طباعة هذه الصفحة

بعد القمة الـ32 للاتحاد الإفريقي

تقرير الجزائر حول مكافحة الإرهاب مرجعي

حمزة محصول

اختتمت القمة الـ32 للإتحاد الإفريقي، المنعقدة قبل أيام بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بالمصادقة على قرارات وتوصيات تصبّ كلها في رفع استجابة القارة السمراء للتحديات الاقتصادية والأمنية وتعميق التبادل والاندماج التجاريين، وتفعيل مخطط مكافحة الإرهاب.

ناقش رؤساء دول وحكومات البلدان الأعضاء في الإتحاد الإفريقي، خلال القمة الـ32 للمنظمة عدة ملفات، تتسمّ كلها بالتشابك والتعقيد، وتحتاج إلى مخططات جهوية وإقليمية للتعامل معها.
ملف الهجرة غير الشرعية واللاجئين والنزوح القسري، اتخذ كشعار للقمة، بالنظر إلى أهميته على الصعيدين الدولي والإنساني، وعلى اعتبار أن البحر الأبيض المتوسّط، تحوّل إلى مقبرة تلتهم الطاقات الشبانية للقارة الإفريقية.  
القضية التي تستجوب الضمير الإنساني العالمي في كل مرة، تستغل من قبل منظمات حكومية وغير حكومية، كورقة ضغط وتنافس بين بعض القوى، والضحية البلدان الإفريقية، سواء تلك التي تشكّل منبع الهجرة أو تلك التي تعتبر معبر المهاجرين غير الشرعيين.
وأجمع القادة الأفارقة على ضرورة إبراز جهود القارة في التعامل مع الظاهرة، فهي لوحدها وبإمكاناتها المحدودة تستضيف ثلث المهاجرين والنازحين في العالم، كما أكدوا على أهمية وضع الحلول التي تتلاءم والظروف الحقيقية المحفزة للظاهرة.
ولم تخل القمة، مرة أخرى من ملف مكافحة الإرهاب والتطرّف العنيف، حيث جدّد القادة الأفارقة التأكيد على إبقاء الجاهزية العالية للتعامل مع هذا بالتهديد، وقدّموا تعليمات لمفوضية الهيئة القارية لتنفيذ ما جاء في تقرير الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي قرأه نيابة عنه الوزير الأول أحمد أويحيى.

دور محوري للجزائر  

وتمّ تكليف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من قبل نظرائه الأفارقة سنة 2017، لتولي منصب منسق إفريقيا لمكافحة الإرهاب، اعترافا بدوره «كرائد في محاربة الظاهرة العابرة للأوطان وترسيخ السلم والاستقرار»، مثلما صرّح رئيس الاتحاد الإفريقي يومها ألفا كوندي.
وفي تقريره للقمة الـ32، لفت تقرير بوتفليقة، إلى اتساع رقعة الأنشطة الإرهابية في القارة، وبالأخصّ منطقة الساحل الإفريقي، ونبّه إلى التحكّم الكبير للجماعات الإرهابية في وسائط التواصل الالكتروني والشبكات الاجتماعية، ما يمكنها من نشر الفكر المتطرّف واستقطاب الشباب.
وجدّد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، التحذير من تحالف الجماعات الإرهابية بعصابات الجريمة المنظمة، ما يوفّر لها مصادر تمويل ضخمة، تساهم في استمرار أنشطتها الدموية.
وفي نقطة هامة، تطرّق التقرير إلى مسألة عودة الإرهابيين الأجانب من مناطق النزاعات في الشرق الأوسط إلى إفريقيا وأكدّ أن الموارد المالية المحصّل عليها من مختلف الأنشطة الإجرامية تستغل في خلق ممرات آمنة لهؤلاء الإرهابيين الذين انهزموا في سوريا واليمن والعراق.
وشدّد على ضرورة حالة التأهب القصوى، من خلال تنسيق أمني محكم بين مختلف الدول الإفريقية للتصدي لهؤلاء الإرهابيين الذين يراد تجميعهم في دول أو مساحات جغرافية حساسة تماشيا وأجندات محكمة التخطيط.
ويراهن التقرير، على انخراط المؤسسات الدستورية والدينية والتربوية لكل دولة إفريقية في مكافحة التطرّف العنيف، ومقاومة الفكر الضال والمستورد من جهات خارجية غريبة على تعاليم الإسلام الحقيقي وعادات وتقاليد الشعوب المسالمة.
وتشكّل الديمقراطية والحكم الراشد والتنمية الاقتصادية وتعزيز الحريات الفردية والجماعية، أسلحة فتاكة في وجه الإرهاب والتطرّف العنيف، لأنها تقضي على الأسباب الحقيقة والظروف المسببة لتنامي المشاريع الدموية.
ولم تغفل خلاصات التقرير، الجانب المتعلّق بتكييف القوانين وتفعيل الهيئات القارية كمنظمة الأفريبول، واستغلال الأرضيات الرقمية للبيانات المتعلّقة بالأشخاص والمشبوهين لتعزيز حماية الحدود الداخلية والخارجية للقارة من الإرهاب والأفكار المتطرّفة.
وحظي التقرير بمصادقة وإشادة أعضاء الإتحاد الإفريقي، واعتبر خارطة طريق يجب البناء عليها لتنفيذ مخطط مكافحة الإرهاب الذي تمّ تبنيه سنة 2004. وصرّح وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، على هامش القمة أن تقرير الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حول مكافحة الإرهاب، صودق عليه بالأغلبية الساحقة من قبل نظراءه، مؤكدا أنه يعكس مدى «الثقة والمصداقية التي تحظى بها الجزائر في المجال على الصعيد القاري».

عضوية جديدة

وعرفت القمة الـ32 للاتحاد الإفريقي، تجديد عضوية 10 دول، في مجلس السلم والأمن الإفريقي بمدة 3 سنوات، فيما جرت السنة الماضية ذات العملية الخاصة بـ5 أعضاء ولكن لمدة سنتين فقط، وأرجأت الجزائر حينها ترشحها إلى الدورة الحالية، لتنجح في الفوز بمعقدها بأغلبية ساحقة، حيث حازت على 48 صوتا من أصل 52.
ويرأس السفير الجزائري، اسماعيل شرقي، مجلس السلم والأمن الإفريقي، الذي يعنى بوضع آليات استعادة السلم والاستقرار في مختلف البلدان الإفريقية وكذا استباق الأزمات واستشرافها.
وتعتبر عضوية الجزائر في المجلس إلى غاية 2021، إضافة نوعية لجهود الاتحاد الإفريقي الرامية إلى جعل القارة خالية من الأزمات، نظرا لخبرتها الطويلة في المجال وكذا سمعتها المعترف بها دوليا.
يذكر أن الجزائر تحتضن مقر الشرطة الإفريقية (أفريبول)، وكذا المركز الإفريقي للدراسات حول مكافحة الإرهاب، وتعتبر عضوا مؤسسا للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب رفقة كندا، وتقدّم تقارير سنوية، على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتتعاطى الجزائر مع الأزمات التي تعرفها دول القارة السمراء، بمبادئ «عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان واحترام سيادتها، واتخاذ الحوار الوسيلة الوحيدة لتفكيك التوتر، وإبعاد التدخلات الأجنبية مهما كان نوعها».
هذه المقاربة، جعلت من الجزائر، دولة ذات مصداقية، ومصدر ثقة يمكن الاستناد إليها لقيادات وساطات دبلوماسية، مثلما كان عليه الحال في مالي سنة 2015.