طباعة هذه الصفحة

خليفة فهيم يشخّص الوضع العربي الرّاهن

الضّحيّة الأولى لـ «الرّبيع الدّموي» القضيّة الفلسطينيّة

حاورته: فضيلة بودريش

اعتبر خليفة فهيم الخبير الجزائري في الشّؤون الدولية، أنّ مؤشّرات الوضع الأمني في العديد من البلدان العربية، التي عصف بها «الرّبيع العربي الأسود»، لن تشارف على النهاية ما لم تنتفض الشعوب وتنهض من غفوتها، ومن ثم تخلّص نفسها من قبضة قوى الشرّ التي تستغل الرداءة أو الفراغ السياسي في المجتمع، مستعملة أساليب العنف للضغط، من أجل تحقيق أهدافها أو بلوغ مبتغياتها التي تختلف عن مصالح المجتمع الواحد، الذي يتطلّع أفراده إلى التنمية والرفاه وممارسة حقوقه الدستورية، وتطرّق إلى تطورات الوضع الأمني في كل من سوريا وليبيا، ووقف عند انعكاسات بؤر التوتر المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط على القضية الفلسطينية.

❊ الشعب: انقضت 7 أعوام على ما يطلق عليه بالربيع العربي، الذي كان دمويا، حيث واجه فيه الوطن العربي سنوات عجاف، وسوف يدخل عامه الثامن..إلى أين تتّجه مؤشرات الوضّع الأمني؟
❊❊ الخبير خليفة فهيم: دون شك، إنّ الحقيقة تبقى دوما واضحة، كون الذي يحدث في الوقت الراهن ويتعرض له الشعب العربي في بعض البلدان التي كانت آمنة حيث فجأة هبت عليها تلك الفوضى، ومنذ ما يقارب ا8 سنوات كاملة من المأساة الشعبية، ذلك ما يمكن وصفه بالفيصل فيما يصفه العديد من الخبراء بالربيع العربي، علما أن الربيع العربي أطلق عليه كذلك ربيع الشتات والنكسة الشعبية العربية، مع العلم أن كل الفصول الهادئة والآمنة محببة إلى قلوبنا بصيفها وخريفها وشتائها، أما فيما يخص مؤشرات الوضع الأمني فلا أعتقد أن مآسي الفوضى تكون قد شارفت على النهاية ما لم تنتفض الشعوب وتنهض من غفوتها، وتخلص نفسها من قبضة قوى الشرّ التي تستغل الرداءة أو الفراغ السياسي في المجتمع وتستعمل أساليب العنف، لتحقيق أهدافها أو بلوغ مبتغياتها التي تختلف عن مصالح المجتمع الذي يتطلع أفراده إلى التنمية والرفاه وممارسة حقوقه الدستورية، مستعينة بتلك الأطراف الأجنبية التي هي الأخرى تريد أن تجعل من الأوطان العربية سوقا للنخاسة، وهي المؤشّرات التي بدأت تطفو على السطح.
❊ ألا ترون أنّ الوضع الأمني المتردّي في العديد من البلدان العربية أثّر سلبا على القضية الفلسطينية، على ضوء آخر المستجدّات الخطيرة بفعل قرار ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس؟
❊❊ نعم بالفعل وهذه حقيقة ماثلة، على اعتبار أنّنا حاليا نخسر الكثير، ويمكن أن نقول أنّ كل ما تمر به بعض الأوطان العربية وشعوبها تعد حرب استنزاف، وبالتالي نخسر دماء عدد كبير من الشعوب في عدد من البلدان العربية، وعلى وجه الخصوص في كل من اليمن، سوريا، ليبيا والعراق، وبذلك نحن أيضا نخسر الضمير ونخسر النخوة العربية، في الوقت الذي نخسر فيه أهم شيء وهو قضيتنا الجوهرية فلسطين، وكل ذلك طفح بسبب التجاذبات والخلافات التي تشهدها الأنظمة العربية سواء فيما بينها أو داخلها من جهة، ومن جهة أخرى نخسر الثروة، فلولا الخلافات لما انخفض سعر النفط الذي يعد في الحقيقة العمود الفقري للاقتصاد العربي، فكيف ننهض وفقرات عمودنا الفقري تعاني الهشاشة ودمائنا تنزف؟
أما بخصوص قرار الرئيس الأمريكي ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أعتقد أنّ الرئيس الأمريكي ترامب الذي هو في الأصل «بزنس مان»، يكون قد باع هذا القرار بمقابل، ومن الخطأ أن نعتقد أن ذلك قد تم لهوان عربي أو بسبب الفوضى الخلاقة و ما يسمى بالربيع العربي، لأنه لو كان لذلك السبب لما كان الرئيس ترامب هو أول من يعلن عن ذلك القرار المشؤوم، كان يمكن أن يسبقه آخرون أو بالأحرى سابقوه من الرؤساء المتوالون على البيت الأبيض.
❊ خلّفت الأزمة السّورية آلاف الضّحايا وملايين اللاجئين ودمارا رهيبا..هل يمكن أن يعرف الوضع انفراجا في القريب العاجل؟
❊❊ الحقيقة الوضع في سوريا يزيد تأزّما يوما بعد يوم، وكل ذلك يعود لسبب واحد ووحيد وهو التدخل الأجنبي، وحالها لا يختلف عن حال اليمن وحتى ليبيا، والمشكلة في هذه الدول هي شأن داخلي، كان يمكن أن ينتهي في وقت وجيز لكن دخول بعض الأطراف على الخط زاد من تعقد الأوضاع وقاد إلى الانسداد، ومصر شهدت هي الأخرى موجة من العنف والفوضى التي يسمونها الربيع العربي، لكنها خرجت بسلام لأنّها قطعت الطريق أمام أي تدخّل أجنبي، كذلك الجزائر التي عاشت مأساة حقيقة عنيفة، كان يمكن أن تنهي الجزائر وتقودها إلى المجهول، لولا وقوف أبنائها ورجالها في وجه كل المحاولات التي كانت تسعى للتدخل، لذا لو يتركوا سوريا لحالها أنا متأكّد أنّها ستخرج من أزمتها وبسرعة قياسية.
❊ لا تزال ليبيا تنزف..لماذا لم يتمكّن الفرقاء في هذا البلد الغني من بناء جسر للتخلص من مخالب الأزمة عن طريق الحوار السياسي؟
❊❊ اليوم الكل في ليبيا يريد أن يكون قائد زمانه، وأكثر من ذلك في ليبيا قبائل بالجنوب لم يعترف بها كجزء من الشعب الليبي، إضافة إلى الجهوية التي طفت، ولا أتحدّث عن التفرقة للأسف حتى بين البشرة البيضاء والسوداء، وهذه حقيقة نقولها وإن كانت مرّة بمرارة الوضع الراهن في الشقيقة ليبيا، كذلك ليبيا أصبحت كغيرها من الدول العربية التي تعيش أزمات جعلتها حلبة للصراع بين بعض الأطراف الأجنبية، وعلى أبناء ليبيا الشرفاء الانتباه إلى ذلك، كما على الآخرين التخلي عن الأفكار والمعتقدات الخاطئة، بل وكل العقائد والأفكار الهدامة والانصهار في يد واحدة من أجل بناء ليبيا موحّدة وهي في الأصل واحدة.