طباعة هذه الصفحة

الأستاذ رابح زاوي لـ « الشعب»:

الحروب التجارية تحركها دوافع إنتقامية ونتائجها مدمّرة

حاورته: فضيلة دفوس

الاقتصاد العالمي الخاسر الأكبر من المواجهة الأمريكية - الصينية


 نقف في المدة الأخيرة على أطوار حرب تجارية غير مسبوقة، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خوضها ضدّ الصين أساسا.  مع السيد رابح زاوي، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة مولود معمري بتيزي وزو، سنبحث في خبايا هذه الحرب، وسنتعرف على وسائلها ونتائجها.
ما معنى الحرب التجارية، وماهي أساليبها؟
 في حقيقة الأمر مفهوم الحرب التجارية ليس مفهوما حديثا، ربما فقط السياسة الاقتصادية الأمريكية الأخيرة اتجاه الصين هي من أعادته للواجهة، حيث يمكن تعريفها على أنها كل معركة اقتصادية تقوم فيها الدول بفرض قيود على الاستيراد من بعضها البعض، بهدف إلحاق الضرر بتجارة بعضها أو في محاولة لتحقيق ذلك، كما تُعد الحرب التجارية نتيجة محتملة لإجراءات «حمائية» تنتهجها دول معينة وتصف أجواء تكون فيها كل دولة متأهبة لاتخاذ قرارات تجارية ضد دولة أخرى من خلال زيادة المعوقات التجارية كالتعريفة الجمركية مثلا، و هذه الأخيرة تعتبر من أهم ملامح تلك الحرب. وهنا تجدر الإشارة إلى أن تطبيق مثل هذه الإجراءات غالبا ما تثير خطوات انتقامية بين الدول وبعضها البعض، الأمر الذي ينتج عنه ارتفاع في حدة التوترات التجارية عالميا.
هل  تحقق الحروب الاقتصادية أهدافها؟
 لقد سبق وأن نشرت مجلة تايم الأمريكية عبر موقعها في مارس 2019 تقريرًا توضح فيه ما هي الحرب التجارية، وكيف يبدأها ترامب الآن بسلسلة من التشريعات ضد عدد من الدول، حيث يشير إلى أنه في غضون أسبوعين فقط، أصدر ترامب سلسلة من التعريفات الجمركية ضد عدد من الدول، وحظر الاستحواذ الصيني على الشركات الأمريكية، وسعى إلى فرض قيود جديدة على مستقبل الاستثمار الصيني. وفي حالة ما إذا قمنا بطرح السؤال حول مدى تحقيق هذه الإجراءات لأهدافها يكون من الجيد العودة إلى التاريخ، حيث سبق للرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش أن قام برفع التعريفات الجمركية على الصلب عام 2002، وهو الأمر الذي أدى إلى هبوط الناتج الإجمالي المحلي الأمريكي بـ 30.4 مليون دولار، كما خسرت الولايات المتحدة حوالي 200 ألف وظيفة، 13 ألفًا، منها كانت في مجال صناعة الصلب الخام، وقدر تقرير صادر عن معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن التعريفات الجمركية التي فرضها بوش كلفت حوالي 400 ألف دولار مقابل كل وظيفة في صناعة الصلب تم الإبقاء عليها، إذن يمكن ملاحظة أن التاريخ أثبت أن الحرب التجارية غير مضمونة النتائج ومن الصعب جدا تحقيق مكاسب طويلة وثابتة.
لماذا يراهن عليها ترامب، بينما لا يتحمّس للحروب المسلحة؟
 يمكن ملاحظة أن هناك نوعا من الإنكفاء الأمريكي فيما يتعلق بالتدخل ضمن الحروب العسكرية المباشرة، والبداية كانت مع الرئيس الأسبق باراك أوباما والإنسحاب من أفغانستان، ليقوم الرئيس الحالي بانتهاج سياسة تعتمد على الإنسحاب التدريجي من بعض المناطق على غرار الشرق الأوسط في سوريا مثلا، وهي تعبر عن توجه جديد لدى صانع القرار الأمريكي، حيث يسمح له من جهة بالحفاظ على ما حققه من مكاسب ولكنه من جهة أخرى يدعم توزان القوى الموجود بالشكل الذي يحافظ على إسرائيل كقوة في المنقطة.
أما ما تعلق بالحروب التجارية فقد سبق للرئيس الحالي دونالد ترامب أن صرح عبر تغريدة له في 02 مارس 2019 أن الحروب التجارية «جيدة وسهلة الفوز»، وهو ما يظهر أن هناك نوعا من التركيز على محاولة تقليل العجز التجاري للولايات المتحدة، والذي يظهر في أن واردات الدولة تفوق الصادرات بمئات مليارات الدولارات،  هذا العجز في الميزان التجاري الأمريكي خلال السنوات الماضية، يزداد حيث سجل مجموع عجز الميزان التجاري الأمريكي سنة 2017 حوالي 566 مليار دولار وهذا يمثل حوالي 2.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
أمريكا أعلنتها حربا تجارية على الصين .. لمن ستكون الغلبة؟
 من نتائج هذه البدايات الهجومية في الحرب التجارية بين أهم قطبين في الإقتصاد العالمي هو ما يحدث حاليا على خلفية العقوبات التي تم فرضها على شركة هواوي الصينية.
 في حقيقة الأمر يبدو أن الخاسر الأكبر هو الاقتصاد العالمي ولاحقا الاقتصاد الأمريكي الذي بدأت عليه علامات الضعف، لذلك من الممكن جدا أن تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية قرارات نقدية لتحفيز الطلب في الاقتصاد الأمريكي ومن أهم هذه القرارات لجوء الاحتياطي الفيدرالي إلى تخفيض متكرر لهياكل الفائدة على الدولار قبل انتهاء العام الحالي على أقصى تقدير.