طباعة هذه الصفحة

د ـ احمد الأمين البشير في حوار مع “الشعب”

السلام حتمية بين دولتي السودان

حاوره: حمزة محصول

يرى الدبلوماسي السوداني السابق وأستاذ العلوم السياسية بجامعة واشنطن، د ـ احمد الأمين البشير أنّ مساعي السلام بين دولتي السودان، كانت ينبغي أن تكون منذ البداية، لأنّ الخلافات لم تزد إلاّ في تفاقم المشاكل والمعاناة، وطالب الدول المانحة بالوفاء بالتزاماتها المالية، ووصف في هذا الحوار مع “الشعب”، قرار البشير بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين بالمفيد جدا للمصالحة.
❊ الشعب: ماهي قراءتكم لواقع العلاقات بين دولتي السودان في هذا الظرف؟
❊❊ د ـ  احمد الأمين البشير: بعد التوقيع على اتفاقية نيفاشا للسلام عام 2005 بصعوبة بالغة، كان يتوقّع أن يتحول ممثلو الجنوب من حركة مقاومة إلى حركة سلمية تعمل على دعم الوحدة بدل الانفصال، وكان متوقّعا في المقابل أن تتخلى دولة الشمال على الهيمنة وسياساتها السابقة في الجنوب، وأن يتعامل الطرفان كإخوة من أجل المصلحة العليا للشعب، لكن ولسوء الحظ تمّ الابقاء على حالة التوتر والترسبات والعقد وانعدام الثقة.
ولاحظنا مؤخرا أنّهما بدأتا في التحول إلى دولتين مسؤولتين، من أجل إنهاء بعض المشاكل العالقة، وكان ينبغي منذ البداية الاتفاق على قسمة عادلة للبترول، لأن الشمال يملك الميناء والعتاد للاستخراج والتكرير، ويملك الجنوب 90 بالمئة من البترول، وبدل التوافق العادل انساقوا وراء مبررات التوتر، ما جعل حكومة الجنوب تتّخذ قرار قطع البترول. وجاء ردّ الشمال بالترفع، وكان هذا العامل الرئيسي في تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للدولتين، خاصة بعد فشل محاولات الحصول على معونات من الدول الأجنبية، التي اشترطت عودة تدفق النفط لأنّها تبحث عن مصالحه والمنافع المتبادلة.
ومحاولات دفع التعاون والصلح وتحقيق السلام بين الدولتين، لا يمكن وصفه إلاّ بالعودة إلى الرشد والصواب.
❊ من المستفيد من جهود التعاون المبذولة إذا نظرنا للأمر من زاوية براغماتية لكلا الدولتين؟
❊❊ الاثنان محتاجان للبترول، من أجل تحريك الاقتصاد والدفع بعجلة التنمية، والمستفيد الأكبر هو الشعب في الجنوب وفي الشمال، وينبغي عليه التحرك للتصرف برشد وعقلانية، لأنّه هو الوحيد الذي دفع ولازال ثمن الحرب وتردّي الأوضاع من فقر ومجاعة.
❊ عمدت الحكومة السودانية إلى اتّخاذ إجراءات هامة من أجل بعث الحوار والمصالحة، منها إعلان الرئيس عمر حسن البشير إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، ألا تعتقدون أنها إجراءات كافية؟
❊❊ المطلوب من الحكومة السودانية من أجل تحقيق المصالحة الوطنية، أن تقوم بتنفيذ الوعود ولا تكتفي بإصدارها فقط، لأنّ السلام يشبه المستحقات، أي عليك أن تدفع الذي عليك كي تحصل على ما تريد.
وقرار الرئيس البشير بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين مفيد جدا، خاصة بعد الاتفاق الحاصل بين المعارضة المسلحة في النيل الأزرق ودارفور، والمعارضة السياسية التي تقودها بعض الأحزاب على حلّ الوضع بطريقة سلمية، ويجب تقديم كل الأطراف المعنية لتنازلات، وإلاّ فلن يكون هناك تقدم، وينبغي على الأطراف الثلاثة أن تبذل ما بوسعها لتحقيق السلام.
❊ عقد مطلع هذا الأسبوع مؤتمر للمانحين في الدوحة من أجل السودان، هل يمكن للسودانيين أن يعلّقوا آمالهم عليه، مع العلم أنّ مساهمات الدول الأجنبية كانت دائما مخيّبة؟
❊❊ لقد تقدّمت الدول الأجنبية بكثير من الوعود للسودان وشعبه، بمنح دعم مالي معتبر من أجل دفع مشاريع التنمية التي تخدم السلم وتكرّس على الاستقرار، ولكنها بقيت مجرد وعود، لدذا يجب عليها أن تتقدّم خطوة نحو الأمام، وعليها أن تتحلّى بالجدية والمسؤولية وتلتزم بما تعلنه في كل مرة.
❊ هناك من يرى أنّ الولايات المتحدة وإسرئيل تصرّان على ألاّ ينعم السودان بالهدوء، هل يمكن تحميلهما مسؤولية ما يجري في المنطقة؟
صحيح أنّ هناك دول أجنبية وعلى رأسها أمريكا وحليفتها إسرائيل، تعملان على تمزيق السودان من أجل أجندتهما الخاصة، ولكن لا يمكن تعميم كل شيء عليهما فقط. ولمواجهة التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية يتطلب تنمية  الوعي لدى الشعب، ونوع من التفكير الاستراتيجي سواء لدى الشمال أو الجنوب.