طباعة هذه الصفحة

الاستراتيجية الأمريكية الجديدة لمكافحة الارهاب

إبعاد الخطر الخارجي لحماية الأمن القومي تحذير من التهديدات الممركزة..

جمال أوكيلي

شخّص الرئيس الأمريكي باراك أوباما في عرضه للاستراتيجية لمكافحة الارهاب بجامعة الدفاع القومي بواشنطن آفاق إعادة الانتشار للظاهرة عبر نقاط محددة من العالم، مؤكدا بأنه من الآن فصاعدا يجب أن نعمل على تفكيك الشبكات التي تمثل خطرا مباشرا ومنع جماعات جديدة من الاستقرار .. ومواجهة تهديدات ممركزة.
هذه النظرة الأمريكية تختلف في طرحها عما كان في السابق.. ويترجم ذلك من خلال التفطن للتكتيك المتبع من قبل هؤلاء في بعض المناطق من المعموروة وهذا بتفادي المواجهة مع الجيوش النظامية خوفا من تلقي المزيد من الخسائر المادية والبشرية والذهاب الى خيار السعي لأهداف محددة.
وحمل خطاب أوباما إشارة واضحة الى “الفاعلين” في هذا النظام “الارهابي” وهذا عندما قال بأن نواة القاعدة في أفغانستان وباكستان ستهزم قريبا بالرغم من بروز امتدادات لها في اليمن والعراق والصومال وشمال إفريقيا وهنا لابد من القول بأن المشهد العام لتحركات الجماعات الارهابية في العالم متحكم فيه لدى الأمريكيين بشكل يسمح لهم بأخذ صورة ولو نسبية عما يقع هنا وهناك بدليل أن ما يعرف بالطائرات بدون طيار قضت على جل “الزاعمات  الارهابية” المتواجدة في بعض البلدان التي ذكرها أوباما والتي استعمل حيالها مصطلح “ستهزم قريبا” وهذا دليل بارز على أن الأمريكيين يسيرون هذا الملف تسييرا دقيقا.. وهم على اطلاع كامل على نشاط هذه الجماعات والخطط التي ستلجأ إليها في المستقبل.
ولم يستبعد أوباما في هذا الشأن مما أسماه بالاعتداءات الدورية ضد الديبلوماسيين الأجانب والمؤسسات، والاختطافات والأعمال الاجرامية الأخرى، التي أصبحت منطلقات هؤلاء خلال المرحلة القادمة، ولم يحصر أوباما محاربة الظاهرة أمريكيا فقط وإنما أعطى ذلك البعد الدولي من خلال “جمع المعلومات وتقاسمها وتوقيف الارهابيين ومطاردتهم” وهذا التنسيق الخارجي يعد ضروريا في هذه المرحلة الحساسة والحاسمة.
وفي هذا الاطار، لابد من التأكيد هنا بأن رسالة أوباما  تتضمن العديد من المحطات التي تستدعي التوقف عندها منها أن مسار مكافحة الارهاب مازال طويلا ويتطلب الكثير من الصبر بعد أن تم تحديد مواقعه وفق خريطة مؤشراتها قد تكون مرجعية في ملاحقة هؤلاء لمنعهم من إلحاق الأذى بالشعوب التواقة الى السلم والأمن وعدم السماح لها المساس بمصالحها الاقتصادية.
وتفادى أوباما الحديث عن حرب شاملة ضد الارهاب وإنما استعمل عناصر جديرة تلفت الانتباه منها الشبكات وجماعات جديدة وتهديدات ممركزة وهذا في حد ذاته، تحذير لكل البلدان التي تقاوم هذه الظاهرة على أن المرحلة القادمة ستكون مبنية على مثل هذا التوجه الجديد للارهابيين بعد أن خسروا كل معاركهم ولم يعد أمامهم  سوى الهروب الى المناطق البعيدة وعدم قدرتهم على المواجهة الميدانية كما حدث لهم في مالي.
أمام كل هذا، فإن أوباما يشدد على نقطة قوية وهي حماية الأمن القومي الأمريكي وهذا بإبقاء الحروب بعيدة عن الولايات المتحدة أي محاربة الارهاب في عقر داره، ومنع نقله الى أمريكا باستعمال كل وسائل الردع التي تعطل قدراته الضاربة وافشال أي محاولة يفكر فيها  هؤلاء.