طباعة هذه الصفحة

فتـح «سفـارات» فـي العيـون المحتلـة

قرارات لاغية وباطلة... خارج الشرعية

جمال أوكيلي

إقدام بعض البلدان الإفريقية على نقل سفاراتها إلى مدينة العيون المحتلة عمل أحادي الجانب مناف للقوانين الدولية المعمول بها والسارية المفعول وتعد لاغية وباطلة ولا يعتد بها أبدا كونها تندرج في إطار تواطؤ متعدد الأطراف قائم بين دول فشلت فشلا ذريعا في التآمر على الصحراويين لمحاولة حرمانهم من المشاركة في المحافل القارية والعالمية.
هذه الأطراف المتلاعبة، تتبنى إستراتيجية قائمة على إستفزاز المؤسسات الإفريقية الناشطة حاليا والتي تتحرك وفق ما تمليه عليه إلتزاماتها تجاه الآخر، إستنادا إلى ملفات موثقة لا غبار عليها تسعى جاهدة من أجل إدراجها في خضم توجه نظامي يحمل ذلك الوعي القوي والشعور بالمسؤولية تجاه التكفل بالقضايا المطروحة بكل أبعادها، لا يشوبها أي غموض أو يكتنفها أي لبس مثلما قام به البعض.
إن التحايل السياسي الذي يسجل اليوم عمدا، إنما يترجم ذهنية «اللاقانون» المستشرية بقوة لدى كل من خوّل لنفسه فتح سفارة له في إقليم محتل بالحديد والنار من أجل استكمال دائرة المؤامرة المكشوفة التي تحاك على أكثر من صعيد.
والتصنيف الذي يستحقه هؤلاء هو أنهم يعملون خارج المؤسسات الشرعية ألا وهو الاتحاد الإفريقي، وهذا يعتبر عصيانا «مفضوحا» وتمردا ظاهرا على النصوص الأساسية لهذا الإطار القاري وعليه فمن حق القادة الأفارقة الإسراع فورا في معاقبة كل من يتجرأ على المساس بقواعد العمل الصارمة في هذا الشأن، إما بتجميد العضوية أو مطالبته بالتراجع، وهذا بسحب قراره في الحين ودون تباطؤ أو ربح الوقت .. كما اعتاد عليه هؤلاء.
الدول التي سقطت في هذا الفخ المنصب لها من طرف المغرب سيكلفها ثمنا باهظا مستقبلا .. كونها كانت ضحية تأثيرات وضغوط سياسية رهيبة وإغراءات مالية مقابل شراء المواقف والمتاجرة بالذمم وهذا الأسلوب للأسف خيار المغرب المتبع لمحاصرة الصحراويين أو محاولة تغيير صورتهم التحررية العادلة لدى البعض من البلدان.. ومثل هذا المسعى الفاشل لا يجد من يتبناه أبدا، لأنهم يدركون إدراكا كاملا وصادقا بأن القضية الصحراوية قضية تصفية إستعمار لا أكثر ولا أقل ومهما خاضوا في هذا الأمر لا يستطيعون كسبه.
وإن كان المغرب يرفض اليوم استقبال المبعوث الإفريقي المعين لهذا الغرض ومنعه من دخول الأراضي الصحراوية المحتلة للاطلاع على وضعية الصحراويين وحساسيته المفرطة من المساعي الإفريقية في هذا الشأن .. لا يعني أبدا بأنه استطاع فك الحصار عنه أو تمكن الانفلات من كماشة الاتحاد الإفريقي، بل أن حسابه سيكون مع الأمم المتحدة لاحقا، عندما يتم تعيين المبعوث الأممي ويستأنف مسار التسوية على أسس ما أقرته الشرعية الدولية.. هنا يجد نفسه وجها لوجه مع خطاب آخر يطالبه بالكف عما يقوم به فورا وبالأخص مغادرة الأطراف الأجنبية الصحراء تحت أي مسمى.. سفارة فلان أو علان وعلى هؤلاء إجلاء أعضائهم دون أي انتظار، وهذا شرط مسبق لأي محاولة تحريك الملف مستقبلا.
لأن البلدان التي قررت ذلك على علم بأن الصحراء الغربية إقليم محتل منذ مسيرة العار في منتصف السبعينات وما يزال إلى غاية يومنا هذا يعاني من القوة المحتلة، تنطبق عليه كافة القرارات ذات الصلة خاصة ما يعرف بلائحة ١٤ /١٥ المتعلقة بتقرير مصير الشعوب القابعة تحت نير الاستعمار.
ولا يعقل أن يخرج هؤلاء عن الإجماع الإفريقي حيال الصحراء الغربية فيما يتعلق بالثوابت المتبعة في هذا الشأن منها احترام ما صدر من لوائح المطالبة بتقرير مصير الشعب الصحراوي، وفق رزنامة واضحة، أعدها الاتحاد الإفريقي غير أن المغرب نسفها بمعية البعض من الأطراف، رافضا المبادرة الإفريقية بعد أن اعترض كذلك على المساعي الأممية .. كل المبعوثين انسحبوا بسبب الضغوط الممارسة عليهم.. كان آخرها كوهلر.
ولن يسكت القادة الأفارقة عما يقوم به المغرب من إقامة سفارات في إقليم محتل وسيدرجون هذه النقطة خلال مواعدهم اللاحقة كتحذير شديد اللهجة لكل من تخوّل له نفسه مجاراة مثل هذه الأعمال غير الشرعية والتي لا تخدم القوة المحتلة أبدا، بل ستدخله في متاهات خطيرة جدا .. كونها تجاوزا للقوانين الأساسية للاتحاد الافريقي وتحديا للمجموعة الدولية المطالبة بأن يكون الحل أمميا، وليس تحايلا على المؤسسات الشرعية القائمة.
وعليه، فإن على الأفارقة أن لا يسقطوا في هذا الفخ المنصّب لهم لأنه لا يخدم مسار الاستقرار في القارة ولا يتماشى مع قيم التحرّر لرجالها الأحرار الرافضين للاستعمار.