طباعة هذه الصفحة

النّاشط الثّقافي صالح كحول لـ «الشعب»:

وجه بائس للبرامج الرّمضانية وتعدٍّ صارخ على الذّوق

ورقلة: إيمان كافي

يزداد عادة طلب جمهور وسائل الإعلام في الجزائر خلال شهر رمضان على مضامين جزائرية يأمل الجمهور الجزائري داخل الوطن وخارجه أن تطرح من خلالها قضايا المواطن الجزائري اليومية وانشغالاته الاجتماعية بشكل جدي أو كوميدي احترافي، وتحقّق العديد من القنوات الفضائية الجزائرية مستويات مشاهدة واستقطاب قياسية إلى حد ما خلال هذا الموسم تحديدا على خلاف غيره من المواسم، إلا أن نجاح أو فشل ما تقدّمه هذه القنوات يبقى في كل مرة رهن انتقادات الجمهور، خاصة من فئة النخبة والمثقفين أيضا الذي يعود له القرار في تحديد الإنتاج الجيد من الرديء منذ الأيام الأولى للشهر الفضيل.
بانقضاء العشر الأوائل من شهر الصيام، أثارت العديد من الأعمال جدلا واسعا بين أفراد الجمهور الواسع الذي انقسم بين مؤيّد ومعارض بشدة في حين اتّفق الكثير من المثقّفين على ضرورة بلورة التجربة الجزائرية من أجل الارتقاء بها نحو الأفضل ولدعمها من أجل مواكبة سير التطورات الحاصلة في هذا المجال.
من هنا أبرز الكاتب القاص والناشط الثقافي صالح كحول في حديث لـ «الشعب»، أهمية دور مضامين الإنتاج التلفزيوني الخاص بشهر رمضان في الارتقاء بالذوق العام وليس العكس، مشيرا إلى أن ما تبثه القنوات الجزائرية من برامج رمضانية موجّهة للأسرة الجزائرية أثار موجة من الغضب والاستنكار، ويعود الأمر في مجمله إلى تدني مستوى أغلب البرامج وخاصة منها الكاميرا الخفية، هذه الأخيرة التي تضمّنت هذا العام مظاهر للعنف ومست في بعض زواياها بأخلاق الشعب الجزائري المحافظ.
واعتبر محدّثنا أنّ ما أضحى يشاهده الشعب الجزائري من برامج تنتهك حرمة الشهر الفضيل والذوق العام، دفع بالكثير إلى إطلاق صرخة استنكار، تعداها لبيانات موجّهة من طرف إعلاميين ونواب برلمان، للمطالبة بمزيد من الصرامة والجدية من طرف الجهات الوصية والقائمين على مراقبة البرامج الرمضانية.

 الرّداءة فرضت العزوف عن المشاهدة

بالنسبة للناشط الثقافي صالح كحول: «المثقّف أو نخبة المجتمع نأت بنفسها عن متابعة الأمر قصد تجنب سلبياته، بل انخرط بعضهم في صنع هذا المشهد المحزن، في حين أنّ الجماهير الجزائرية لم تكن بحاجة لمثل هكذا برامج، لولا أن شهر رمضان له نكهة خاصة تصنعها برامج جزائرية اعتاد عليها الشعب الجزائري، إلا أن العديد من المعطيات حسبه أثّرت سلبا على نوعية وجودة البرامج وخاصة منها الفكاهية».
وأشار ذات المتحدث إلى أن ما تمّ عرضه على القنوات التلفزيونية الفضائية الجزائرية اعتبره البعض انتهاكا صارخا ومساسا لقدسية الشهر الكريم، وتعدٍّ على الذوق العام وتقاليد الأسر الجزائرية، وهذا ما يستوجب متابعة صارمة وضرب بيد جادة، لتعود المياه إلى مجاريها وتستقيم العلاقة بين المنتج الجزائري والمشاهد، لكن رغم هذا تبقى بعض  البرامج الجزائرية تعرف أكبر نسبة مشاهدة ويتابعها حتى منتقدوها.
وعرج أيضا على أسلوب النقد الذي طال العديد من الأعمال، موضّحا أنّ أغلب البرامج الرمضانية لاحقتها موجة من النقد، وصفها البعض بالشرسة وغير المؤسسة، صادرة غالبا عن جمهور المشاهدين في غياب منابر النقد الفني، ومن لهم اطّلاع ودراية بعالم الفن والسينما، كما تجاوز النقد حدوده في بعض الأحيان إلى أسلوب التهكم والتدخل في الحياة الشخصية لبعض أبطال المسلسلات وضيوف بعض حلقات الكاميرا الخفية، وهذا ما رآه هؤلاء تجاوزا ومساسا بحريتهم وخصوصياتهم.
ورغم هذا الوجه البائس للبرامج الرمضانية، والذي قدّمته بعض القنوات الفضائية نادى البعض بضرورة منحها فرصا أخرى ومزيدا من الوقت لتتّضح الرؤية، كون شهر رمضان لم يمض منه الكثير، وهذا يعتبره البعض غير كافٍ لإطلاق أحكام نهائية، قد تكون مجحفة في حق هؤلاء، مضيفا أن ما يتم تقديمه للمشاهد عبر القنوات التلفزيونية خلال شهر رمضان يعد زبدة الإنتاج السينمائي والفني، وعليه وجب على القائمين مراعاة الجانب الروحي للشهر وكذا طبيعة المجتمع الجزائري المحافظ، خاصة وأنّنا نجد نفس الأخطاء والتجاوزات تتكرّر في أغلب الأعمال كلّما حلّ شهر رمضان.