طباعة هذه الصفحة

ميلاد اللّجنة الدستورية السورية

الموعد الحاسم يوم 30 أكتوبر

جمال أوكيلي

سجّل غير بيدرسون المبعوث الاممي إلى سوريا إنجازا سياسيا غير مسبوق في فترة وجيزة أو قياسية توّجت بميلاد اللجنة الدستورية.. عجز سابقوه الذين كلفوا بهذا الملف من التوصل إلى هذا الهدف المرجو منذ أن طرحها دي ميستورا عندما أشرف على مسار التسوية، لكن القيادة السورية كانت دائما تصنفه في خانة المنحازين إلى الجماعات المسلحة ولم تكن راضية عن العمل الذي يقوم به إلى غاية إبلاغه بانتهاء مهامه، وهو الذي كان يأمل في استكمال ما تبقى من خارطة الطريق في هذا الإطار.. لكن التطورات الحاصلة أرغمته على المغادرة.
بيدرسون اعتمد في مقاربته على الهدوء وعدم إبداء أي موقف يغضب فلانا أو علانا، كما تفادى التصريحات المثيرة، أو القائمة على التهويل حتى في الظروف الحرجة لم يظهر له أثر على الساحة أو المشهد الإعلامي. مفضلا العمل البعيد عن الأضواء والبهرجة. إلى غاية بروز البوادر الأولى لهذه الصيغة السياسية التي يعوّل عليها كثيرا هذا المسؤول معتبرا إياها مفتاحا لحل شامل مستقبلا.
في خضم احتدام النزاع المسلح في إدلب وبدرجة أقل في مناطق أخرى، أبدى المبعوث الأممي تحفظا كبيرا حتى لا يشوش البعض على المسعى السياسي الجاري بدقة مع الأوساط ذات الصلة المباشرة بالآلية الجديدة، كالحصول على الموافقة المبدئية من قبل الدولة المركزية، المعارضة والمجتمع المدني، وبالفعل فإن اللجنة الدستورية رأت النور بعد الاتفاق مع هذه الأطراف .. تتكون من 150 عضو مدعوين يوم 30 أكتوبر القادم للاجتماع في جنيف.. ويشدّد المسؤولون الأمميون على أن تكون ذات مصداقية، متوازنة وشاملة، هذه الصفات الـ3 ما فتئت تتكرر على لسان هؤلاء في كل مرة، حرصا منهم على احتضان ورعاية هذا المولود الجديد إلى أن يبلغ أشده، وعدم تركه عرضة لضغوط أخرى وممارسات سابقة كما أن لروسيا وتركيا يد مباشرة في هذا التأسيس، وهذا باعتراف المنتظم الدولي.
والسؤال الذي نود طرحه هنا لماذا لجنة دستورية لبلد طرد المسلحين من مساحات واسعة كانوا يحتلونها وبسط سيادته على أرجائها؟ المهام المخولة لأعضائها هو إعداد مسودة دستور جديد هذا ما يتداول حاليا.
فهل الأعضاء المختارون والمقدر عددهم بـ 150 شخص بإمكانهم صياغة وثيقة يقع عليها لإجماع وهم مختلفون سياسيا وأيديولويجا، ولا تجمعهم أي نقاط التقاء إنها مجرد قضايا ذات دلالات عميقة، قد يصطدم بها البعض لاحقا خاصة ما تعلق بالمحاور الكبرى للدستور، كمنصب الرئيس، السلطات الـ5 التنفيذية، التشريعية والقضائية، الحكومة، ونقاط أخرى ذات أهمية قصوى، قد لا تلقى الإجماع حولها.
لذلك قرر بيدرسون أن يكون الموعد الأول يوم 30 أكتوبر القادم وهي فترة 4 أسابيع تسمح للمشاركين بأن يأتوا بتصوراتهم ليطرحونها أمام المبعوث الأممي ولابد من الإشارة هنا إلى أن الأمر ليس سهلا أو هينا، لأن طبيعة النزاع وتداعياته ستظهر جليا في النقاش العام المقرر في نهاية الشهر ولابد من استحضار هنا المرجعية المعلنة سابقا ألا وهي المصداقية، التوازن، والشمولية، ويقصد بها البقاء أو بالأحرى الالتزام بالفضاء العام كالآراء حتى تضبط العملية السياسية بإحكام ولا تحدث أي تجاوزات كي لا يقع الإخوة في مطبّ التأجيل المزمن.