طباعة هذه الصفحة

الحراك الاجتماعي يتوسّع

سياسة العصا والجزرة تضع المغرب في مأزق حقيقي

فضيلة دفوس

بينما يواصل المغرب سياسة الهروب إلى الأمام فرارا من الأزمات الداخلية التي تزلزل كيانه، مازالت الاحتجاجات الغاضبة تعصف باستقراره وتتمدّد شرقا وغربا دون أن يتمكّن النظام من وقفها بالرغم من سياسة الجزرة والعصا التي يتبناها.

وفيما تحبس الحسيمة أنفاسها وهي تتابع أطوار المحاكمات الجائرة لأبنائها الذين تنتظر الكثير منهم أحكام قد تصل إلى الإعدام، تتواصل المظاهرات بصفة يومية بمدن مغربية كثيرة على غرار جرادة التي كشفت حجم البؤس الذي يعيشه الشباب مع البطالة والفقر والضياع، كما كشفت حدّة الإخفاق الذي يطبع سياسة النظام الذي أدار ظهره لشعبه ووجّه بوصلة اهتمامه صوب افريقيا دون أن يلتفت إلى النيران التي تلتهم مدنه.
ورغم تظاهره بالاستقرار والهدوء، فإن المغرب يهتز، وحتى طيف حركة «20 فبراير» عاد للظهور، لتتضاعف متاعبه وهو يشاهد الحبل يضيق حول عنقه دون أن تبرز بوادر انفراج في الأفق.
  بعد مرور سبع سنوات على انطلاقها وما شهدته بعد ذلك من خفوت وتراجع في الساحة الاحتجاجية، عاد طيف حركة «20 فبراير» للظهور من جديد، إثر دعوات نشطاء حقوقيين إلى تخليد ذكراها السنوية بتنفيذ احتجاجات على المستوى الوطني، خاصة على مستوى مدينتي الرباط والدار البيضاء، مسترجعين شعار الحركة «إسقاط الفساد والاستبداد» الذي رفعته عام 2011 في سياق ما أطلق عليه «الربيع العربي».
وفي بيان بالمناسبة، عاد النشطاء سبع سنوات إلى الوراء بالقول، إن الحركة «كسّرت حاجز الخوف وفضحت حقيقة النظام غير الديمقراطية»، مشيرين إلى أنه «بدل أن يستجيب النظام لمطالب الشعب وينصت للمظاهرات الحاشدة التي خرجت، نراه يجهز على ما تبقى من المكتسبات والحقوق».
ورصدوا ما وصفوه بـ»تصاعد وتيرة الحركات الاحتجاجية التي يعرفها المغرب اليوم في مختلف بقاع الوطن: الريف، زاكورة، ورززات، إميضر، جرادة...»، إلى جانب ما «تعرفه منطقة الرباط من احتجاجات مختلفة لساكنة دوار الكرعة، وساكنة أولاد سبيطة، واعتصام ساكنة كلميم أمام مقر البرلمان»، و»الغلاء الفاحش الذي تعرفه المعيشة وفواتير الماء والكهرباء، وتردي خدمات الصحة والتعليم العمومي، وتفاقم البطالة والقمع».
وسجلوا تردي الوضع الحقوقي بالمغرب، مشيرين إلى «المحاكمات الجائرة التي تطال المناضلين من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، مع مصادرة حرية الرأي والتعبير وعدم محاسبة المسؤولين عن القمع والنهب والتبذير»، ونددوا بـ»المقاربة القمعية التي تتعاطى بها الدولة المخزنية مع كل الحركات الشعبية المطلبية ذات الطابع الاجتماعي والسياسي عبر ربوع الوطن».
كما جدّدوا مطالبتهم بـ»إطلاق سراح معتقلي حركة 20 فبراير، ومعتقلي حراك الريف، وكافة المعتقلين السياسيين دون قيد أوشرط»، معلنين عن تنفيذ يوم احتجاجي دولي اليوم 28 فيفري بالعاصمة الاقتصادية «للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي حراك الريف وكل المعتقلين السياسيين»..
جرادة على فوهة بركان
مازالت مدينة جرادة المغربية تشهد احتجاجات يومية غاضبة ضد تقاعس السلطة في الوفاء بوعودها في التنمية، وتوفير فرص عمل، وإطلاق مشاريع اقتصادية استثمارية فيها.
وفي 12 فيفري الجاري، اتفق «الوالي»، مع ممثلين عن الحراك الشعبي في جرادة، على استعداد سلطات البلاد لاعتماد تسهيلات فيما يتعلّق بسداد فواتير المياه والكهرباء، إضافة لفتح تحقيق في تصفية شركة مناجم المغرب» الحكومية وعقاراتها التي كانت تعمل في جرادة، قبل 20 عاما».
كما طرح الوالي برنامجا اقتصاديا تنمويا يهدف لخلق حوالي ألف فرصة عمل.
لكن يبدو بأن هذه الوعود تدخل في إطار سياسة الجزرة التي تبناها المغرب بدل سياسة العصا التي مارسها في الريف والتي أثارت نقمة المجتمع الدولي الذي أدان بأشدّ العبارات السياسة القمعية للمخزن
ويستبعد جلّ الخبراء قدرة النظام المغربي الذي يلعب على الحبلين، في التصدي للأزمات التي تواجهه، ويتوقعون مزيدا من التصعيد والانسداد والاهتزاز.