طباعة هذه الصفحة

البروفيسور أمينة رباحي:

النّزوح في أفريقيا ..عبء تتداوله الدّول

حاورتها: إيمان كافي

آليات لمعالجة ظاهرة الهجرة الدّاخلية

بالموازاة مع ظاهرة الهجرة واللّجوء إلى الخارج، تواجه القارة الافريقية تزايدا مطردا في عدد النازحين، حيث أفادت تقارير دولية حديثة أنّ عدد النازحين داخليا في القارة السمراء سجل ارتفاعا كبيرا خلال الفترة الممتدة ما بين جانفي وجوان 2017، حيث وصل إلى ٧ ، ٢ مليون شخص بواقع نزوح 15 ألفا يوميا.
وقد أفرز هذا الوضع العديد من التّساؤلات حول عوامل ظاهرة النزوح الداخلي في إفريقيا، ارتفاع مستوياتها وسبل معالجتها والتحكم في آثارها، وأبعادها الإنسانية والاقتصادية والأمنية.
الاجابة عن هذه التساؤلات تقدّمها لـ «الشعب» أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية البروفيسور أمينة رباحي.

❊ الشعب: 15 ألف حالة نزوح يوميا في إفريقيا، وارتفاع قياسي للظاهرة خلال سنة 2017، ما تفسير ذلك؟
❊❊ البروفيسور أمينة رباحي: النزوح في إفريقيا ليس ظاهرة جديدة وعوامله متعددة يمكن حصرها في ثلاثة: وهي النزوح بسبب الأوضاع السياسية حيث يصنّف النزوح الذي ينتج عنه باللجوء السياسي، كثرة النزاعات الإثنية والعرقية، وبسبب الاضطهاد والإبادة الجماعية (التطهير العرقي) وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية (الفقر)، وفي الآونة الأخيرة هناك نوع آخر وهو اللاجئ البيئي بسبب التصحّر والكوارث الطبيعية، وقد صاحبت النزاعات الإثنية والعرقية موجة من التهجير القسري، والذي يعتبر جريمة من الجرائم ضد الإنسانية. كما تقاطعت هذه النزاعات مع سيطرة الجماعات الإرهابية.
❊ أشارت تقارير حديثة أنّ 75 في المائة من حالات النّزوح الجديدة كان سببها عدم الاستقرار، ما تعليقكِ؟
❊❊ تصنّف النّزاعات في إفريقيا حسب المداخل المفسّرة لها (أي الأسباب)، ويمكن أن نعددها فيما يلي: 1 - التقسيم الاستعماري للحدود،وعليه جل الدول الإفريقية دخلت في حروب فيما بينها بسبب مطالبة إحدى الدول بأراضي تابعة لأراضي دولة حدودية.
2 - الانقلابات العسكرية التي تجعل الدول في حالة عدم الاستقرار أو حالات التمرد.
3 - النزاعات الإثنية والعرقية، التي للأسف صاحبتها جرائم ضد الإنسانية منها الإبادة الجماعية لعرق أو إثنية معينة مثل ما حدث في رواندا وليببريا، أو الكونغو، كوت ديفوار وإفريقيا الوسطى.
4 - سيطرة الجماعات المسلحة والجماعات الإرهابية مع تنامي ظاهرة الجريمة المنظمة جعلت الأفارقة يفرّون من وضعهم المزري.
5 - تدخّل الدول الأجنبية في الشّؤون الداخلية للدول.
❊ ما هي التّدابير المتاحة لمواجهة هذه المعضلة المتنامية؟
❊❊ حاولت الدول الإفريقية إيجاد تدابير لمواجهة النزوح الداخلي، وذلك بمحاولة مواجهة أو إيجاد حلول للمشاكل المتعددة التي تواجهها، ويمكن أن نجمل التدابير فيما يلي:
1 - تعزيز التنمية المحلية والمستدامة على المستويات الثلاث: الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية.
2 - محاولة التعاون في المجال الأمني، وذلك بالاهتمام بالأمن الإنساني والاقتصادي وتعزيز الاستقرار السياسي.
3 - على المستوى الإفريقي في اعتقادي أن «النيباد» له الحلول الكافية ولكن ما ينقص هو الإرادة السياسية وعدم وجود الشفافية بين دوله، ويمكن لمجلس السلم والأمن الإفريقي أن يلعب دورا مهما في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ومراقبة الهجرة غير الشرعية والكفاح ضد انتشار آفة المتاجرة بالبشر، وفرض احترام الحدود والحفاظ على الوحدة الترابية للدول.
4 - في المجال الاقتصادي يمكن للدول الإفريقية أن تتعاون فيما بينها لإيجاد حلول اقتصادية إفريقية - إفريقية، وتنمية الاستثمار المباشر بين دول القارة الغنية والدول الفقيرة.
❊ هل من إجراءات وقائية أخرى؟
❊❊ كما سبق الإشارة إليه فإن التنمية السياسية والاقتصادية في المناطق التي تشكو من التخلف وخلق مناصب العمل، وتحسين معيشة المواطن الإفريقي هي الطريقة الناجعة لمواجهة مشكلة النزوح، أيضا تقريب المدينة من الريف أي إنشاء قرى عصرية فيها كل المرافق حتى تسمح للمواطن بالبقاء والاستقرار.
❊ ما هي الآثار المترتّبة عن ارتفاع مستويات النّزوح الداخلي في  القارة السّمراء؟
❊❊ إنّ ارتفاع مستويات النزوح الداخلي في إفريقيا له آثار سلبية، كما له آثار إيجابية من بينها:
1 - يمكن أن يكون ضمن النازحين أشخاص ذوو شهادات عليا وكفاءات تساهم في اقتصاد الدولة المستقبلة.
 2 - غالبا ما يلجأ النازحون إلى الأعمال الصعبة أو الشاقة التي لا يميل إليها سكان البلد المستقبل، ممّا يؤدّي إلى استفادة الدولة من هذه الأعمال.
أما الآثار السلبية فيمكن حصرها فيما يلي :
1 - الأعباء الاقتصادية المترتبة على الدولة المستقبلة نتيجة العدد الكبير للنازحين، حيث تؤدّي التكلفة العالية لاستقبال النازحين إلى خلل في ميزانية الدولة من حيث الإيواء وتأمين الحدود، فإذا ما عرفنا أن الدول الإفريقية تعاني من أزمات اقتصادية حادة فأكيد أنّ أي زيادة للنازحين قد تؤدي إلى تفاقم أزماتها.
2 - يتم توظيف النازحين بأجور منخفضة ممّا يؤدي إلى فقدان الكثير من المواطنين إلى فرص العمل خاصة الأعمال ذات الأجر اليومي (مثل البناء، النقل وغيرها).
3 - هذا النوع من الأعمال الحرة لا تفرض عليها الدولة المستقبلة ضرائب على الدخل، ممّا يؤدّي إلى انخفاض إيرادات الدول.
4 - التحويلات المالية التي يقوم بها النازحون تؤدّي إلى خروج للعملة الصعبة من الدولة المستقبلة نحو دول النّازحين الأصلية.
5 - من الناحية الأمنية قد يؤدي تواجد عدد كبير من النازحين إلى انعدام الاستقرار، وانتشار الأعمال غير المشروعة من تهريب ومتاجرة بالبشر وحتى ارتفاع نسبة الدعارة والمخدرات.
6 - انتشار الأوبئة والأمراض خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الدول الإفريقية تقريبا كلها تعاني من نقص في الوسائل، وتأخر كبير في المجال الصحي، حيث تفتقر إلى الوسائل والموارد البشرية لمواجهة الأوبئة وسوء التغذية.