طباعة هذه الصفحة

رئيسة إتحاد المرأة الفلسطينية نسرين مقداد:

المرأة في مناطق الصّراع خارج خارطة الاحتفالات بيومها العالمي

ورڤلة:إيمان كافي

لم يكن ليمر اليوم العالمي للمرأة المصادف للثامن مارس من كل سنة دون أن نستقصي وضع المرأة، ونجس نبض طموحها ومعوقات تحقيقها لذاتها في بعض الأحيان وبعض المجتمعات وبعض الجغرافيات الممتدة في العالم، ماذا تقدمه من تنازلات وما الذي يسلبها منها الواقع بمختلف مؤشراته، وفي نفس الوقت ما الذي تسعى من أجل الحفاظ عليه كمكتسبات وما الذي مازالت تكافح للظفر به؟

رغم ذلك يبقى موضوع اضطهاد حقوق المرأة في العيش بحرية وسلام ودون وصاية مجتمعية أو استغلال، وبخاصة في عدد من المناطق التي تعد بؤرا للصّراعات والنزاعات والاحتلال أيضا أبرز عناوين هذا اليوم، من هنا انطلقنا في الحديث مع رئيسة إتحاد المرأة الفلسطينية في الجزائر نسرين مقداد، فلسطينية الأصل وجزائرية المولد والمنشأ، من أسرة مكافحة لأب مناضل وزوجة محارب فلسطيني رحل عنها منذ أيام فقط، والتي امتزجت كلماتها في حديث جمعنا بها بين الحزن والأسى، والقوة الناعمة العميقة في داخلها ما زالت تؤكّد على أنّ أكبر ما تحتاجه المرأة هو ذاتها.

غياب الأمن والسّلام أبرز الحقوق المسلوبة

تعتبر رئيسة إتحاد المرأة الفلسطينية في الجزائر أنّه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية تقوم منظمة الأمم المتحدة بدور فعّال في رفع مستوى المرأة والعمل على حماية حقوقها، حيث صدر في عام 1947 قانون يقضي بأن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات بدون تمييز بين الجنسين، موضّحة بأنه على الرغم من الوعي القانوني والسياسي للمجتمع الدولي وعقد العديد من اتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق المرأة وحمايتها لكنها هي أول من يتضرر في الحروب وفي مناطق النزاع في العالم، إذ تصبح أرملة بفقدان زوجها يتيمة بفقدان أبيها أو أخيها، ومن هنا تصبح ضعيفة وقد تبدأ رحلتها في البحث بمن تحتمي وعلى من تعتمد فتستغل وقد تجد نفسها في أحضان من تراه الأقوى رغما عنها، وهنا نتساءل أين هي القوانين الدولية لحماية المرأة وأين منظمة الأمم المتحدة من كل هذا؟
لذلك تضيف المتحدّثة: «أنا في رأيي لا وجود لحماية دولية للمرأة، القوانين تبقى مجرّد حبر على ورق لا تطبّق على الواقع، وهو ما يحدث في فلسطين أين تؤسر المرأة القاصر دون مراعاة لحقوق الطفل ولا لحقوق المرأة، وفي ضرب واضح لكل القوانين والاتفاقيات الدولية بل وتقتل النساء المدنيات بدم بارد، نفس الشيء يحدث في اليمن، ليبيا، سوريا، العراق وغيرها من الدول التي تشهد اعتداءات صارخة في حق الإنسانية برمّتها». من هنا تؤكّد أن السبيل الوحيد لتوفير الحماية هو فك النزاع عبر الحل السّلمي، استقلال الأراضي المغتصبة، استيعاب الاختلاف في الآراء والأفكار والتوجهات والدين والعرق وغيرها لتحقيق العيش بسلام، عندما تتوفّر كل هذه الشروط يمكن تحقيق الحماية للإنسانية والمرأة.
وعلى الرغم من كل التشريعات والمساعي الحثيثة للمنظمات التابعة لهيئة الأمم المتحدة منذ 1950 إلى 2018 للمطالبة بالمساواة بين الجنسين ومكافحة العنف، تعتقد نسرين مقداد أنّه لا تطبيق ميدانيا لها وذلك بسبب تخاذل المرأة أمام الصعوبات من حولها وما تعيشه من تكبيل لحرياتها وإجحاف وهضم لحقوقها بسبب العديد من القيود المجتمعية، موضحة أنه صحيح أن المرأة تقلّدت مناصب عليا ولكن نسبة تواجدها في مناصب الحكم لا تمثل سوى 5 في المائة من التعداد السكاني، وهذا يتناقض مع نسبة النساء في العالم، و ما يجعل المرأة أمام تحدّ كبير يبقى قائما وهو التسلح بالعلم وإثبات ذاتها والتطوير من قدراتها، والعمل على تحسين فعالية دورها في اتخاذ القرار عند تقلد مختلف المناصب العليا  لكسب ثقة أكبر. وفي تعليقها على وضع المرأة في العالم العربي، أكّدت رئيسة إتحاد المرأة الفلسطينية في الجزائر أنّ المرأة هي اللّبنة الأساسية لتقدّم المجتمع، باعتبارها مربية تتحمّل الكثير من أجل حماية من حولها، ولكن ليحدث هذا يجب أن يكون للمرأة درجة كبيرة من الوعي والثقة في النفس لتدعمها بالقوة والصمود أمام التغيرات السياسية والمجتمعية المتعددة، وتقول أنه في الواقع يوجد نشاط نسوي عالي المستوى من خلال الأحزاب السياسية والجمعيات المحلية والجمعيات النسوية الدولية في عديد الدول، إلا أنه وللأسف فإن المرأة العربية لازالت تعاني اضطهاد المجتمع لها بسبب العادات والتقاليد أولا، وهو ما نجده في بعض الدول العربية التي هي في حاجة إلى دعم وتشريع حق مشاركة المرأة في الممارسة  السياسية بدون ضغوطات وتهيئة أرضية تسمح لها بإثبات وجودها، وثانيا الصراعات التنازعية بكل أشكالها الطائفية، الدينية والسياسية، كل هذه الضغوطات المفروضة تؤكد المتحدثة تدفع المرأة ثمنها من حريتها، من استقلاليتها في الحياة وذلك بسبب حرمانها من العديد من الحقوق كحقها في التعليم وفي ممارسة حقها في إبداء الرأي.

المرأة جزء فاعل في بناء المجتمعات وتطوّرها

وفي إجابتها عن تصوّرها الخاص حول ما يجب أن يكون لتدعيم تواجد المرأة في الحياة السياسية، والتأكيد على أهمية دورها على الساحة قدّمت عددا من التوصيات من بينها، ضرورة ترسيخ دعائم الحياة الديمقراطية بحيث تصبح نهج حياة، ضرورة النظر إلى المرأة كجزء فاعل في أي مشروع تنموي لبناء المجتمع وتطوره، تحسين صورة المرأة في الإعلام مع إبراز دورها ومساهمتها في الحياة العامة، تحقيق المساواة في فرص العمل وإظهار المشاركة الفعلية للمرأة في القطاعات المختلفة، العمل على توعية المرأة وتطوير مهارتها وقدراتها لزيادة مشاركتها في الحياة العامة، وذلك من خلال إعداد الكوادر النسائية وتدريبها في المجالات السياسية، بالإضافة إلى احترام مبدأ سيادة المساواة بين الجنسين في مباشرة الحقوق السياسية والمشاركة في المؤسسات التشريعية.
وعرجت نسرين مقداد على دور المؤسسات النسوية الناشطة في المجتمع في دعم حقوق المرأة، والتي يعد الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الذي أسّس سنة 1965 تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية وليدها، حيث خلال الممتدة الفترة من 1948 وحتى 1967 نشطت المؤسسات النسوية الخيرية كدور الأيتام والإغاثة وإعداد المرأة وتأهيلها مهنيا لتتوّج بتأسيس الإتحاد الذي كان أكبر تحد أمام الاحتلال، حيث تمّ تشكيل فروع خارج فلسطين أيضا. وللعلم فإنّ أول فرع كان في الجزائر وبعد ذلك سوريا ولبنان لتكون حلقة وصل بين الداخل والشتات، هذا بحد ذاته تقول رئيسة الإتحاد فرع الجزائر كان انتصارا للمرأة الفلسطينية ومساندا وداعما لها لتمكينها من قول كلمتها عبر رفض الاحتلال ومقاومته من أجل أن تحظى وعائلتها بالعيش في أراضيها بسلام. وفي ختام حديثها، أكّدت رئيسة إتحاد المرأة الفلسطينية نسرين مقداد أنه على المرأة أن تبقى تكافح وتناضل من أجل تحقيق مطالبها، والتي لن تتحقّق حسبها إلا بتوعيتها بواجباتها وحقوقها اتجاه مجتمعها، مضيفة أنّه يوجد متغيّرات ومتطلّبات على الساحة من النواحي الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية، وبهذه المتغيّرات تسن قوانين وتشريعات جديدة لمصلحة المرحلة، وفي نفس الوقت يجب أن تجتهد وتحارب لإدماجها فيها.