طباعة هذه الصفحة

بعد أن أنهى الجيش «البرق الخاطف» واستعاد المثلث النفطي

الاتفاق السياسي الحل الآخر للأزمة الليبية

س / ناصر

 

أنهى الجيش الوطني الليبي عملية «البرق الخاطف» العسكرية أين سيطر خلال ساعات على المثلث النفطي وسط البلاد، فأقلب ميزان السيطرة العسكرية والسياسية وأخلط الأوراق الليبية التي تعرضت لهزة كبيرة إثر عملية البنيان المرصوص التي قامت بها قوات مصراتة وطرابلس في اتجاه سرت، ومن مميزات هذه العملية الناجحة سرية إجراءاتها.
أكد الجيش الليبي أن أولوياته في هذه المرحلة هو إكمال العمليات في بنغازي وقد استفاد اللواء خليفة حفتر من تدهور العلاقة بين القبائل في المنطقة الوسطى وقائد حرس المنشآت النفطية بجضران الذي كانت قواته تسيطر على المثلث النفطي منذ ثلاث سنوات من بينها قبيلة المغاربة التي ينتمي إليها الجضران، حيث سحبت دعمها له بشكل تام طالبة من عناصرها عدم محاربة الجيش وهو ما سهل بشكل كبير عملية السيطرة على المثلث النفطي بتنفيذ غرف العمليات الرئيسية للجيش الليبي (سرت ، اجدابيا، الكرامة) ودعمها من قبل قاعدة «بنينا» الجوية ببنغازي بشكل أساسي معتمدة على الكتيبتين 302 و101 وكانت البداية بالهجوم على محاور ثلاث ميناء الزويتنية الذي شهد معارك ضارية وميناء السدرة، وميناء رأس لانوف، فتمكنت خلال ساعات من السيطرة على الموانئ الثلاث زائد ميناء البريقة الذي دخلته دون قتال ولا مقاومة.
لكن قوات الجضران المنسحبة المدعومة بقوات سرايا الدفاع عن بنغازي المرتبطة بالقاعدة حاولت أن تنفذ هجوما معاكسا من ثلاث محاور إلاّ أنّها فشلت واستسلم عدد كبير من أفرادها، مما سمح للجيش الليبي من تثبيته على كامل المثلث النفطي من الشرق إلى الغرب.
محاولة إنهاء وجود «داعش الإرهابي» في كل من بنغازي وسرت
يخوض الجيش الليبي منذ شهرين معارك ضد عناصر داعش الإرهابية ومجلس شورى ثوار بنغازي، مما جعل المعارك توشك على نهايتها في ظلّ سيطرة الجيش على المدينة ماعدا مجموعات قليلة محاصرة في نطاق 5 كلم غرب المدينة ومجموعات أخرى في الصابري وسوق الحوت، وساهم في هذه النتيجة وهذا الانتصار إعلان بعض المجموعات المسلحة ببنغازي ولاءها للجيش، مما أدى بالكتيبة 309 إلى السيطرة على غرفة العمليات لداعش الارهابي ببنغازي.
إلا أن قوات البنيان المرصوص في سرت مازالت تحاول إنهاء وجود عناصر داعش بالمدينة فحاصرتهم بمنطقة الجيزة البحرية واعتبرت ذلك من أولوياتها مع ذلك سيطرت على بوابة النهر الصناعي وعلى مناطق أخرى غرب المدينة.
المجلس الرئاسي يعتبر التصعيد غير مبرّر
أمام هذا التطور الميداني اعتبر المجلس الرئاسي التابع لحكومة الوفاق في طرابلس أن العمليات التي نفذها الجيش غير مبررة إن كانت النبرة هادئة كما أن العملية التي قام بها الجيش لاقت صدى خارجيا، حيث صدر بيان مشترك لست دول غربية وهي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيطاليا وألمانيا واسبانيا وفرنسا طالبت فيه بشكل صريح بانسحاب الجيش من المثلث النفطي وكأني بها تهدّد وتريد التدخل، إلاّ أنّ الجيش الليبي رد باستراتيجية هادئة على البيان الغربي الشيء الذي أجهض محاولات التدخل الغربي المباشر في ليبيا في ظلّ تواجد أخبار عن وجود قوات إيطالية في مصراتة.
ولم تتوقف محاولات تدويل الوضع في المثلث النفطي، حيث سعى كوبلر وبعض الدول الغربية إصدار قرار من مجلس الأمن يدين عملية «البرق الخاطف» إلا أن هناك دول أجهضت المحاولة منها روسيا ومصر بالإضافة إلى قرار الجيش تسليم المنشآت النفطية لمؤسسة النفط.
وكان الجيش قد سلم بعد أيام من سيطرته على المثلث النفطي المنشآت النفطية إلى المؤسسة الوطنية للنفط موكلا مهمة حمايتها إلى جهاز الحرس في المنطقة الشرقية والوسطى تحت قيادة العميد مفتاح مع أربعة كتائب للجيش
الجيش الليبي يوصد باب التدخلات الخارجية
الجيش الليبي يريد الدخول إلى العاصمة طرابلس لكنه لا يريد أن يدخلها من خلال معارك دموية تكون بابا مفتوحا للاطماع الخارجية في التدخل ولذلك، فنجاح عملية البرق الخاطف جعل وضعية الجيش أفضل ميدانيا واستراتيجيا فبسط برلمان طبرق سيطرته على 95 بالمائة من الثروة النفطية، ونفذ عملية عسكرية نظيفة مكّنته من تحقيق تقدم جغرافي يقدم للبرلمان أرضية صلبة من الممكن الوقوف عليها في أي تسوية سياسية مستقبلا، هذه العملية قربت الجيش إلى مواقع القوات الموالية للمجلس الرئاسي التي تنفذ عمليات البنيان المرصوص في سرت قريبا ينهي الجيش عملياته في بنغازي وتنهي قوات البنيان المرصوص عملياتها في سرت لتصبح القوات فعليا في مواجهة بعضها البعض، وحفتر ذكر أن الجيش عينه على طرابلس ولكنه لا يريد أن يدخلها من خلال معركة دموية، وهذه الرغبة تقابلها رغبة مماثلة من قبل القوات الموالية للمجلس الرئاسي والتي ترى إيجاد صيغة توافقية سياسية تمثل الفرصة الأفضل لكل الأطراف وماعدا ذلك سيدخل ليبيا في حرب أهلية، تجعل أطماع الدول الغربية بالتدخل قريبة من التحقيق.
موسكو تدين إرسال دول لقوات خاصة إلى ليبيا
أدانت موسكو يوم الاثنين 26 سبتمبر إرسال دول لقوات خاصة لتدريب جماعات مسلحة في ليبيا، داعية إلى أتباع نهج واضح ومتسق للأمن في هذا البلد.
وشدّد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أمام اجتماع وزاري في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة على أن «الأجهزة الأمنية الموحدة وحدها يمكن أن تحصل على مساعدات عسكرية دولية في إطار القيود التي فرضها مجلس الأمن ونقل موقع «ليبيا هيرالد» عن المسؤول الروسي تأكيده وجود مشاكل في مجال الأمن بليبيا بسبب الضربات الجوية التي نفذتها بعض الدول في مناطق معينة بليبيا، مضيفا أن «دولا أخرى أرسلت فرقا من القوات الخاصة لتدريب مجموعات مسلحة، وهذا النهج يفاقم العداء والفرقة بين الليبيين».
وقال غاتيلوف بشأن الأوضاع الراهنة في ليبيا إن «الوضع في ليبيا لا يزال غير مستقر، ولم تحقّق نجاحا حتى الآن الجهود المبذولة لاستعادة الاستقرار والوحدة في البلاد في أعقاب التدخل العسكري غير الشرعي في عام 2011، ومستقبل البلاد لا يزال مبهما.
وشدّد نائب وزير الخارجية الروسي على أن الاتفاق السياسي الليبي لا يزال أساسا للتسوية، مشيرا إلى أنه يمكن التوصل إلى تسوية فقط عبر حوار صريح بين الليبيين، بتبني خطة عمل تستثني أي تدخل أجنبي.
كما أعرب عن تحفظ بلاده بشأن العقوبات، مشيرا إلى أن فرض عقوبات من جانب واحد، كما فعلت بعض الدول، لن يؤدي إلى نتيجة إيجابية، داعيا الأمم المتحدة ورئيس البعثة الدولية في ليبيا مارتن كوبلر إلى ضرورة «إشراك الأطراف السياسية الرئيسة والجيش وممثلي أقاليم البلاد والقبائل في عملية السلام، من دون تهميش أي طرف.