طباعة هذه الصفحة

المحلل السياسي د.صالح الشقباوي لـ«الشعب»:

الأمة العربية والإسلامية معنية بمعركة القدس

حاوره: حمزة محصول

قال المحلل السياسي د.صلاح الشقباوي أن القدس لا تخصّ الشعب الفلسطيني وحده، لأنها مقدس إسلامي وعلى الأمة العربية والإسلامية الدفاع عنه بكل قوة، وتوقّع أن تبلغ الأوضاع مستويات غير مسبوقة من المواجهة بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الاسرئيلي ستلي مسيرات العودة بمناسبة إحياء ذكرى النكبة.

«الشعب»: يحيي الشعب الفلسطيني الذكرى الـ70 للنكبة، بالتزامن مع ترسيم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس التي اعترفت بها الولايات المتحدة كعاصمة للاحتلال الإسرائيلي، ما رأيك في من يقول إنها نكبة ثانية؟
د.صالح الشقباوي: الشعب الفلسطيني لا يعيش نكبة ثانية، بل الأمة العربية والإسلامية هي التي تعيش النكبة، فالقدس هي أولى القبلتين وثالث الحرمين، وبالتالي هي مقدس إسلامي يجب الدفاع عنه ويجب منع العدو الصهيوني وترامب من تحقيق أهدافهم التوراتية.
إن قرار الرئيس دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، هو تحدّ صارخ إلى كل الأمة العربية والإسلامية، وإلغاء لحقوقها الثابتة في المدينة المقدسة، وهذا القرار ينبع من دوافع دينية واقتصادية، وهو تفعيل لقانون الكونغرس رقم 104 الصادر في 23 أكتوبر 1995.
 ترامب قال للفلسطينيين إن الدبلوماسية لن تفيدكم أبدا، وهناك اختلال  في موازين القوة، ماذا يمكن أن تقدّم مسيرات العودة للقضية الفلسطينية؟
 إن المكان هو جوهر الصراع الذي ينتمي إلى أنماط الصراعات التاريخية الاجتماعية الممتدة بيننا وبين الحركة الصهيونية التي تحاول أن تلغي وجودنا وتحاول أن تعبث في مكونات هويتنا الوطنية، ولنقل إنه صراع حضاري طويل الأمد وناتج عن اختلال في موازين القوى بين الفلسطينيين وبين الاسرائيليين.
وإسرائيل موجودة بحقّ القوة، ونحن نقاتلهم ونصارعهم وننضال ضدهم بقوة حقوقنا التاريخية التي أقرتها كل مواثيق الشرعية الدولية، لذلك فإن الشعب الفلسطيني سيحيي عبر مسيرة العودة الكبرى ذكرى 70 للنكبة التي أزاحت فيها إسرائيل أكثر من 800 ألف فلسطيني عن المكان وشردتهم وشتتهم وسكنوا مخيمات اللجوء والمنفى لكنهم أصروا على البقاء والاستمرارية في الزمان والمكان.
نعم، إن إحياء هذه الذكرى في مليونيات العودة هو تأكيد وإصرار فلسطيني على عدم نسيان وطنه وأرضه وحقوقه، وبالتالي نرد ردا مباشرا على مقولة غولدا مائير التي قالت «إن الكبار يموتون والصغار ينسون»، ومسيرة العودة هي تأكيد على استنهاض واستيقاظ الحلم الفلسطيني من جديد ورد مباشر على من يحاولون إلغاء وجودنا وحقوقنا وهويتنا ومكوناتها الذاتية والموضوعية.
إننا كشعب فلسطيني نعيش على هذه الأرض منذ آلاف السنين، لم نغادرها بل دافعنا عنها وانتظرناها تاريخيا، ولا يحقّ للإسرائيلي الذي عاش فيها فترة لا تزيد عن 70 عاما منذ 5 آلاف سنة أن يدعي أن بملكيته للأرض وأنها أرض ميعاده.
يبقى على الأمة العربية والإسلامية، الوقوف في وجه ترامب الذي يريد أن يغير معالم التاريخ وأدوات الصراع على المقدسات، وأن نقول له أننا فعلا قادرون على مواجته وأنا الحقوق لا تضيع.
والمسيرات الشعبية هي الحدّ الأدنى من المقاومة الوطنية المسلحة، التي أطلقتها حركة فتح في 01 جانفي 1965 والتي طالبت بتحرير التراب الفلسطيني من الماء إلى الماء.
 هل يمكن أن تؤدي مسيرات العودة إلى انتفاضة ثالثة، إذا ما توّقعنا قمعا عنيفا للاحتلال الاسرائيلي للاحتجاجات الشعبية الفلسطينية؟
 نحن نعيش ظروفا صعبة بسبب الهيمنة الأمريكية وقدوم ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، إن صراعنا بكل محدداته التاريخية السياسية والدينية يدخل في إطار منع تحقيق قرار ترامب الرامي لاعتبار القدس عاصمة للدولة.
لأن ترامب انجر وراء من يريدون تحويل الصراع إلى ديني علما أن الصراع بيننا وبينهم هو صراع وطني، لأنهم يقولون إن هذا المكان اسرائيلي وموجودون عليه بحقّ القوة ووجدونا عليه بحكم حقوقنا التاريخية.
وبحكم المناخات الإقليمية الجديدة، أتوقع أن لا تصل حركة هذه الاحتجاجات إلى مستوى انتفاضة بقدر ما هي حركات سياسية نحاول الرد فيها على قرار ترامب، بمعنى أنه تحرّك مناسباتي ليس فيه استراتيجية محدّدة وواضحة المعالم يمكن تبنيها لتفجير انتفاضة ثالثة وعارمة، لأن الظرف الفلسطيني لا يسمح بتفجير الانتفاضة وفقا للمعطيات المادية واللوجيستية ليست لصالحنا، لأننا نعيش على وقع الحفاظ على الذات ومكونات الهوية.
إضافة إلى أن الحسم العسكري ليس في صالحنا، فنحن نتبنى الخيار السلمي لنحاول أن نحيد الترسانة العسكرية الاسرائلية ومنظومة القتل الجماعي بالدم البارد وعدم إعطاء شرعية القتل للقادة العسكريين الاسرائيلي.
ومع ذلك، أتوقّع أن المسيرة الملويونية التي بدأت، لن تقف عن حدود معينة وسيكون لها حضور قوي، ويمكن جدا أن تتفجر الاوضاع الى مستويات لا يحمد عقابها كما سيشهد شهر رمضان مواجهات دامية ستدفع فيها اسرائيل ثمنا باهضا.
وإلى جانب المقاومة الشعبية، هناك بعض المبادرات في اللحظات الأخيرة كزيارة وفد لحركة حماس القاهرة في وقت يستعد فيه الفلسطينيون لإحياء ذكر النكبة الـ70، بعد طلب اسرائيل تدخل مصر عند حماس لتفادي تدهور الأوضاع عند الحدود الفاصلة.
لقد ضرب الرئيس الأمريكي بقراره نقل السفارة إلى القدس، كل المواثيق الدولية وكل ثوابت عملية السلام محاولا القضاء على المشروع الوطني الفلسطيني، وسننتصر كما انتصرت الجزائر على الظلم والقتل الذي مارسته فرنسا ضدها طيلة 130 سنة.