طباعة هذه الصفحة

المخرج عصام تعشيت لـ «الشعب»:

«كلّما اتّسعت دائرة الحرية في حياة الفنان كلّما زادت الفرصة للرّقي»

وهران: مسعودة براهمية

أكّد الممثل والمخرج السينمائي والمسرحي، الجزائري عصام تعشيت في تصريح لـ «الشعب»، أن «الهوية الثّقافية والتنوع الثقافي لجميع الشعوب يحظى بالاحترام والتقدير في سياق التراث العالمي ﺍﻟﺍﻧﻪ، وعلى هذه  الخطى  تتم صناعة الفن بكل تنوعاته سواء كانت عروض مسرحية أونصوص أولوحات تبرز مدى ارتقاء الإنسان ومدى تعايشه مع كل هذه الثقافات».
ويعتقد تعشيت أنّه «سيكون للإنسانية شأنا مهما في المستقبل إذا احترمنا الاختلافات الثقافية والفكرية والتنوع بمختلف أشكاله وسعينا جاهدين لتقبّل الآخر، بغض النظر عن دينه أوجنسه أولغته أوقوميّته أولونه أورأيه أوتوجهاته العقائدية أوالأيديولوجيات...».
أضاف محدّثنا مؤكّدا: «هنا فقط ستنتصر الإنسانية حتما والأمل في التحرر من سطوة القيود التي تعيق تقدم الثقافة والفكر بشكل عام»، مستنتجا أنّه «كلما اتّسعت دائرة الحرية في حياة الفنان كلما زادت الفرصة للرقي»، في إشارة منه إلى الثقافة المشرقية والثقافة الغربية، حيث يقول أنّها تجتمع مع بعضها في سبيل ترقية الإنسان، رغم اعتقاد البعض أنّها ليست مرتبطة في الفكر.
 الفنّان سفير بلده بامتياز
كما اعتبر تعشيت أنّ كل فنان يسعى للعالمية، وأن ينجح في نقل ثقافته إلى أبعد من حدودها الجغرافية، مبيّنا أنها واحدة من أهم الأسس التي تبنى عليها ثقافة التميز والفن بصفة عامة، وعلى رأسها المسرح باعتباره أبو الفنون وأولها منذ أيام الإغريق والرومان، وقدرته على الموالفة بين عناصر فنية متعددة جعله في جميع الحضارات يتغنى بالماضي وحكمة الأجداد وبطولاتهم، ويحاكي ثقافاتهم بألبسة ورقصات وعادات وطريقة معيشية معينة في حياة شعب من الشعوب، أو مميزة لفترة من الفترات أو مجموعة من المجموعات خدمة للإنسانية بكل أبعادها.
واستدل في هذا الإطار ببعض التجارب الجزائرية، وفي مقدمتها مسرحية «يوغرطا» للكاتب خالد بوعلي والمرحومة صونيا، نظرا لطرحها موضوع الهوية والثقافة في قالب قصة تاريخية عن أحد أبرز رموز الدولة النوميدية بألبسة تحاكي العصر القديم للجزائر وعروض رقص متميّزة وبتسلسل سلس للنص، يضيف نفس المصدر، كما لاحظ مصدرنا عدم وجود تباين كبير بين الرومان والأمازيغ في تلك الفترة من ناحية اللباس والثقافة، لأن الثقافتين هما نفسها لا يفصل بينهما إلا الحوض المتوسط، معتبرا أنها كانت تجربة رائدة، تحيلنا إلى ذلك الزمن وطبيعة تعايـش الثقافات والشعوب، والقدرة على التواصل الناجح بين أبناء ثقافات مختلفة، وما ينتج فيها من أفكار تجعل كل إنسان يفكر بإنسانيته وفقط.
لم تتمكّن الجزائر من استغلال امكانياتها الثّقافية
 وعن مدى استغلال الإمكانيات الثقافية والمقومات الحضارية للشخصية الجزائرية، أجاب نفس المتحدث قائلا: «بصراحة لم تتمكّن الجزائر بعد من تحقيق ذلك، رغم التنوع والغنى الثقافي الذي تنفرد به..فلو تنقّلنا إلى مصر مثلا فلن تجد إلا نوعين أو ثلاث تنوعات ثقافية، أما هنا في الجزائر فكل 20 كلم يتميّز عن غيره بعناصر ثقافية معيّنة، ناهيك عن تنوّع اللهجات التي تندرج أيضا ضمن التنوع الثقافي، هذا يحدث فقط في البلد القارة ولا يوجد في مكان آخر».
أما عن إمكانية تحقيق ذلك، فأكّد عصام تعشيت على ضرورة التعرف أولا على أهم التحديات التي تواجه القطاع في الجزائر في اتجاه خلق الهوية الموحّدة للشعب الجزائري، إذ تتميز كل منطقة في الجزائر تقريبا بنوع معين من العادات والتقاليد والأعراف، فمثلا منطقة الشاوية تحتل مكانا كبيرا في الجزائر من حيث الجغرافية، وتمتد إلى الحدود التونسية حتى الجنوب بمدينة وادي سوف وشمالا إلى قسنطينة وسوق أهراس وقالمة، وتعتبر ثروة ثقافية وتاريخية هامّة، ناهيك عن القبائل والتوارق والشلوح والميزاب والزناتة، ومختلف عناصر الثَقافة الوطنية بمختلف أشكالها وتنوعاتها، وفق ما أشار إليه.