتهم الطبقية ومرجعياتهم الثقافية وإيجاد حلول لمشاكلهم. فمسرح الشارع ـ تضيف المتحدثة - يعتبر لحظات إكتشاف جماعي تتمحور حول قضايا مشتركة وأبعاد جماعية، حيث يقدم تحليلات لجملة الضغوط التي يتعرض لها المتلقي بسبب صعوبات الحياة اليومية ومشاكلها.
ومن أهدافه الرئيسية محاولة الوصول إلى رجل الشارع الذي لا يقصد المسارح المغلقة، خلق حالة من التفاعل بين المسرحي والجمهور من خلال إيصال رسائل ومواضيع تهتم بالقضايا الراهنة وأحداث المجتمع باستعمال أسلوب الفرجة والمتعة، كما يعدّ هذا النوع من الفنون فرصة للممثلين لإبراز مواهبهم وتقييم أداءاتهم من خلال عدد المشاهدين طيلة فترة العرض وكذا التخلص من النمطية والروتين وتنامي الرغبة في التنقل والتلقائية، كما يعد وسيلة لنشر الثقافة المسرحية بين العامة وتقديم مجموعة من الصور المسرحية الجميلة. يعتبر عامل المشاركة والتفاعل أساس العمل المسرحي المقدم، حيث تتميز جل عروضه أنها تقدم أمام أعين الناس في الساحات العمومية، الحدائق وغيرها من الأماكن العامة دون أي تحضيرات مسبقة أو ديكورات، ما يجعل الجمهور جزءا من العرض، وتحمل المواضيع رسالات محدّدة تعمل على إيصال فكرة أو رسالة جماعية مجتمعية، فالعرض المسرحي في حالة الشارع يجمع بين النص المقرر مسبقاً والارتجال، وذلك من خلال إشراك الجمهور أو بعضه، وهذا ما يخلق نوعا من التفاعل والتجاوب من قبل الجمهور، وما يسهل من عملية التجاوب، تلك المواضيع الذي يعالجها الممثلون والتي تكون ذات صلة بقضايا وانشغالات وهموم الجمهور، ومثل هذه الموضوعات هي قضايا يسهل استيعاب مضمونها، لهذا فإن عامل المشاركة والتفاعل مع الجمهور يلعب دوراً حاسماً في نجاح مسرح الشارع، وهذا ما جعل العديد من رواده يستغلون أهميته كأداة تربوية باعتبار أن ممارسيه يؤدون رسالة معرفية في أشكال تمثيلية ويلفتون الجمهور إلى موضوعات يفضل المجتمع تجاهلها فهم يستخدمون مسرح الشارع كوسيلة فعالة تساعدهم على الوصول الى العوام.
فمسرح الشارع، هوالوحيد الذي يمكنه إعادة الجمهور إلى أب الفنون إذا ما تمّ الالتفات إليه وإعطائه مكانته الحقيقية، حيث أن المسارح وفي غالب الأحيان لها جمهور من النخبة، معظمه من الفنانين، الإعلاميين، والطلبة، لذا ينبغي توسيع الدائرة الجماهيرية من خلال إخراج المسرح من قاعات العرض إلى الشارع وتقديم عروض متكاملة يجد فيها عوام الجمهور المتنفس والطبيب الروحي الذي يشرح لهم مشكلاتهم ويقدم لهم الوصفات العلاجية المناسبة، فضلا عن بعض التسلية التي تحقّق لهم الفرجة والتسلية.
هذا وتتقارب دوافع الفنانين لاختيار هذا النوع من المسارح فقد تتعدّد الأسباب إلى ثقافية وتنظيمية وأخرى متعلقة بمجال الحريات، حيث يختار البعض الشارع لأداء عرضه بهدف إيصال رسالة إنسانية، مجتمعية واضحة، باعتبار أن الشارع يمنح مساحة حرية أكبر للمؤدي الذي يتجاوب معه الجمهور، وبالتالي تتقلص المسافة بينه وبين المتلقي ويحدث تواصل مسرحي حقيقي، فضلا عن حرية أوسع في النصوص عكس العمل المسرحي العادي الذي تكون نصوصه محدّدة ضمن إطار يحد من حرية الفنان أحيانا. وعن تجربة مسرح الشارع في الجزائر فيمكن القول بأنها لا تزال محتشمة جدا مقارنة بالدول المجاورة المغرب وتونس أو بقية الدول العربية، بدليل تواجد فرق مختصة في هذا النوع من المسارح ومهرجانات سنوية كمهرجان مراكش في المغرب، مهرجانات أخرى في لبنان ومصر، وإنطلاقا من هذا لابد من التأسيس لمسرح الشارع ودعم وتشجيع رواده، باعتباره مستقبل المسرح عموما والسبيل الأمثل لإعادة إستقطاب جمهور الفن الرابع.