طباعة هذه الصفحة

عبد القادر طالب عمر السّفير الصّحراوي لدى الجزائر لـ «الشعب»:

حان الوقت لإجبار المغرب على تطبيق ميثاق الاتحاد الإفريقي

أجرى الحوار: حمزة محصول

وقف إطــــلاق النّــــار يخــــدم المغرب وليس الصّحـــراويّين

لدينا أمل في أن تكلّل الجهود الأممية بتقدم أفضل للقضية

يؤكّد سفير الجمهورية العربية الصحراوية لدى الجزائر، عبد القادر طالب عمر، في هذا الحوار على ضرورة ممارسة ضغوط قوية على النظام المغربي كي يرضخ للشّرعية الدولية ويجلس إلى طاولة المفاوضات، ويشدّد على أن الوقت قد حان كي يلتزم بالميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي الذي وقّع عليه، مفيدا بأن تشجيع على المناورة والكذب سيدفع نحو التصعيد.

❊ الشعب: يقوم رئيس الجمهورية العربية الديمقراطية الصحراوية، إبراهيم غالي، بجولة إفريقية شملت لحد الآن عددا من الدول، ماهي دلالات ورسائل هذه الزيارات؟
❊❊ عبد القادر طالب سفير الجمهورية الصحراوية: الجولة التي يقوم بها الأخ الرئيس والوفد المرافق له إلى عدد من البلدان جنوب القارة، مهمة جدا في الظرف الحالي، لأنّها تأتي قبل التئام القمة الإفريقية بموريتانيا قريبا، وتأتي أيضا في هذه الفترة التي حدّدت فيها الأمم المتحدة آجال 6 أشهر للتقدم وحصول نتائج معينة.
واستهدفت البلدان التي تعتبر هامة ومؤثّرة في إفريقيا عموما وحتى في السياسة الدولية، مثل جنوب إفريقيا وعضويتها في منظمة البريكس، وهذا يعطي للزيارات أهميتها.
والرئيس والوفد المرافق له حظي باستقبالات في المستوى، وجرت عديد اللقاءات مع الرؤساء ورؤساء البرلمانات ورؤساء الحكومات والأحزاب وأصدرت بيانات مشتركة، أكّدت كلها على دعم كفاح الشعب الصحراوي وحقه في تقرير المصير والاستقلال، والمطالبة بالتعجيل بالاستفتاء ووضع حد لحالة الجمود.
تمّ الثناء على المبادرة التي اتخذها المجموعة الاقتصادية لبلدان جنوب القارة التي تقتضي بتنظيم ندوة دولية للتضامن مع كفاح الشعب الصحراوي، ومطالبة العالم والرأي العام الدولي بضرورة تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة افريقية.
وأيضا التأكيد على أنه حان الوقت للاتحاد الإفريقي، على أن يتّخذ موقفا جادا لحمل النظام المغربي على التجسيد الفعلي لمضمون الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي، وخاصة البنود التي تنص على احترام الحدود المورثة بعد الاستقلال، وتنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي ووحدة أراضي الدول الأعضاء في الاتحاد وحل النزاعات بالطرق السلمية.
وفي الحقيقة النظام المغربي يخادع، يناور ويكذب، لأنه وقع على الميثاق التأسيسي الذي يقتضي قبول هذه المبادئ والانتقال إلى تطبيقها ميدانيا، وما يظهر أن المغرب يقول بلسانه ما ليس في قلبه ويوقّع بيديه ما ليس في نواياه، وحان الوقت لتتّضح هذه الحقيقة، لأنه في البداية ربما كان حق الشك أو حسن الظن، ولكن اليوم تأكّد أن من كانوا يشكّون أن انضمامه مناورة ومؤامرة لتحقيق أجندة معينة، معهم حق.
لذلك تضمّنت البيانات المشتركة للبلدان التي زارها الرئيس غالي، مطالبة بتطبيق الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي، وبالتالي نحن نعتبرها جولة ناجحة وإيجابية وستكون لها تباعات مستقبلية.
❊ يعني هناك قناعة الآن، بضرورة انتقال الاتحاد الإفريقي إلى مستوى آخر من الضّغط على المغرب؟
❊❊ الاتحاد الافريقي متمسّك بموقفه تجاه القضية الصّحراوية، وظهر هذا في قمّة أبيدجان، وفي إيطاليا، وفي اجتماعات الشراكة بينه وبين البلدان، ومؤخّرا في جنيف في لقاء الاتحاد الإفريقي مع منظمة الصحة العالمية، واجتماع ممثلي الخارجية مع رئيس الهيئة بول كاغامي عندما حاول الوفد المغربي منع الدولة الصحراوية من الحضور، ولكن الاتحاد الإفريقي ظل متمسّكا بمواقفه بأن تحضر الدولة الصحراوية كعضو كامل الحقوق، وبالتالي النظام المغربي يمنى بالفشل تلو الآخر.
نحن نشيد ونحيّي ونثمّن هذه المواقف، ولكن النظام المغربي لم يطبّق ما وقع عليه عن انضمامه للاتحاد الإفريقي، يطبقه وبالتالي أصبح من المفروض أن يتم تطبيق محتويات الميثاق التأسيسي وخاصة المواد الصريحة المتعلقة بالحدود والعلاقات بين الدول الأعضاء.
❊ نصّت لائحة مجلس الأمن رقم 2414، على تقليص مهمة بعثة المينورسو إلى ستة أشهر، هل يمكن اعتبارها بادرة قوية للدفع باتجاه استئناف المفاوضات؟
❊❊ حسب الاتصالات التي تجريها البوليساريو مع المعنيين بموضوع التحضير للمفاوضات، هناك مجهودات يقوم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ونحن نتمنّى أن تكلّل هذه المجهودات بالإضافة إلى ما تقوم به الأمانة العام للأمم المتحدة، وبعض الدول الحريصة على أن يكون هناك تقدم في ستة أشهر، بزيارة إلى المنطقة من قبل المبعوث الشخصي وانطلاق المفاوضات عن قريب.
ولكن المغرب مازال يضع العراقيل ويعمل عكس ذلك، من خلال الأكاذيب والاتهامات أحيانا باستعمال المنطقة العازلة، ومرة بافتعال علاقات باطلة بين البوليساريو وحزب الله وإيران، وكلّها حجج للتملص من هذه المفاوضات والتهرب منها.
ونرجو أن تنطلق الأمم المتحدة، من الخلفيات الحقيقية التي يعلمها الجميع وليس على الافتراءات التي لا بناء لها، وأنها تقوم بالضغط الكافي لتحمل المغرب على الجلوس على طاولة المفاوضات وأن يضع حدّا لهذه الأكاذيب، لأن إذا لم يكن رد فعل قوي لن يكون هناك تقدّما.
وتؤكّد جبهة البوليساريو في كل مرة، استعدادها للدخول في مفاوضات دون شروط مسبقة، وكان ذلك في آخر كلمة للرئيس غالي في الذكرى 45 لاندلاع الكفاح المسلّح بمنطقة تيفارتي وتمّ تأكيدها في رسالة أخرى منذ أيام إلى مجلس الأمن.
ولكن المعرقل الحقيقي يبقى النظام المغربي، وبالتالي عليهم الاتجاه إلى الطرف الآخر لتجسيد محتوى التوصية 2414، وحتى لا تتكرر النتائج المخيبة التي تعبر عن الحالة الجمود والانسداد التي تؤدي إلى مزيد من التوتر والتصعيد.
❊ امتنعت روسيا، الصين وإثيوبيا عن التّصويت على نص اللاّئحة الأممية رقم 2414، هل يمكن اعتبار ذلك رسالة قوية لفرنسا؟
❊❊ برز بشكل واضح أنّه وقع في أحد جوانب التوصية انحياز مكشوف، وقفت وراءه فرنسا التي حاولت إعطاء تأويل للمنطقة العازلة يتناقض تماما مع اتفاق وقف إطلاق النار وما تنص عليه، بحيث حدّد المناطق المحظورة بـ 5 كلم والمناطق المقيدة بـ 30 كلم، والمناطق ما وراء ذلك بقيت مسموح فيها التحرك للبوليساريو، وهذا ما انطلقت منه الأمم المتحدة عندما أعلنت أن منطقة بئر الحلو ومنطقة تيفاريتي لا تقع ضمن المنطقة العازلة، وبالتالي ليست محظورة.
ولكن فرنسا حاولت أن تعطي نوعا من الايهام بأنّ بئر الحلو وتفاريتي تقع ضمن المنطقة العازلة، وهذا يتناقض مع الاتفاقية رقم 01، وهذا ما جعل روسيا، الصين وإثيوبيا للامتناع لأنها رأت فيها محاولة لتغيير وضع المناطق المحررة.
ولكن بما أن لهذا الموضوع مرجعية تحدّده وهي الاتفاقيات الموقع عليها والجبهة تقر التزامها بهذه الاتفاقية، وكانت موجودة في هذه المناطق ومازالت متواجدة فيها، وتنظم فيها أنشطة منذ وقف إطلاق النار، إلى غاية الأمس القريب، وهذا لا يتناقض مع نص وروح الاتفاقية التي تلتزم بها مثلما تلتزم باستعدادها للدخول في الحل السلمي، وبالتالي يجب إرجاع النظام المغربي إلى جادة الصواب وإرغامه على قبول ما قبله في السنوات السابقة.
المغرب يريد التراجع على كل شيء، عن المفاوضات، عن تحديد طرفي النزاع، وحتى عن محتوى المفاوضات التي يجب أن تفضي إلى حق تقرير مصير الشعب الصحراوي ووصل إلى حد التراجع عن مفهوم المنطقة العازلة.
 كل هذا بالإضافة إلى مواقفه السّابقة كطرد المكون الاداري والسياسي للمينورسو للضغط على الامم المتحدة، وهذه تراجعات مدعومة للأسف من قبل فرنسا التي تشجعه على عدم التقدم في الحل.
وهنا نطرح التساؤل عن سر هذا الدعم الفرنسي المطلق للمغرب في احتلاله للصحراء الغربية؟ فهل يتعلق الأمر بمصالح ثنائية بين البلدين فقط؟ أم بمصلحة حيوية إقليمية لإطالة أمد النزاع واستخدامه كسلاح للتحكم والسيطرة على المنطقة ككل؟
والمسؤول بالدرجة الاولى عن عودة التوتر وكل قد يترتب عن حالة الجمود هي فرنسا وعن التراجعات وما ستؤول اليه.
المغرب كان مدعوما في السابق من حكومة اليمين بإسبانيا التي سقطت مؤخرا، وهي مناسبة لنا بأن نوجّه نداء إلى الحكومة الاسبانية الجديدة بأن تستغل فرصة القرار 2414، وتقليص مهمة المينورسو لـ 6 أشهر لتساهم حقيقة وتترك بصماتها التي يجب أن تكون مغايرة لسياسات الحكومة السابقة، وتسجّل موقفا مشرفا لإسبانيا التي كانت سببا في المآسي التي يعانيها الشعب الصحراوي وتعاني المنطقة، وتعالج هذا الخطأ التاريخي.
 ❊ بعد أسابيع قليلة، سيعيد الاتحاد الأوروبي صياغة اتفاق جديد للتجارة مع المغرب، في ظل تساؤلات بشأن مدى الالتزام بقرار محكمة العدل الأوروبية من عدمه، كيف تنظر البوليساريو لهذا الملف؟
❊❊ المشكل في المنظمات الدولية، هي بعض الدول وليس كلها، مثلا فرنسا هي العضو الدائم الذي يقف بشكل مفضوح بجانب المغرب، وأي اعتراض «فيتو» يعتبر تعطيل لدور المنظمة، وبالتالي يجب اعتبار الموقف يخص دولة واحدة وليس المنظمة ككل.
نفس الشيء في الاتحاد الاوروبي الفاعل الأكبر هم الفرنسيين والاسبان بالدرجة الاولى، ويدفعون بعض الدول الاوروبية للسير في هذا الاتجاه، وهناك من هو معارض وهو محايد وهناك من يساير ولكن في العمق هو موقف دولتين إو ثلاث التي لها مصالح في صيد السمك ومواقف سياسية للنظام المغربي التي لا تريد أن يقبع في عزلة وتحميه من الهزيمة وتستمر في الدفاع عنه.
ونحيي موقف نائب رئيس البرلمان الأوروبي، الذي قال أنه لن يسمح بالموافقة على اتفاق يضم الأراضي الصحراوية، ونحيي أيضا تجمع أصدقاء الشعب الصحراوي والسلام الصحراء الغربية لتفسير حكم المحكمة الاوروبية وإظهار مواقف البرلمانيين وخطورة اتجاه الاتحاد الاوروبي على التوقيع على اتفاقية تنتهك قرارات المحكمة الاوروبية وقرارات الشرعية.
وستكون هناك مظاهرات شعبية، كي تحترم أوروبا قوانينها، حتى لا يقع التآمر عليها، ونتمنى أن يكون أصوات البرلمانيين تلقى الصدى والنجاح، وتفشل محاولات من يريد التآمر على قرار المحكمة، حتى لا ينال المغرب مزيدا من التشجيع الذي يدفع بالمنطقة إلى مزيد من التوتر.
❊ لجأ المغرب شهر أفريل الماضي، إلى التلويح بشن حرب على جبهة البوليساريو، وجاء رد الأخيرة باستعراض عسكري ضخم في تفاريتي بمناسبة ذكرى اندلاع الكفاح المسلّح، هل هي مجرّد مناورة أخرى أم أن المواجهة المسلّحة واردة في أية لحظة؟
❊❊ البوليساريو لا تريد أن تكون سبّاقة إلى التهديد وإعلان الحرب، وموقفها هو الاستعداد للدخول في مفاوضات والدخول في السلم على أساس البحث عن حل يمكن الشعب الصحراوي من تنظيم استفتاء تقرير المصير.
أما فيما يخص تهديدات المغرب، فهي تبحث أكثر عن محاولات للابتزاز وللضغط ولخلق مواضيع أخرى وجدول أعمال آخر، غير المفاوضات من أجل حل القضية.
واللجوء إلى التهديد يهدف لجعل العالم ينشغل بالتهدئة والبحث عن إرضاء النظام المغربي، لأنه لما نعود إلى ظروف توقيع اتفاق اطلاق النار، نجد أن الحرب انطلقت وكان المغرب لا يعترف بأي حق للصحراويين ويقول موضع داخلي ولا يمكن تدويله.
 ولكن بعد الضربات الموجعة التي تلقاها فرض عليه التراجع وقبل باستفتاء تقرير المصير ووقف اطلاق النار، يعني هو من طالب بوقف اطلاق لأنه تضرر كثيرا، وهذا يمكن أن يتكرر الآن.
 وبالتالي وقف إطلاق النار يخدم المغرب أكثر ممّا يخدم الصّحراويين لأنه يحافظ على هدنة وعلى وضع جامد، والصحراويون موجودين في الملاجئ ويعيشون مآسي، فهو المستفيد مادام لم يحدث تقدما سياسيا في الحل السلمي.
ومن كل ما تمّ الاتفاق عليه طبق فقط وقف اطلاق النار بينما تم تجميد الحل السلمي، وبالتالي لا يجب يستمر هذا الوضع، لأنه إذا لم يتقدم الحل السلمي لن يكون لوقف اطلاق النار معنى.
وعلى الرغم من هذا يحذو للبوليساريو أملا في ظل التحركات الجديدة لمجلس الامن وتعيين مبعوث جديد، وتحديد آجال معينة في أن يكون تقدم أفضل من السنوات السابقة شريطة ألا يترك المغرب على هواه وأن يخضع لضغوط قوية.
❊ كيف تنظرون لدور الولايات المتحدة الأمريكية في تسوية النزاع، في ظل الإدارة الجديدة التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟
❊❊ الولايات المتحدة الأمريكية كانت في السنوات الماضية دائما لها موقفا متميزا عن فرنسا، وأنها تحاول أن تحافظ على نسبة من مصداقية الامم المتحدة، ووصلت في فترات سابقة إلى المطالبة بتمكين المينورسو من آلية لمراقبة حقوق الانسان.
ونرجو أن تلعب دورا في إيجاد الحل بما يحافظ على مصداقية الأمم المتحدة والشرعية الدولية، خاصة وأنها تولت صياغة التوصية رقم 2414، وأن تساهم في تطبيقها.