طباعة هذه الصفحة

بعد انتهاء المهام المكلفين بها في سوريا والعراق

الإرهابيون يحاولون إعادة الانتشار في عباءة «مهاجرين» بمنطقة الساحل

جمال أوكيلي

التشدّد الذي تبديه الجزائر تجاه ما يسمى بـ»المهاجرين» ينم عن حرصها الدائم في عدم ترك حدودها مفتوحة لكل من يريد تصنيف نفسه في خانة «الحالة الانسانية»، وهو في حقيقة الأمر عكس ذلك، أشخاص مجهولو الهوية يتواجدون على حدودنا الجنوبية لم نعتاد عليهم، ونقصد بالتحديد أن تلك «الوجهة» إفريقية بامتياز لماذا تنقل أولئك والمقدر عددهم بحوالي ١٢٠ من جنسيات عربية (فلسطينيون، سوريون، ويمنيون)، إلى منطقة الساحل لمحاولة الدخول إلى الأراضي الجزائرية وهم على علم بأن ذلك الشريط وكر للإرهابيين؟ وإن كانت وثائقهم سليمة لماذا لم يأتوا من مداخل أخرى ذات الطابع الإداري الرسمي؟.

إنها الأسئلة التي لا تنتهي والخوض في تداعياتها يؤدي حتما إلى اعتبار الإجراءات المتخذة ضد هؤلاء منطقية تتماشى مع كل الأطر القانونية المتعلقة بحماية حقوق الانسان ولا يوجد أي تعد يذكر في هذا الشأن.. تترجم العزم والحزم في رفض كل تلاعب أو تحايل على الأمن القومي الجزائري.
والتهويل الإعلامي الذي أحدثته البعض من الأطراف كان متوقعا انطلاقا من التحذيرات المتولّدة مباشرة عن توقف الأعمال المسلحة في سوريا والعراق واختفاء عناصر داعش ومن سار على دربهم أي كل من انضوى تحت لواء معين سواء الجيش الحر أو الكتائب الإرهابية.. والكل كان يبحث عن جواب لسؤال مفاده أين يذهب هؤلاء بعدما انتهت مهمتهم في حلب والموصل وغيرها من المواقع التي احتضنتهم كل هذه الأعوام.
وهكذا لم يخف السيد اسماعيل شرقي منسق الأمن والسلم للاتحاد الإفريقي خلال اجتماعات نقاط الارتكاز للمركز الإفريقي للدراسات والأبحاث حول الإرهاب بالجزائر للمرة الثانية على التوالي، وفي فترة وجيزة وجود قرابة ٦٠٠٠ إرهابي في طريقهم إلى العديد من الأماكن في إفريقيا قادمين من النزاعات المسلحة في سوريا والعراق مؤكد أنه ما زالت هناك تحديات أمنية كبيرة في منطقة الساحل.
هذا ما يدعونا إلى القول.. بأن هذا التوقّع في محله بناء على تقارير دقيقة صادرة عن أوساط قريبة من هذه الأحداث التي عرضت أرقاما مفصلة عن «الأشخاص» الذين سيعودون إلى مواقعهم عقب انتهاء الاقتتال في البلدين المذكورين سالفا.
وعليه، فإن هذه الحقائق الساطعة والمعطيات الواقعية، تتماشى مع القرار الجزائري القاضي بعدم السماح لتلك المجموعة من الدخول مهما كان.. ورفض التنازل عن هذا المبدأ بعد أن تم الكشف على أن هؤلاء المكلفين بمهمة ليسوا بمهاجرين وما ورد في التقارير المنشورة هنا وهناك غير صحيح ومجرد افتراءات لا غير يراد بها التطاول على الجزائر وتشويه صورتها في هذا الصدد.
وفي هذا السياق، شرح السيد حسان قاسيمي مدير المركز العملياتي بوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية المكلف بالهجرة حيثيات هذا الملف، مبينا بأن هؤلاء لهم صفة «العسكري» المنخرط في الجيش الحر.. اتبعوا مسارا مشبوها إلى غاية وصولهم إلى الساحل أي كانوا مؤطرين بالشكل اللائق خاصة ماديا من بلد إلى بلد ومن مجموعة إلى مجموعة.
وأراد البعض من دعاة الدفاع عن «المهاجرين» مغالطة الرأي العام الدولي عندما سعوا من أجل تبييض صورة هؤلاء وإعطاء للمسألة الحجم الذي لا ***** للتغطية عن أخطاء ارتكبوها فيما سبق والكل يتذكر الرفض الجزائري القاطع لتصريحات المقرّر الخاص لمجلس حقوق الانسان المكلف بالمهاجرين فيلبي غونزاليس موراليس الذي تجاوز حدود مهمته وصدق ادعاءات الأشخاص الذين تم نقلهم إلى الحدود بسبب الإقامة غير الشرعية.
وتبعا لذلك طلبت الجزائر توضيحات في هذا الإطار بعد أن تحوّل مكتب المجلس بالنيجر إلى وسيلة للدعاية تشنّ ضد الجزائر.. بالإضافة إلى هذا قدمت الجزائر مقاربتها خلال أشغال المؤتمر الدولي للأمم المتحدة لاعتماد الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة، منظمة ومنتظمة الذي انعقد بمراكش.. وهذا بالدعوة إلى التميّز بين المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين، واستئصال أسباب تفاقم هذه الظاهرة، وعدم إلزام الدول التي تعاني من التدفقات من التكفل الإجباري بالوضعيات غير القانونية.
والجزائر لا تتلاعب بالحالات الإنسانية الحقيقية البعيدة كل البعد عن المناورات التي تنسج في الخفاء والأرقام شاهدة على ذلك فقد تمّ ترحيل ٣٧ ألف مهاجر في ٤ سنوات في ظروف لائقة ارتاح لها الجميع وبشهادة مسؤولي البلدان الأصلية الذين ثمّنوا جهود الجزائر في هذا المجال.
وعليه، لا يجب أن يخلط البعض أوراق الملف من طبيعته الإنسانية إلى الإرهابية ففي الحالة الثانية، فإن هناك إجراءات صارمة أخرى ستتخذ في حالة استمرار ذلك التدفق المشبوه باسم الهجرة حفاظا على سلامة حدودنا الجنوبية.