طباعة هذه الصفحة

لبنان يتخلّص من كل «العقد» السياسية

حكومة وحدة وطنية خلاص للوطن

جمال أوكيلي

تأمل الطّبقة السياسية في لبنان أن يكون إعلان الحكومة قبل نهاية السّنة الجارية حتى يتسنّى لهذا البلد ولوج العام الجديد ٢٠١٩، معزّزا بجهاز تنفيذي حيوي لتسيير الملفات الاقتصادية والاجتماعية التي ما تزال تحتاج حقّا إلى استدراك التأخر الذي لحق بها منذ سنوات خلت بسبب غياب الإستقرار المؤسّساتي الذي طال أمده، وللأسف يتكرّر في كل مرّة.
وبالرّغم من هذا الفراغ، فإنّ قاعدة تصريف الأعمال المتبعة في مثل هذه الحالات المقلقة سارت عادية، وفي إطار المعالجة بما يعرف «حالة بحالة» إلى غاية التوصل إلى ذلك الإجماع المبحوث عنه، المتعلّق بالتأليف بعد التكليف، وكل العمل كان منصبّا على الشق السياسي الذي يسمح آليا بالانتقال إلى مستويات أخرى يعد الأرضية المباشرة للخوض في قضايا أخرى.
وما ميّز الفاعلون اللبنانيّون خلال هذه الفترة الاستثنائية هو أنّهم ترفّعوا عن كل التّصريحات المؤذية التي تطلق من هنا وهناك، ومن البعض تجاه البعض الآخر إدراكا منهم بأن «خدمة الوطن» وإنقاذه أكبر من الرد على فلان أو علان، وأن البقاء في هذه الدّائرة المغلقة ما هو في حقيقة الأمر إلا عودة يائسة إلى الممارسات السّابقة التي كانت سيدة الموقف في مرحلة معيّنة، وكان لابد من التخلي عن هذه الخيارات المثبطة، ونعتقد اليوم بأنّنا نلمس هذه الوثبة عند السياسيّين في لبنان في تجاوز الحالات الطّارئة والصّعبة، كان آخرها حادثة منطقة الجاهلية من تشنّج حيال وئام وهاب، كاد الأمر أن يذهب إلى ما لا يحمد عقباه لولا حكمة العقلاء من أهل الجبل، الذين احتووا ما وقع، داعين إلى عدم الإساءة مرة أخرى إلى رفيق الحريري رحمه الله.
في هذه الحركية المعقّدة والمتداخلة، سجّل الرئيس ميشال عون حضورا ملفتا منذ توليه مقاليد السّلطة في هذا البلد، عندما سيّر ملف تشكيل الحكومة بقدرة فائقة حتى في الظّروف الحالكة التي كاد فيها العقد أن ينفرط، بسبب المواقف المتصلّبة لقادة الأحزاب في إدراج شروط معيّنة غير أنّه فضّل المصلحة العليا للبلد ليكون حقّا رجل إجماع والتّوازنات بين كل الشّخصيات اللّبنانية الصّعبة المراس والتّرويض كجنبلاط، نصر الله، جعجع، وهاب، أرسلان، الحريري، وغيرهم ممّن يصنعون أحداث هذا البلد.