طباعة هذه الصفحة

الأستاذ فؤاد جدو لـ«الشعب»:

الاحتلال المغربي تحت ضغط أمريكي مرّكز واستفتاء تقرير المصير المخرج

حوار: إيمان كافي

رغم المخاوف التي تساور البعض من عدم جدية انخراط الاحتلال المغربي في العملية السياسية التي ترعاها الامم المتحدة لحل القضية الصحراوية، إلا أن مؤشرات كثيرة تنبئ على العكس، بأن محادثات جنيف في جولتها الثانية والتي دعا إليها المبعوث الاممي هورست كوهلر، ستحدث تقدما في مسار التسوية التي طال انتظارها، خاصة مع الدعم الصريح الذي تبديه الادارة الامريكية الحالية لحل عادل ودائم ينهي معاناة آخر مستعمرة أفريقية، مما يفرض عامل ضغط جديدا على المغرب ويدفعه إلى وضع شروطه وتصوراته الاحادية جانبا ويلتزم بما توصي به الشرعية الدولية من قرارات. للوقوف عند آخر مستجدات القضية الصحراوية، وحظوظ نجاح «جنيف2» تحاور «الشعب»، اليوم، السيد فؤاد جدو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد خيضر ببسكرة.

 «الشعب»: تعتزم الأمم المتحدة عقد جولة جديدة من المحادثات في مارس المقبل لأجل إيجاد تسوية سلمية للقضية الصحراوية، ما قولكم؟
فؤاد جدو: القضية الصحراوية تعد من بين أقدم قضايا تصفية الاستعمار في الوقت المعاصر وأخذت فترة زمنية طال أمدها مقارنة بالمستعمرات الإفريقية الأخرى ولهذا أصبحت تشكل استثناء في القارة السمراء التي تتطلع لتحقيق التنمية وتجاوز عقبات التخلف، في حين نجد القضية الصحراوية لم تتحرك من نقطة الحوار الذي تم التراجع عنه، وهنا تريد الأمم المتحدة أن تعطي بعدا جديدا من خلال تقريب وجهات النظر وإجراء خطوة عملية لحل القضية الصحراوية بدلا من دبلوماسية المكوك التي يقوم بها مبعوث الأمم المتحدة للمنطقة، فهذه المحادثات تأتي في ظروف دولية تحتم على الأطراف القبول بالجلوس الى طاولة الحوار.
 من أجل إنجاح جولة المحادثات الثانية يبحث المبعوث الأممي «هورست كوهلر» إجراءات بناء الثقة، مثل إزالة الألغام وتبادل الزيارات بين العائلات الصحراوية بمخيمات اللاجئين والمناطق المحررة وفي ظل مواقف الاحتلال المعرقل، كيف السبيل لتنفيذ هذه الإجراءات؟
أعتقد أن الإجراءات التي اقترحها المبعوث الأممي كوهلر بادرت بها جبهة البوليساريو من قبل في إطار إبداء حسن النية، لكن المغرب ركز في الكثير من المرات على سياسة الهروب إلى الأمام وفرض منطق الأمر الواقع، فالمغرب نتيجة لتطورات الملف الصحراوي عطل برنامج زيارة العائلات الصحراوية ما بين الأراضي المحررة والأراضي التي تقع تحت الاحتلال المغربي، وحتى الألغام جبهة البوليساريو دمرت مخزونها من الألغام المضادة للبشر وفي العرف الدبلوماسي وخاصة في المفاوضات بين الأطراف المتنازعة تكون هناك مثل هذه المبادرات، لكنها في اعتقادي لن تؤثر بشكل كبير في الطرف المغربي.
ألا يجب أن تكون هناك قرارات ردعية لإرغامه على الامتثال للقرارات الأممية؟
لا يمكن استخدام قرارات ردعية بالنسبة للمغرب لسبب بسيط وهوالموقف الفرنسي المنحاز للطرح المغربي والذي يدعمه ويغطي على جرائمه وانتهاكاته لحقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية، وفي الكثير من المرات عارضت فرنسا إضافة مهمة مراقبة حقوق الإنسان لبعثة المينورسو، وبالتالي أي قرار ضد المغرب ستتدخل فرنسا لإجهاضه وإبقاء الوضع على ما هوعليه.
قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة «لا يوجد أحد تحت أي وهم» فكيف يمكن تجاوز وهم الحل الأحادي الذي يتشبث به الاحتلال في هذه الحالة؟
مسألة» الحكم الذاتي» الذي يقدمه المغرب كبديل لمبدأ الاستفتاء لتقرير المصير، هوتجاوز لقرارات الأمم المتحدة، ولما اتفق عليه الطرفان في ظل حكم الملك الراحل حسن الثاني، ولهذا مواقف الدول الكبرى باستثناء فرنسا تدعم مساعي الوصول إلى حل بين طرفي النزاع يقوم على خيار متفق عليه والذي لا يمكن أن يكون إلا بإقامة استفتاء يعطي الحق للشعب الصحراوي في أن يقرر مصيره، وهذا ما تدعمه دول الجوار الجزائر وموريتانيا، وهنا نقطة الخلاف بين المغرب وجبهة البوليساريو والذي تسعى إليه الأمم المتحدة من أجل تقريب وجهات النظر خاصة أن كل المبعوثين الامميين الى المنطقة فشلوا أمام تعنت وتمسك المغرب بحله المنافي للقرارات الدولية.

مواقف المغرب تتصادم مع «شعار مفاوضات دون شروط مسبقة»

 تشبث المغرب بالحل الأحادي الجانب يعكس إصراره على عرقلة أي خطوة في اتجاه التسوية من خلال كلام السفير المغربي لدى الأمم المتحدة الذي قال «خارج الحكم الذاتي لسنا مستعدين للتفاوض على أي شيء آخره» ما تعليقكم على هذا الكلام وما الذي أمام كوهلر فعله وهويرفع شعار مفاوضات بدون شروط مسبقة؟
أعتقد أن تصريح السفير المغربي هوتعبير عما يتم تداوله رسميا في المغرب إلا أنه لابد من الإشارة إلى أن الاحتلال يمر بمرحلة ضغط خاصة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية التي تغيرت مواقفها مع الرئيس ترامب، أين ترى الإدارة الأمريكية الحالية ضرورة إيجاد حل لهذه المشكلة من خلال الدفع بالأطراف إلى طاولة الحوار، وهذا ما يفسر برمجة جولة جديدة رغم الموقف المغربي.
غطرسة الاحتلال المغربي وقدرته الفائقة على ضرب الجهود الأممية وعرقلتها لابد أن يكون مسنودا إلى جهات تدعمه وتتواطأ معه مقابل نهب الثروات الصحراوية، ما تعليقكم على الأمر وهل بإمكان الصحراويين ومن خلال معركتهم القضائية إجهاض اتفاق التجارة الموقع بين الاحتلال والاتحاد الأوروبي قبل أسابيع؟
مسألة استغلال الثروات الصحراوية هي في الأساس تتم من خلال الاتحاد الأوروبي مع العلم أن هناك دولا من الاتحاد ترفض الاتفاق الأوروبي المغربي خاصة في مجال الصيد البحري والفوسفات، وليس أمام الصحراويين إلا القضاء الأوروبي والدولي لإبطال الاتفاقيات الثنائية ووقف النهب المبرمج للثروات الصحراوية والتي في الغالب تفوز بها جبهة البوليساريو، لكن الوزن الفرنسي في الاتحاد الأوروبي ولوبيات المال والامتيازات التي يقدمها المغرب لبعض الأطراف تجعل عملية النهب تتكرر بشكل دوري.
في تصوّركم، هل سيتمكن المبعوث الأممي من إحداث اختراق والدفع باتجاه حل هذه القضية التي تجاوز عمرها الأربع عقود؟
رغم اعتقادي بأن مسار المفاوضات لن يكون سهلا، وبأن الطريق ستكون طويلة لإيجاد تسوية سلمية لهذه القضية، وذلك لأسباب عديدة منها الموقف المغربي الرافض لمسألة الاستفتاء، إلا أنني أعتبر مباحثات جنيف خطوة لكسر، وتبقى كل الاحتمالات واردة خاصة إذا كان فيه ضغط من طرف الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الإفريقي لتقريب وجهات النظر.