طباعة هذه الصفحة

المحلّل السياسي الصحراوي ماء العينين لكحل لـ «الشعب»:

المغرب جاء صاغرا للطاولة المستديرة بجنيف

حاوره: حمزة محصول

يعلّق المحلل السياسي الصحراوي، ماء العينين لكحل، في هذا الحوار، على نتائج الطاولة المستديرة الأولى بجنيف، التي جمعت لأول مرة منذ 2012، جبهة البوليساريو والمغرب بحضور موريتانيا والجزائر كبلدين ملاحظين، ويؤكد أن أحكام القضاء الأوروبي وموقف أمريكا من بعثة  «المينورسو» دفع المغرب إلى المجيء مضطرا للتفاوض.

«الشعب»: هل هناك فعلا، ما يمكن اعتباره «أمرا إيجابيا» في الجولة التمهيدية الأولى للمفاوضات المباشرة بين جبهة البوليساريووالمغرب التي عقدت بجنيف يومي 05 و06 ديسمبر 2018 تحت رعاية الأمم المتحدة؟
ماء العينين لكحل: الأمر الإيجابي في هذه الجولة التمهيدية، أوالطاولة المستديرة، كما أسمتها الأمم المتحدة، هوأنها جمعت طرفي النزاع من جديد بعد ستة سنوات من التوقف عن التفاوض، وجمعت أيضا البلدين الجارين إلى نفس الطاولة، كما كان الأمر في السابق أيضا، ففي النهاية، الجزائر وموريتانيا كانتا دائما تحضران جولات التفاوض السابقة تحت إشراف الأمم المتحدة بحكم كونهما بلدان جاران معنيان بالمساعدة على إيجاد حل عادل للنزاع.
 الإيجابي في الموضوع أن المغرب حضر المفاوضات، وجلس أمام وفد جبهة البوليساريو، مرغما لا بطلا، رغم ما سبق وأن أعلنه من رفض لأي نوع من الجلوس معها، واتهامها بالإرهاب، وبكل الأوصاف، ورغم محاولاته السابقة في رفض التعاطي مع المبعوث السابق، كريستوفر روس، واتهامه بان كيمون، الأمين العام السابق بالانحياز للطرح الصحراوي.. إلخ.
كل هذه المحاولات اصطدمت بحقيقة استحالة تجاوز الشعب الصحراوي وممثله الشرعي والوحيد في أي تفاوض لحل النزاع في الصحراء الغربية.
 استشعر المغرب هذه الاستحالة بعد توالي صدمات الأحكام القضائية من محكمة العدل الأوروبية، وبعد وقوف الولايات المتحدة الأمريكية بتوجهها الجديد من المينورسو، ورفضها التجديد لها لأكثر من ستة أشهر، وبعد إحساس المغرب بفشل كل محاولاته القفز على واقع وجود الدولة الصحراوية كحقيقة قائمة، لا بد من أخذها بعين الاعتبار، خاصة في سياق الاتحاد الإفريقي وبالطبع بعد وصول المغرب إلى قناعة بأن الشعب الصحراوي، سواء في مخيمات اللاجئين الصحراويين أوفي المناطق المحتلة حقيقة قائمة ورافضة للابتلاع، لذلك يجب على أي عاقل في نظام الاحتلال المغربي أن يدرك بأنه آن الأوان للبحث عن حل يضمن حفظ ماء وجه المملكة المغربية، ولكن أيضا يكون في إطار الشرعية الدولية، وفي إطار قرارات الأمم المتحدة، وفي إطار العدالة الدولية.
 ومنطق الاحتلال والاستعمار ليسا بالتأكيد لا عدالة دولية، ولا شرعية دولية ولا يعتد بهما لحل نزاع هوقضية تصفية استعمار بالأساس لا يمكن حله إلا في إطار عقيدة الأمم المتحدة لمنح الاستقلال للشعوب المستعمرة، أوالقرار المعروف 1514، ما عدا ذلك هوتضييع للوقت، وخبط عشواء لا يجدي نفعا كما أثبتت السنوات 43 الماضية من المغامرة المغربية في الصحراء الغربية.

إستفتاء تقرير المصير آجلاً أم عاجلاً

الطرف المغربي يقول إنه سيتفاوض على صيغة جديدة تلتف على استفتاء تقرير المصير، بينما ينصّ قرار مجلس الأمن 2440، على مفاوضات مباشرة بنية حسنة ودون شروط مسبقة، هل باتت الأمم المتحدة مطالبة أكثر من أي وقت مضى على التعامل بحزم كبير مع المغرب حفاظا على مصداقية قراراتها السابقة؟
 يستطيع المفاوض المغربي أن يقول ما يشاء، هذا من ضمن قواعد التعامل أواللعبة، كما يحلو للبعض القول، بأن ترفع سقف التصريحات على أمل الخروج بشيء.
 لكن الحقيقة التي لا غبار عليها أن المغرب حضر للقاء مرغما، وغصبا عن إرادته لتفادي أي غضبة أمريكية ممكنة، فالولايات المتحدة، بصفتها عضو في مجلس الأمن، وبصفتها الدولة التي صاغت أغلب ما جاء في القرار 2440 لمجلس الأمن الأخير، قالت بكل وضوح في تصريحها عقب اعتماد هذا القرار أنها لم تعد تقبل استمرار الوضع على ما هوعليه، وأن الطرفان مطالبان بالجلوس إلى هذه الطاولة المستديرة للاتفاق على انطلاقة جديدة لمسار تفاوضي جديد يشكل انطلاقة حقيقية لتطبيق مقتضيات قرارات الأمم المتحدة، كان آخرها القرار 2440 الذي»يهيب بالطرفين استئناف المفاوضات برعاية الأمين العام دون شروط مسبقة وبحسن نية، مع أخذ الجهود المبذولة منذ عام 2006 والتطورات اللاحقة لها في الحسبان، وذلك بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره في ســــياق ترتيبات تتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده».
 جلوس المغرب وجبهة البوليساريو، والبلدان الجاران للحوار يتم في إطار الأمم المتحدة، وليس خارج هذا الإطار بتاتا، وليس للمغرب أي سلطة لتغيير ذلك، فهومجرد دولة احتلال تحاول الدفاع عن احتلالها  إلى آخر نفس.
أما الأمم المتحدة، فلم تقبل أي شيء من المغرب، بل هي توفر الفضاء القانوني الذي دعت إليه الطرفين للتفاهم، وهي تعمل في إطار ميثاق الأمم المتحدة، ولا تستطيع العمل خارجه، وبالتالي لا أحد يستطيع الالتفاف على حقيقة ان القضية تناقش كقضية تصفية استعمار، وتصفية الاستعمار معروف في أي سياق تتم.
 نحن ننصح المغرب بالعودة إلى رشده لتمكين المنطقة من الخروج بكرامة من الكارثة الإنسانية والسياسية والقانونية التي فرضها الاحتلال على كل المنطقة المغاربية طيلة ثلاثة عقود، معرقلا وحدتها وتنميتها، ومهددا استقرارها وأمنها بسبب أطماعه التوّسعية.
ماذا يعني الذهاب نحومائدة مستديرة ثانية خلال الثلاثي الأول لسنة 2019؟
 الجلوس إلى مائدة مستديرة هوتنفيذ لمقتضيات القرار 2440 الذي يشير إلى أن هذه الطاولة هي جزء من المفاوضات المباشرة بين الطرفين التي ينبغي الاتفاق على خارطة طريق واضحة لها من أجل التوصل إلى «حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره في ســــياق ترتيبات تتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده»، إذا لا يمكن إخراج هذا الاجتماع أوالاجتماع المنتظر بداية سنة 2019 عن سياق التحضير لمسار تفاوضي جديد في إطار الأمم المتحدة للتوصل إلى حل يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
حركية جديدة
المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يتحدّث عن روح جديدة للعملية السياسية، ماهوهذا الجديد الذي يختلف عن 2012؟
 لا يمكن حاليا ادعاء فهم توجه المبعوث الخاص وما يقصده بالروح الجديدة للعملية السياسية، اللّهم إلا إذا كان يقصد أنه نجح، عكس سلفه، على الأقل في إعادة إحياء المفاوضات، ونجح في الحصول على دعم سياسي أقوى من القوى الدولية الفاعلة لإقناع طرفي النزاع بالجلوس وجها لوجه لإيجاد حل.
العملية التفاوضية الحقيقية ما زالت في مرحلة التحضير الآن، ونتمنى صادقين أن يكون للمغرب من الشجاعة السياسية والإرادة في الخروج من المأزق الذي يعيش فيه نظام المخزن الآن بشرف.
جبهة البوليساريو كانت لديها الشجاعة الكافية للبرهنة عن استعدادها دفع ضريبة السلام، وعبّرت بكل وضوح عن استعدادها للقبول بأي قرار يتخذه الشعب الصحراوي في استفتاء حر وعادل ونزيه لتقرير المصير، فهل يخشى المغرب قرار الشعب الصحراوي؟ وهل يخشى المغرب الحل الديمقراطي؟ يبدو ذلك حتى الآن.