طباعة هذه الصفحة

الباحث في الشّؤون الإفريقية نيكولا كورتين لـ «الشعب»:

رهــــانات حرجة تنتظر إجابـــات حــاسمة من قــــادة إفريقيــا والاتحـــاد الأوروبـــــي

حاوره: حمزة محصول

لابد من إعطاء ديناميكية للاستراتيجية المشتركة

يرى الباحث الفرنسي في الشّؤون الإفريقية ونائب رئيس تحرير المجلة العلمية «أفريك كونتبوران»، نيكولا كورتين، أن القمة الخامسة للاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، أمام ورشات كبيرة بحجم الرهانات الحرجة المرتبطة خصوصا بالشباب والهجرة والأمن والسلم والتنمية الاقتصادية.

❊ الشعب: تحتضن أبيدجان عاصمة كوت ديفوار، القمّة الإفريقية - الأوروبية في طبعتها الخامسة، برأيكم: هل ستكون مجرّد اجتماع لقراءة الخطابات المعهودة، أم فرصة لبناء شراكة حقيقة بأبعاد جديدة؟
❊❊ نيكولا كورتين: صراحة، لا يمكن التكهن بما يدور في ذهن 80 رئيس دولة وحكومة سيشاركون في أشغال القمة الخامسة للاتحادين الإفريقي والأوروبي. ولكن سنة 2017 وهذا المؤتمر تحديدا يمثّلان استثناء لسببين: الأول هو أن القمّة ستسجّل مرور 10 سنوات على وضع الاستراتيجية المشتركة «إفريقيا - الإتحاد الأوروبي»، ومن يقول ذكرى الميلاد يقول دون شك تقييم إعطاء ديناميكية جديدة للإستراتيجية ذاتها.
السبب الثاني، مرتبط بالرّهانات الحرجة التي تجمع الهيئتين القاريتين، ونخص بالذكر التركيز على الاستثمار في الشباب، وهو رهان يمثل أولوية لإفريقيا وأوروبا على حد سواء، لأنّ 60 بالمائة من الشّعوب الإفريقية تقل أعمارها عن 25 سنة، وبالتالي القمة أمامها ورشات كبيرة.
وكما هو متوقّع ستجرى محادثات مهمّة، حول السّلم والأمن والهجرة غير الشّرعية والاستثمار والتنمية، وعلينا أن ننتظر مساء الخميس لمعرفة المخرجات النّهائية للقمّة.
❊ إفريقيا اليوم، أمام مطرقة الأزمات التّقليدية (نزاعات، فقر، هجرة غير شرعية، اللاّأمن)، وسندان تطلّعات شعوبها للتّنمية والرفاه، ألا تعتقدون أنّ جهود أوروبا في سبيل دعم القارة لا تخرج عن خطابات تتضمّن نصائح للتّعاطي مع الأزمات دون أفعال ملموسة ترقى للآمال؟
❊❊ الخطابات حول الأزمات والخروج منها وأيضا حول التنمية، تتغذّى دائما من الخطابات التي تتلى من قبل المنظمات الدولية، المانحين والدول. ولا أعتقد أنّ البعد الاقتصادي سيكون غائبا عن هذه الخطابات.
وعلى عكسها، جرت على هامش القمة السياسية بين الإتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي أحداث مميّزة، ولها صبغة اقتصادية محضة، ركّزت تحديدا على وضع وتقوية استراتيجية الشّراكة التّنموية، مثلما كان الحال مع المنتدى السادس للأعمال «الاتحاد الأوروبي إفريقيا» المنعقد الاثنين 27 من هذا الشهر في أبيدجان، وخصّص جزء منه للاستثمار، ودعم مسارات التنمية الاقتصادية في القارة السمراء، وبحثت النّقاشات بشكل معمق سبل وضع
«استراتيجية حقيقة للشّراكة النّاجعة». ونأمل أن تعود هذه الشّراكة بالفائدة على الشّعوب الإفريقية وأيضا الأوروبية.
❊ منذ عقود، ترسّخ اعتقاد لدى الأفارقة بأنّ قارّتهم مجرّد سوق للسّلع والمنتجات الأوروبية، على ضوء المتغيّرات الاقتصادية العالمية، هل هناك إرادة حقيقة اليوم لدى الاتحاد الأوروبي لإثبات العكس، مثل تقديم تعاون أكبر في مجال تحويل التّكنولوجيات الحديثة؟
❊❊ أعتقد أنّ النّقاش حول أن القارة الإفريقية لا تعتبر سوى سوق للمنتجات الأوروبية، أصبح من الماضي، وتجاوزته أشياء وحقائق من واقع العلاقات بين إفريقيا وأوروبا، وأيضا هو نقاش يحمل بصمة الإمبريالية التي لم تعد لها الصّيت الكبير.
مسألة التّنمية، اتّباع مسارات النمو، وكذا تنويع خطط التحول الهيكلي للبلدان الإفريقية موجودة في قلب النقاشات الدولية، ولكن يجب في المقابل فك شفرة هذه الخطابات حول «التنمية الاقتصادية الحقيقة»، والتمعن فيها جيدا.
التنمية من خلال فكرة «تنصيع القارة» مثلا، تستدعي استحضار أهمية هذا المصطلح الناتج عن النظام العالمي والمروج له من قبل كبريات الشركات الدولية المتخصصة في العلاقات العامة، وتستخدمه الدول والمانحون والمنظّمات الحكومية، ومقارنته مع الواقع المعاش والحقائق الاقتصادية على الأرض، لمعرفة مدى التقدم الحاصل ميدانيا.
❊ ستكون الظّاهرة الإرهابية في السّاحل الإفريقي وغرب إفريقيا في قلب اهتمامات القمّة، ولازال الجدل قائما بين دول تعتقد بالتدخل العسكري الميداني وبين الاكتفاء بالتعاون العسكري والاستخباراتي مع دول الميدان؟
❊❊ يمكن للشّركاء الخارجيين للدول الإفريقية وخاصة الاتحاد الأوروبي، المساهمة في استقرار مناطق النّزاعات والأنشطة الإرهابية من خلال سياسات التنمية الاقتصادية، والمساهمة في عمليات حفظ السّلام تحت شرعية وراية الأمم المتحدة، والعمل أيضا على تسيير الأزمات وجهود فض النزاعات.
والاتحاد الأوروبي منخرط تاريخيا في القضايا الأمنية في أفريقيا من خلال الصّندوق الأوروبي للتنمية، ويرسل أيضا بعثات عسكرية لحفظ السلام في إطار مهام أممية. لا أعرف إن كانت هناك طريقة واحدة جيدة للتحرك الأنسب في مناطق الأزمات، ولكن يبدو لي أن الإتحاد الأوروبي على وجه الخصوص يريد أن يستبق التدخل العسكري والعمليات الأمنية عبر خطط تدخل ضمن سياسته المشتركة للدفاع والأمن التي تمّ ضبطها في لشبونة، تقوم على ترقية السّلم، عبر تقوية المؤسّسات الحكومية في البلدان التي يتدخّل فيها..