طباعة هذه الصفحة

الأستاذة الباحثة إيمان تامرابط لـ «الشعب»:

التنمية وترسيخ الديمقراطية آليات جوهرية لمواجهة التهديدات الأمنية

لموشي حمزة

علاقة تكاملية بين الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة

تضع الأستاذة الباحثة بالمدرسة الوطنية للعلوم السياسية بالجزائر إيمان تامرابط، مستويين من التحالف مع الإرهاب الدولي ضمن التهديدات الأمنية اللاتماثلية على منظومة السلم والأمن الدوليين.
وتعتقد، بحسب ما أفادت به لجريدة «الشعب»، أن المستوى الأول من التحالف، يتمثل في الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة عبر الوطنية، يحدث بينهما تحالف نتيجة لالتقاء المصالح؛ فهما - بمنظورهما - يواجهان خصما واحدا وهي الدولة بالبحث عن كيفية إضعافها لتأمين مسارات التهريب والتجنيد من جهة، وإقامة معالم دولة جديدة وفقا لإيديولوجية معينة، من جهة أخرى.
للمنظمات الإجرامية والإرهابية الكثير من القواسم المشتركة - كما تضيف – تامرابط، فهي تنشط بطريقة سرية وغير مشروعة، تسبب ضحايا، تستعمل وسائل الترهيب والتهديد كالاغتيال، الاختطاف، ولكنهما يختلفان في الغاية، فالمجموعات الإرهابية تبرر أعمالها الإجرامية، انطلاقا من رؤى وخطابات إيديولوجية وسياسية، في حين أن الجريمة المنظمة لا تهمها سلطات الدولة والحكومة القائمة مادامت لا تعرقل نشاطها، فهي تسعى أساسا إلى تحقيق الربح المادي. وبالتالي، تؤكد الأستاذة تامرابط، أنه يمكن التقارب والتحالف بين الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود. فالجماعات الإرهابية تحتاج إلى التمويل لتغطية نفقاتها وهو الذي توفره الجريمة المنظمة بصفة غير قانونية، مقابل تأمين نشاطها بتنقلها عبر مختلف الأقاليم الجغرافية.
وبخصوص المستوى الثاني من التحالف، فترى محدثتنا أنه في ظل الظروف الأمنية والسياسية، الاقتصادية، المالية والاجتماعية غير المستقرة التي تعرفها دول المنبع من جهة، وصرامة السياسات المتوسطية متعددة الأطراف للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين من خلال تكثيف الرقابة على الحدود الجغرافية البرية والجوية والبحرية من جهة أخرى، تعرف البيئة الأمنية الدولية ظاهرة جديدة تعبر عن التحالف بين التنظيمات الإجرامية عبر الوطنية ومجموعات المهاجرين غير الشرعيين من خلال «التهريب غير المشروع للمهاجرين»؛ تتقاطع أهدافهما بتأمين مسارات وكيفية تهريب المهاجرين «الحراقة» عبر البر والبحر والجو مقابل مبلغ نقدي متفق عليه مسبقا، وهو ما تجرّمه كل الاتفاقيات الدولية والنصوص القانونية، أهمها بروتوكول الأمم المتحدة لمكافحة تهريب المهاجرين عبر البر والبحر والجو المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.
وتوضح الأستاذة تامرابط في هذا لخصوص، أن تدفقات المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر إلى أوروبا تمثل نسبة 80%، عبر دول الضفة الشمالية للمتوسط بالأساس؛ إسبانيا (جزر الكناري ومضيق جبل طارق)، إيطاليا (جزيرتي صقلية وسردينيا)، مالطا واليونان، من خلال «قوارب الموت»؛ وهي قوارب صغيرة ليست مخصصة للإبحار على مسافات بعيدة مما يعرض حياة ركابها إلى خطر الغرق المحتوم.
وتفصل في موضوع الهجرة بالقول، إنها ظاهرة اقتصادية واجتماعية بالأساس، تعكس مظاهر التنوع الثقافي، الحضاري واللغوي وتجسد حق الإنسان في التنقل، حيث أخذت بعدا أمنيا وسياسيا نتيجة للتزايد المطرد في أعداد المهاجرين غير الشرعيين وتداعيات ذلك على منظومة الأمن المجتمعي لدول المنبع، المعبر والدول المستقبلة لها.
وتعتبر دول غرب وشمال إفريقيا - بحسب محدثتنا - دول منبع، ممر ومستقبلة لحركات المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، وتستلزم مكافحتها إستراتيجية شاملة، تشاركية ومتعددة الأهداف تقتضي القضاء على الحركات الإرهابية، التنظيمات الإجرامية، الهجرة غير الشرعية، وذلك باعتماد مقاربة الأمن والتنمية على أن تكون القوة الناعمة «قوة الجذب»، اقتصاد المعرفة وترسيخ الديمقراطية وآلياتها الجوهرية.