طباعة هذه الصفحة

تجاوزت أزمتها السياسية

تونس تقود مرحلتها الانتقالية بنجاح

فضيلة دفوس

مثلما سبقت الجميع إلى إعلان الثورة على النظام وأطاحت برئيس لم يكن أحد يتصور أنّه سيغادر يوما كرسي السلطة الذي ظل ملتصقا به لاكثر من ثلاثة عقود، ها هي تونس تتقدّم الجميع في تجاوز العراقيل التي فرضتها مرحلة ما بعد التغيير، وتقود مرحلتها الانتقالية بنجاح كبير بفضل إرادة مختلف الأطراف السياسية التي تقاطعت أهدافها برغم تبايناتها، على العمل في كنف التضامن والوفاق تحت راية تونس الموحدة والمتماسكة.

وتتطلّع تونس اليوم لمرحلة قادمة من الانتقال الديمقراطي، تؤسّس لبناء ديمقراطية حية وفاعلة تشق طريقها نحو الترسخ والنجاح رغم كل الصعوبات، وذلك  بعد ختم الدستور وتشكيل حكومة كفاءات ممّا يسمح  بالاستعداد للإستحقاقات المصيرية القادمة، والإلتفات للنهوض بالإقتصاد والمجتمع تحقيقا لأهداف الثورة
واحتياجات الشعب.
اليوم تعيش تونس أجواء من النشوة وهي تتبنى دستورها الجديد، الذي أجمع الفرقاء السياسيون على أنه سيؤسس لبناء ديمقراطية تدعّم الحقوق والحريات.
وبهذا الخصوص أكّد النائب عن حركة النهضة وليد البناني أنّ منسوب الحريات أصبح مرتفعا جدا في الدستور الجديد مقارنة بدستور عام 1959، الذي تعرض إلى تحويرات على المقاس إبان فترتي حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وأضاف البناني، أنّ الدستور الجديد يؤسّس لدولة مدنية حاضنة لحرية التعبير والإبداع واستقلال القضاء، وحامية لحقوق المرأة التي سيضمن لها القانون الترشح للمجالس الانتخابية بالتناصف مع الرجل، وهو أمر لا زال غير متاح حتى في بعض الديمقراطيات العريقة.


ومن المكاسب الأخرى التي يتضمّنها الدستور، أشار البناني إلى إحداث المحكمة الدستورية التي ستراقب دستورية القوانين علاوة عن الهيئات المستقلة التي ستشرف على الإعلام والانتخابات، وغيرها من الهيئات التي ستتمتّع بالاستقلالية.
من جانبه، يرى زعيم حزب المسار المعارض أحمد إبراهيم أنّ الدستور الجديد يحتوي على الكثير من الإيجابيات والامتيازات التي من شأنها أن تقود البلاد إلى إرساء نظام جمهوري مدني قائم على التفريق بين السلطة وإشراك المواطنين في صنع القرار.


وأشار إلى وجود توجه هام في الدستور لإرساء نظام حكم لامركزي داخل المحافظات والجهات من أجل خلق التنمية والاستثمار، وهي أبرز المطالب التي رفعت في الثورة.
لكنه أشار إلى أنّ الأهمّ من المصادقة على الدستور هو العمل على تطبيق فصوله وترجمتها على أرض الواقع، مشدّدا على أنّ نجاح التجربة الديمقراطية في تونس يتطلّب يقظة تامة من الشعب والمجتمع المدني للدفاع عن أهداف الثورة.
ومهما كان تباين الآراء حول الدستور الجديد، فالمؤكد أن تونس تركت أزمتها السياسية وراءها وهي تتطلّع لمستقبل زاهر يبنيه الجميع دون إقصاء تحت سلطة العدالة التي لا يضيع من استظل بها.
ويبقى من الضروري لفت الإنتباه إلى أهمية الاقتداء بالتجربة التونسية بالنسبة للدول العربية، التي لازالت تتخبّط في مخاض التغيير وتغرق في الفوضى.